فبهداهم اقتده: خضر عدنان شهيدًا.. شهيدًا.. شهيدًا

مقال- خالد صادق

يقول المولى عز وجل «أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ» انه نصر كنا نتوقعه, فشهادته نصر لان الشيخ خضر عدنان لا يعرف الا النصر, ستة إضرابات عن الطعام خاضها ضد الاحتلال بأمعائه الخاوية, وانتصر في جميعها, لا يعرف الهزيمة, وليس لديه أي سبيل للمهادنة مع الاحتلال الصهيوني, بل مواجهته بكل شراسة, كيف لا وهو الذي قالها بوضوح «كرامتنا اغلى من الطعام», انتصاره تحقق في رعب الاحتلال وحالة الاستنفار والخوف والفزع وفتح الملاجئ لقطعان المستوطنين ونشر القبة الحديدية في الأراضي المحتلة عام 48م نصره تحقق في وحدة موقف الاسرى بمواجهة السجان, والاعلان عن خطوات احتجاجية لمواجهة سياسة القتل الممنهج التي يمارسها الاحتلال الصهيوني بحق الاسرى, نصره تحقق بوحدة الموقف الفلسطيني والاجماع على ضرورة الرد على هذه الجريمة, بغض النظر عن موقف سلطة محمود عباس المسكونة بالهزيمة والتي تغرد دائما خارج السرب, نصره تحقق بوحدة الساحات التي ترد على جريمة اغتياله بالعمليات البطولية ومهاجمة مواقع الاحتلال واستهدافها, وقطع الطرق على قطعان المستوطنين الذين اختفوا من شوارع الضفة بعد ان ايقنوا انهم هدف لشعبنا الذي لن يرحمهم على جريمتهم بحق الشيخ خضر عدنان, مخطئ الاحتلال ان كان يظن ان دماء الشهيد خضر عدنان ستذهب هدرا, وانه لن يتم الرد على هذه الجريمة, فتلاميذ خضر عدنان في كتيبة جنين الذين تربوا على مائدة الثورة التي كان يزرعها فيهم خضر عدنان, ويقتاتون من ثورته الجامحة سيذيقون الاحتلال الويلات, وكذلك كتيبة نابلس وطولكرم, وسلفيت, وطوباس, وجبع وكل الكتائب المنتشرة في عموم الضفة, ليس هذا فقط, انما للشيخ عدنان له باع في كل اجنحة المقاومة الفلسطينية كعرين الأسود وغيرها, لأنه كان وحدويا, وخطابه وحدوي, ويقف مع الجميع دون تصنيف حزبي.

غاب الشهيد خضر عدنان بجسده, لكنه لم يغب بثورته, لقد أسس لحاضنة شعبية عريضة للمقاومة الفلسطينية في كل مدن الضفة الغربية, واستطاع ان يؤسس لحالة التلاحم بين المقاومة والحاضنة الشعبية, وجسد فعليا هذه الحالة من خلال الدعوة للفعاليات التضامنية مع الاسرى, والدعوة للمشاركة في مواكب تشييع الشهداء, والدعوة لإحياء المناسبات الوطنية, كانت خطاباته الثورية تبث الروح الوثابة في نفوس الفلسطينيين, وتنبئ بتدشين مرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال الصهيوني, مرحلة تتسم بالفعل الثوري المقاوم للاحتلال, فلبست جنين ونابلس والخليل واريحا وغيرها من المدن الفلسطينية ثوب الحرية, وتصدت للاحتلال الصهيوني ببسالة, وكانت العمليات البطولية سواء العمليات الفردية او المنظمة نذير شؤم على الاحتلال, الذي بات يدرك ان حكومته اليمينية الصهيونية المتطرفة تخدعه, ولا تستطيع ان توفر له ادنى قواعد الامن والأمان, فوصلت العمليات الى قلب تل ابيب حيث شارع ديزينغوف, وتم استباحة مغتصبات الاحتلال في الضفة, وشهدت القدس المحتلة عمليات فدائية نوعية ارهقت الاحتلال, واصابته بالرعب والفزع, وبات الإسرائيليون يبحثون عن مخرج وحل لتصاعد العمليات الفدائية, وسادت حالة من تبادل الاتهامات بين حكومة الصهيونية الدينية, وحكومة نفتالي بينت التي اتهمها نتنياهو بأنها افقدت «إسرائيل» صورة الردع بأدائها الضعيف والباهت في التعامل مع الفلسطينيين, ووجهت المعارضة اتهامات عنيفة لحكومة نتنياهو بالفشل الذريع في توفير الأمان للإسرائيليين, واهتزاز صورة الجيش الذي لا يقهر, وبدا للجميع ان «إسرائيل» تعيش أزمات حقيقية على المستوى الداخلي والخارجي, وصفها ما يسمى برئيس دولة الكيان إسحاق هرتسوغ، إنّ «إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي، في مرحلة صعبة، وأزمة داخلية عميقة وخطيرة تهددنا جميعاً», وهذا جاء بفضل القادة العظام من أمثال الشيخ الشهيد خضر عدنان .

خضر عدنان كان يتوقع ان يكون شهيدا, وقد تحدث عن ذلك مرات ومرات, ورغم ذلك لم يتراجع عن طريقه, ولم يفت ذلك في عضده, خضر عدنان كان شهيدا حيا, كما كل القادة العظام الذين هم شهداء احياء منهم من قضى نحبه, ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا, الاحتلال يهدد بالعودة الى سياسة الاغتيالات, وقد بدأها باغتيال الشهيد القائد خضر عدنان, الذي القاه في الزنزانة وحيدا بعد ستة وثمانين يوما من اضرابه المفتوح عن الطعام, وكأنه يلقيه في قبره, قال الاحتلال بكل بجاحه وصلف وعنجهية, انه فتح الزنزانة على الأسير خضر عدنان فوجده مغشيا عليه وعندما قام بنقله للمشفى ومحاولة اسعافه كما يدعي وجدوه ميتا, فهل هناك ابشع من هكذا جريمة, رجل مضرب عن الطعام لستة وثمانين يوما, يتم وضعه في زنزانة انفرادية, وليس في مشفى او حتى عيادة طبية, لم يرافقه احد في زنزانته, والهدف الواضح كان القتل مع سبق الإصرار والترصد, والا كان الاحتلال قد وضع مرافقا له او نقله لعيادة السجن تحت رقابة السجانين هناك, لكن النوايا كانت واضحة, والهدف والغاية هي افشال معركة الشيخ خضر عدنان الذي تصدى لسياسة الاعتقال الإداري, وحقق فيها إنجازات وانتزع حريته بإضرابه عن الطعام, وهو أسس أيضا لإفشال سياسة الاعتقال التعسفي الامر الذي جعل الاحتلال يغامر بقتله واغتياله, خوفا من ان تصبح هذه سياسة سائدة, يسلكها الاسرى بشكل ممنهج, وتصبح نهجا للأسرى الاحرار, لكن الاحتلال خسر أيضا هذه المعركة فاستشهاد خضر عدنان يعني بداية مرحلة جديدة لمواجهة الاعتقال التعسفي الصهيوني, فبهداه اقتده, واسلك سبيلا مزروعا بالنصر لا يعرفه الا الاحرار والثوار.