محللون يكشفون لمصدر تفاصيل خطأ قاد لانهيار كبرى البنوك في الولايات المتحدة

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

أثار انهيار ثلاثة من أكبر في الولايات المتحدة الأمريكية (سيليكون فالي وسيجنتشر وسيلفرغيت) خلال أقل من أسبوع حالة من الهلع في الأسواق والمصارف العالمية، وصل صداه إلى رائدة التكنولوجيا الفائقة في الشرق الأوسط (إسرائيل)، وصولاً إلى البلدان الإسكندنافية (السويد)، وسط تحذيرات من انهيارات واسعة في الأسهم حول العالم.

شرارة الهلع بدأت بانهيار انهيار سيليكون فالي في السادس من آذار (مارس) الجاري، عقب الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي المقدرة بسبع ارتفاعات منذ مارس 2022 وصولاً لوقتنا الحاضر.

ووفق محللين اقتصاديين فإن “الأزمة نتجت بشكل أساسي منذ بدء سياسات رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، ما أجبر البنوك المنهارة على دفع فوائد أعلى للمودعين البالغة قيمة ودائعهم لنهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي”.

وتقوم فكرة عمل البنوك المذكورة، على استقبال الودائع من العملاء مقابل فائدة محددة، ويقوم بدوره باستثمار الودائع في قروض بفوائد وتمويل مشاريع ناشئة عالية المخاطر، ذات عوائد كبيرة، بهدف تحقيق إيرادات وأرباح تنتج عن الفرق في الفرق بين نسب القروض والايداعات.

ويقول المحلل الاقتصادي خليل النمروطي إن “نسبة الفائدة كانت في العام 2019 تتراوح بين 0.25 و0.5% لكنها وصلت مع رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة إلى 4.75% ما يعني أن البنوك أصبحت تدفع فوائد كبيرة للمودعين مقارنة بالسنوات الماضية ما تسبب بانهيارها”.

ويضيف النمروطي لشبكة مصدر الإخبارية أن “البنوك وصلت لمرحلة العجز في دفع الفوائد للمودعين، ما دفعها في البداية إلى اللجوء لبيع السندات لسد الفجوة لكنها لم تنجح باستيفاء جميع المبالغ المالية الخاصة بهم”.

ويشير إلى أن ” إعلان أولى البنوك المنهارة سيليكون فالي عن بيع سندات خلقت نوعاً من الخوف الكبير لدى المستثمرين والشركات المودعة لأموالها خاصة مع بدء انهيار أسهمه المدرجة في بورصة وول ستريت في الولايات المتحدة، ما دفعهم للمسارعة في سحب أموالها من محفظة البنك”.

وبلغت قيمة سحوبات المودعين من بنك سيليكون فالي قرابة 40 مليار دولار خلال يوم واحد ما تسبب بسقوط حر لأسهمه في البورصة.

ويتابع أن “إدارات البنوك فشلت في إدارة الأزمة وفضلت إعلان الإفلاس ما تسبب أيضاً لمسارعة المودعين للمطالبة بسحب بقيمة أموالهم، وإمداد الأزمة لتطال بنوك أخرى قائمة على نفس آلية العمل”.

وأكد النمروطي أن “التدخل المباشر والسريع من وزارة الخزانة الأمريكية ومؤسسة التأمين الفيدرالية على الودائع ورسائل الطمأنينة التي حملوها للمودعين، منع انهيار عدد أكبر من البنوك، لكن الضوء مسلط حالياً على الفيدرالي الأمريكي الذي أصبح عاجزاً عن أي تدخلات في أسعار الفائدة خشية حدوث انهيارات جديدة، وأن مستقبل خفض التضخم على المدى القريب سيكون قاتماً”.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية ومؤسسة التأمين الفيدرالية على الودائع، أعلنوا فور الأزمة، الاستحواذ الودائع الخاصة بالبنوك المنهارة، وأن عملاءها سيحصلون على أموالهم.

وفي أعقاب الانهيار، كشف الفيدرالي الأمريكي عن برنامج قروض طارئ جديد لتعزيز قدرة النظام المصرفي الأمريكي وضمان قدرة البنوك على تلبية احتياجات جميع المودعين.

وأعلنت الخزانة الأمريكية عن تقديم 25 مليار دولار من صندوق استقرار الصرف كدعم لأي خسائر محتملة عن الانهيار.

من جانبه، قال المستشار المالي محمد سلامة، إن “البنوك المنهارة وفي مقدمتها سيليكون فالي ارتكبوا أحد الأخطاء البديهية الغير وارد ارتكابها لدي أي مؤسسة مالية أو بنك من خلال شراء سندات ذات عائد منخفض على مدار معدل سنوي يصل إلى ثلاثة سنوات و6 أشهر”.

وأضاف لشبكة مصدر الإخبارية أنه “مع بدء الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة لجأوا للاقتراض على المدى القصير مقابل فائدة أعلى من العائد على السندات ما خلق عجزاً وتكبدها خسائر خاصة مع انخفاض سعر السندات”.

وأشار إلى أن ” بنك سيليكون فالي الذي قاد الانهيارات لجأ إلى خطأ من خلال طرح أسهم للاكتتاب العام بقيمة 2.25 مليار دولار لتغطية خسائره بدون توضيح إعلامي للعملاء يقودهم نحو تهدئة مخاوفهم ما خلق حالة من الذعر، وفهمهم أنه يمر بأزمة سيولة خانقة”.

وبين سلامة أن “المتضرر الأكبر من انهيار البنوك الثلاثة المذكورة، المودعين والشركات المرتبطة بالتكنولوجيا وقطاع التشفير التي تستحوذ على النسبة الأكبر من الإيداعات فيها حال لم يحصلوا على كل أموالهم”.

ويتابع أن “خريطة الأموال المودعة في البنوك المنهارة موزعة على عدد كبير من بلدان العالم بما فيها إسرائيل التي يعتمد اقتصادها بدرجة أولى على التكنولوجيا الفائقة (الهايتك)”.

واستبعد سلامة أن تطال أزمة البنوك المنهارة القطاع المصرفي الأمريكي بالكامل كونها تختص بسياسة خاطئة لأحد البنوك (سيلكون فالي) بعد توقعه استمرار رفع الفائدة التي أثرت فقط على بعض المصارف الشبيهة به”.

وأكد على أن “رفع الفائدة يشكل فرصة مواتية للمصارف الأخرى لرفع أرباحها كون استراتيجية عملها تختلف عن البنوك المنهارة”.

وشدد على أن “أخطاء البنوك السبب الرئيس في خسائرها، وهو ما ظهر جلياً إثر اعلان هيئة الاستثمار السعودية التي تمتلك 10% من أسهم كريديت سويس السويسري بأنها لن تضخم أموالاً جديدة ما تسبب بانهيار 10% من أسهمه”.

ونوه سلامة إلى أن “تجاوز بديهيات العمل المصرفي من قبل البنوك والسباحة ضد التيار ومخالفة التوقعات وغباء الادارات سبب رئيسي في انهيارها وفقاً لتقديره”.

وبلغت سحوبات شركات التكنولوجيا الإسرائيلية من أموالها المودعة في بنك سيليكون فالي وحده قرابة مليار دولار خلال يومين.

وعلى صعيد الخسائر، بلغت خسائر أكبر صندوق تقاعد في السويد” Alecta” قرابة مليار دولار نتيجة انهيار أسهم البنوك الثلاثة، حيث كان يعتبر رابع أكبر مستثمر في بنك سيليكون فالي، والسادس في سيجنتشر.

يذكر أن إجمالي الأموال التي كانت تديرها البنوك المنهارة 333.4 مليار دولار أمريكي، بواقع 212 في محفظة سيليكون فالي، و110 في سيجنتشر و11.4 في سليفرغريت.

اقرأ أيضاً: الأسهم الأوروبية تتراجع على خلفية القلق في القطاع المصرفي بأمريكا