صدام بايدن ونتنياهو بشأن الإصلاحات القضائية.. لماذا كان حاداً؟

 صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

يبدوا أن الصدام بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو حول الإصلاحات القضائية الناشئة في إسرائيل وصل إلى ذروته، خاصة مع إصرار تل أبيب على المضي قدماً في الإصلاحات، ودعوات واشنطن للوصول إلى حل وسط يبعدها عن الانقسامات الداخلية، والظهور بأنها دولة غير ديمقراطية.

انتقاد بايدن يوم مساء أمس الثلاثاء 29 آذار(مارس) لبنيامين نتنياهو وأنه لن يُدعى إلى البيت الأبيض قريبًا، لم يسمع من فمه تجاه أي زعيم حليف للولايات المتحدة من قبل.

وقوبلت كلمات بايدن بهجوم من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وقال إن “إسرائيل مستقلة عن الولايات المتحدة، وليست مجرد نجمة أخرى على العلم الأمريكي”.

وتعتبر كلمات بايدن مقلقة لإسرائيل كونها صدرت عن شخصية أكثر اعتدالاً ومحبة لها في الحزب الديمقراطي الأمريكي، خاصة وأنه يعرف نفسه بأنه صهيوني، وأعرب مراراً وتكراراً بأنه “لن يكون قادراً على تحمل إلحاق الضرر بالدمقراطية” وفقاً لتتعبره.

ويقول محللون سياسيون إن “إعلان نتنياهو إقالة وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت على خلفية تأييده لوقف مشروع قانون الإصلاحات كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير للرئيس بايدن وخوفه الحقيقي تجاه المسار الديمقراطي في إسرائيل”.

ويعتبر بايدن الرئيس الرابع الذي يدخل معه بنيامين نتنياهو في مواجهة، وكان من قبله بيل كلينتون وباراك أوباما، عندما إدعى أنهما حاولا التدخل في الانتخابات الإسرائيلية والإطاحة به من السلطة، ودونالد ترامب عندما انفجر به قال إن “نتنياهو كاذب ويمارس الجنس مع نفسه”.

ويقول المحلل طلال عوكل إن “الأزمة الداخلية في إسرائيل على خلفية الإصلاحات ذات أبعاد كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي”.

ويضيف لشبكة مصدر الإخبارية أنه” على المستوى الداخلي وصلت الخلافات حول الإصلاحات القضائية لاعتداء الإسرائيليين على بعضهم البعض، والوصول إلى حد العصيان المدني وإغلاق دوائر الاقتصاد وتعليق العمل في المؤسسات وصولاً إلى نشاطات الجيش الإسرائيلي”.

ويتابع أنه “على المستوى الخارجي بايدن منزعج من عدم اهتمام الحكومة الإسرائيلية بنظرة العالم لها، خاصة وأن جميع التحذيرات أشارت إلى إمكانية تقويض الديمقراطية، وشكل إسرائيل أمام بلدان العالم بأنها دولة قائمة على الحرية ومبادئ الديمقراطية”.

ويبين عوكل أن “الولايات المتحدة تخشى بأن يربك الانقسام الداخلي في إسرائيل علاقاتها مع دول العالم خاصة البلدان الأوروبية الحليفة لواشنطن”.

ويشير إلى أن “الولايات المتحدة تشعر بأن نتنياهو يتصرف كتمرد على وصايتها على إسرائيل وقيادتها للعالم من خلال عدم الإصغاء لتحذيراتها ونصائحها في ظل ظروف عالمية صعبة”.

وينوه إلى أن “الإدارة الأمريكية كانت على مدار السنوات الماضية ترضخ لمطالب نتنياهو لكن هذه المرة الأزمة صعبة كونها تتعلق بشؤون إسرائيلية داخلية لها انعكاسات خارجية، كون اللوبي الصهيوني يشكل ثقلاً في الولايات المتحدة”.

ويلفت عوكل إلى “قوة إسرائيل والموقف الدولي تجاهها يستندان بشكل مباشر إلى التحالف القوي بينها وبين الولايات المتحدة”

ويؤكد على أن “الولايات المتحدة الوحيدة القادرة على ارغام إسرائيل على تغيير سياساتها كون واشنطن تنظر لها أنها جزء من مشروع استعماري أوروبي أمريكي في المنطقة”.

من جهته يقول المحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن “الولايات المتحدة تروج لإسرائيل في العالم الغربي على أنها الدولية الوحيدة الديمقراطية وتحرص على عدم تغيير هذه الصورة”.

ويضيف إبراهيم لشبكة مصدر الإخبارية أن “واشنطن ترى بتل أبيب يدها العليا بالشرق الأوسط وتسخر لها كافة الإمكانيات لتكون رائدة الدول بالمنطقة وتحرص على عدم حدوث أي شرخ داخلي فيها قد يؤثر على مستقبلها”.

ويشير إبراهيم إلى أن “نتنياهو في المقابل لا يريد تدخلاً من أي طرف حتى لو كان من حليفه الأول الولايات المتحدة التي تمنحه ماء الحياة، رغبتاً في الاستمرار في بقاءه في السلطة”.

وينوه إلى أن “واشنطن حريصة على إظهار إسرائيل بأنها نافذة أوروبا في الشرق الأوسط من حيث حقوق الأفراد والحريات وتستحق كل الدعم والاهتمام مقارنة بالدول العربية القائمة على الانقلابات العسكرية والقمع”.

ويؤكد على أن “بايدن يسعى أيضاً لعدم إظهار إسرائيل أمام دول العالم ضعيفة خاصة في ظل التمدد الإيراني في المنطقة وإعادة العلاقات الإيرانية مع السعودية، ومسار التطبيع العربي”.

ويشدد على أن استمرار الضغط الأمريكي على نتنياهو ناتج عن فهم من أن رئيس وزراء الاحتلال أجل مشروع قانون الإصلاحات القضائية لإعادة ترتيب أوراقه وتمريره بطرقة ما، مرجحاً أن تجميد المشروع جاء بتوجيهات أمريكية مباشرة.

اقرأ أيضاً: “لا يمكن مواصلة هذا المسار” بايدن ينتقد نتنياهو والأخير يرد