شهداء نابلس الثلاثة.. الجينات الثائرة

أقلام – مصدر الإخبارية

شهداء نابلس الثلاثة.. الجينات الثائرة، بقلم الكاتب الفلسطيني محي الدين نجم، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

إن المؤشرات التي خلفتها أرواح الشهداء أمس في نابلس وقبلها في جنين، إنما تحدد المعادلة المفروضة من قبل المقاومة في الضفة الغربية، فهنا مقاومون يطورون أسلوبهم وعطاؤهم وفعلهم الذي يُذهل الكيان وهناك مقاومة في غزة تحرس وتساند هذا العطاء، وكأنها معادلة عناصرها لا تقبل ان تكون خاملة إنما تلتحم مشكلة قنابل يًستعصى على المحتل وأعوانه نزع فتيلها، معادلة تكون “غزة “حارسها القوي “وضفة” تصول وتجول وتضرب المعاقل والقلاع في الشمال والجنوب، وأهل القدس وفلسطينيو الداخل يرابطون لمنع المستوطنين من الاستحواذ على الأقصى.
تفاصيل العملية
ففي السادس عشر من رمضان خرج مقاومين متوشحين بأيمانهم الى منطقة الاغوار الشمالية وقاموا بتنفيذ عملية إطلاق نار على ثلاث مستوطنات إسرائيلية منهن “مجندتين” بالقرب من مستوطنة الحمرا، متخطين الرقابة الأمنية المعروفة بذات المنطقة، مع وجود معسكر لجنود الاحتلال في نفس المكان، اعترف الإعلام العبري حينها بان الجيش اكتشف العملية بعد مضي عشرين دقيقة.
انسحب المنفذان من مكان العملية بصمت دون ضجيج تاركين فعلهم وصنيعهم هو العنوان الأبرز بالدفاع عن المسجد الأقصى والرد على الاعتداء السافر من قبل حكومة الكيان العنصرية على الحرائر والمعتكفين فيه، وعلى راسهم وزير الأمن القومي المتطرف بن غفير في الحكومة اليمينية الأكثر عنصرية .
الإعلام العبري نشر ونقلًا عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن هناك جهود واسعة تبذلها أجهزة أمن الاحتلال، للعثور على سيارة منفذي العملية، أو أي من الخيوط التي يصلوا من خلالها إلى بصمات أو هوية ومكان المنفذين، وصودرت الكاميرات المزروعة في ذات المنطقة وعلى امتداد الخط الذي يعود إلى منطقة الفارعة والباذان ونابلس.

محاسبة المنفذين

وقد اعترف قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي يهودا فوكس بفشل الجيش في منع العملية، على الرغم من تعزيزه بقوات من أجل حماية الطرق، في حين هاجمه رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية يوسي داغان قائلا “محاسبة المنفذين ليس المطلوب، وإنما نأمل حربا فعلية”.

وبعد خمسة أيام من العملية تم الكشف وحسب مصادر في الضفة الغربية، عن عثور أجهزة أمن السلطة، على سيارة منفذي العملية، المصادر ذاتها قالت إن أجهزة أمن السلطة وعقب العثور على سيارة المنفذين قامت بتسليمها إلى أجهزة أمن الكيان، إضافة إلى تسليم صور عن المكان الذي تم العثور على السيارة فيه.
وبالامس وبعد مرور 24 يوم من الكشف عن المركبة ؛ دخلت الوحدات الخاصة بأكثر من 200 جندي من الوحدات المدربة للبلدة القديمة وحاصرت منزلا يقطن فيه منفذي العملية، ودارت بينهم اشتباكات عنيفة أستشهد على أثرها المنفذان بالإضافة الى من آواهما.

وقفات

ولنا بعد ما تقدم سابقا وقفات لا بد منها:
نقف مع عظيم صنيع الشهداء الثلاثة : الشهيد البطل معاذ المصري حافظ القرآن ومعلمه والشهيد البطل حسن قطناني والشهيد البطل إبراهيم جبر، هؤلاء الأبطال وكغيرهم من أبطال القسام والمقاومة في الضفة الغربية في الحقيقة هم جنرالات لقنوا وحدات الجيش المدربة وأجهزتهم الأمنية دروسا قاسية ومرغوا أنوفهم بالتراب، تنفيذ للعمليات بشكل سريع وأسلوب جديد بعقلية أمنية واعية لتأخير اللحاق بهم أو اكتشافهم، ثم الاختفاء والتواري عن العيون.
ومن هنا نذكر أن التهديدات التي ينشرها الإعلام العبري على لسان قادة العدو باجتياح شمال الضفة الغربية وتحديدا في جنين ونابلس؛ إنما تعبر عن حالة من التذبذب والحركة الغير متزنة إذ أن بعض قيادات الجيش مع الاجتياح والكثير ضد العملية الواسعة، في حين يقترح الشاباك التشديد وملاحقة الرموز من دون اجتياح، وكل ذلك ووزير الحرب غالينت في حيرة من أمره.
وإن كان هناك تنسيق على أعلى المستويات بين الكيان وأجهزة السلطة، ووحدات قوية لدى الكيان( وحدة سايبر ووحدات بحرية وجوية وبرية من اقوى الوحدات تدريب وعتاد وإسناد)، وحدث ولا حرج عن الطائرات المسيرة ومناطيد المراقبة، والعملاء والجواسيس، ومع كل ذلك ينزل المجاهد عاقرا فرسه ممتشقًا بندقيته يغلق الشوارع والأحياء في عقر ديارهم، وينسحب بعد ان يُعمل فيهم قتلا ويُثخن الجراح.
إن المقاومة في الضفة الغربية لا ينقطع عطاؤها حتى وكأن الجينات المقاومة تخرج من فوهات براكين الغضب، تحرق غرقدهم وتلاحقهم ليس فقط خلف الأشجار والحجار، وإنما تلاحقهم حتى في بؤر قوتهم وحصونهم الواهية، فهم في حقيقة الامر اوهن من بيوت العنكبوت حين تشتد الضربات عليهم فيتنادون للملاجئ يختفون عن الأنظار حتى لا ينزل غضب الله عليهم.

نقاط مهمة

ولتدارك الأخطاء القاتلة التي تحدث هنا وهناك، ومع ازدياد الدفع والتحريض على الإعلام العبري للقيادة السياسية والأمنية، وجب التنويه هنا إلى بعض النقاط الهامة جدا:
أولا: يراهن قادة الكيان دائما على أخطاء المقاومين؛ والتي منها استخدامه للاتصالات والدخول على حسابه على النت، أو نشر صوره منه او من غيره، ومنها تحركه المشبوه وخروجه من مخبأه.
ثانيا: الحذر من نشر الشائعات او تناقل الاخبار عن المقاومين، او نشر صورهم او عمل اللقاءات الصحفية معهم .
ثالثا: من الضروري جدا معرفة المنطقة التي يتنقل فيها المقاوم، والابتعاد عن المراكز المشبوهة والساقطة امنيا.
رابعا: ظاهرة المطاردة لها ما لها وعليها ما عليها، وليس كل مقاوم يجب ان يكون مطارد، ومن الواجب ان يكون المقاوم على دراية ووعي امني.
خامسا: الرصد وتسجيل البيانات ودراستها يعطي نجاحا للعمل المقاوم، ويجنب المخاسر عند تنفيذ أي عمل مقاوم.
سادسا: يقود الاعلام العبري ضباط كانوا يعملون في أجهزة امن الكيان، لذلك لا ينشر أي مادة إعلامية الا وكانت الرقابة الأمنية حاضرة، ويسعى هذا الاعلام في بعض الأحيان الى إرسال رسائل تهدف للإيقاع بالمقاومين، ونشر التضليل والكذب واضعاف الروح المعنوية للمقاومين وحاضنتهم الشعبية.