القمة قبل 20 عاماً.. اجتماع العقبة “كلاكيت” ووعود لألف مرة

خاص – مصدر الإخبارية 

تتجه الأنظار اليوم الأحد، 26 شباط (فبراير) 2023، إلى مدينة العقبة الأردنية، حيث يعقد اجتماع سياسي أمني فلسطيني إسرائيلي، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية والأردن ومصر، لبحث ملفات راهنة متعلقة بالوضع الأمني بالضفة المحتلة، فيما بات يعرف إعلامياً بـ “اجتماع العقبة”.

وتزامناً مع الاجتماع غير واضح الأهداف، نعود بالذاكرة إلى الرابع من يونيو (حزيران) 2003، حيث احتضنت المدينة الأردنية ذاتها، قمة ثلاثية، جمعت الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، ورئيس الوزارء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (كان في ذلك الحين يتولى منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات).

وبين “اجتماع العقبة” اليوم و”قمة العقبة” 2003 ثمة روابط وتشابهات متعلقة بالمكان أولاً، ومن ثم بالأهداف والملفات المطروحة على طاولة النقاش، وهناك رابط استثنائي متعلق بشخص بعينه، وأيضاً بردود الفعل الفلسطينية تجاهها.

وتفسيراً لما ذكر سابقاً، كانت قمة العقبة 2003 تهدف لبحث تنفيذ خطة السلام والمعروفة باسم “خارطة الطريق”، وهذا هو الهدف المبهم المعلن عنه رسمياً حينها، لكن بالنظر إلى خطابات الرؤساء المشاركين في القمة نجد أنه كانت هناك أهداف أخرى وراء ذلك المسمى، فجاء في خطاب الرئيس عباس حينها أن “السلطة الفلسطينية ستبذل الجهود كافة، وستستخدم كل إمكاناتها لتنتهي عسكرة الانتفاضة”.

وأضاف الرئيس عباس حينها أن “الانتفاضة المسلحة يجب أن تنتهي، وعلينا أن نستخدم الوسائل السلمية في سعينا لإنهاء الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين وبناء الدولة الفلسطينية”.

وأشار الرئيس عباس أيضا إلى ما وصفه “عذابات اليهود على مر التاريخ، وحان الوقت لإنهاء كل هذه المعاناة”.

وجاء في بيان مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون: “يعلن مكتب رئيس الوزراء أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح تماما من بين شروط أخرى، وأن هذه الدولة ستكون وطنا لفلسطينيي الشتات، وأن اللاجئين الفلسطينيين لن يُسمح لهم بدخول الأراضي الإسرائيلية”.

واليوم، بعد مرور نحو 20 عاماً على قمة العقبة، تعود البقعة الجغرافية ذاتها لتشهد نقاشاً حول ملفات شبيهة لما تم طرحه سابقاً، بطريقة تثبت فشل ما تم الاتفاق عليه بين عباس وشارون وبوش.

اجتماع العقبة 2023، يأتي أيضاً لبحث خطة أمريكية لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة التي نشطت في شكل لافت وكبير، خاصة في مدن الشمال (نابلس، وجنين)، وفق ما ذكرت وسائل إعلام عبرية، وهنا رابط بين ما أعلن عنه عباس قبل عقدين حول نزع السلاح وإنهاء عسكرة الانتفاضة، التي يخشى الاحتلال أن تندلع مرة ثالثة في الضفة.

وفلسطينياً، لم يأتِ الإعلان عن ملفات العقبة 2023، بتلك الشاكلة التي أعلنت عنها مصادر عبرية، وأيدّها محللون، حيث قالت الرئاسة الفلسطينية إن “وفدها المشارك في اجتماع العقبة سيشدد على ضرورة وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقات الموقعة تمهيدا لخلق أفق سياسي”.

فيما قال مسؤول فلسطيني إن هدف اجتماع العقبة “التوصل إلى تفاهمات حول فترة انتقالية تضمن وقف إسرائيل الإجراءات الأحادية كافة، من استيطان وهدم واقتحامات، لمدة 6 أشهر يتمّ خلالها التحضير للتهدئة والانتقال إلى مسار أكثر اتساعا”.

وبين “العقبتين”، يرى مراقبون أن ثمة رابط متعلق بمسؤول لم يتغير توجهه السياسي منذ أكثر من 20 عاماً، وكما كان عام 2003 ممثلاً رسمياً عن الطرف الفلسطيني، بصفته (رئيساً للوزراء حينها)، يعتلي اليوم عباس سدة الحكم رئيساً لدولة فلسطين، وبطبيعة الحال كان قرار المشاركة في اجتماع اليوم مبني على قناعات لم تتغير.

الرئيس عباس كلف كل من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، ومدير المخابرات ماجد فرج، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومجدي الخالدي مستشاره الدبلوماسي، ليحملوا الرسالة ذاتها، التي تلاها قبل 20 عاماً أمام المجتمعين، التي تدور في مجملها حول القضاء على الكفاح المسلح ضد الاحتلال وتعزيز التنسيق الأمني معه.

على المستوى الشعبي والفصائلي، وعلى رغم أن ردود الأفعال لم تختلف كثيراً، في كلتا الحالتين، بالاحتجاج على عقد “العقبتين”، إلا أن اجتماع اليوم أتى ليعمّق جراح الفلسطينيين بعد مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في البلدة القديمة في مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة الأربعاء الماضي، راح ضحيتها 11 شهيداً وعشرات المصابين.

من جانبها، وصفت الفصائل الفلسطينية في غزة المشاركين في الاجتماع بالخارجين عن الإجماع الوطني، وأكدت أنها ستعقد اليوم اجتماعا طارئا بغزة.

واعتبرت حركة الشبية الفتحاوية- إقليم جنين أن جلوس السلطة مع الاحتلال على طاولة واحدة خاصة بعد الأيام القليلة من المجازر التي ارتكبها في مدننا الأبية، وبعد قرارات توسيع الاستيطان، وصمة عار في تاريخ النضال الفلسطيني الطويل وضربا بعرض الحائط لأمال شعبنا وتطلعاته وتقزيما لتضحياته

واليوم، وعلى وقع ازدياد وتيرة البناء الاستيطاني في الضفة والقدس المحتلتين، ومجازر الاحتلال التي تزداد شراسة وإجراماً يوماً تلو الآخر، وعلى صدى صوت الأسرى المنتفضين خلف جدران السجون الرطبة، تبقى مثل هذه الاجتماعات مثل الدوران في حلقة مفرغة لا مستفيدَ منها سوى الاحتلال ومناصريه وداعميه.

اقرأ/ي أيضاً: لماذا المقاومة الفلسطينية على المحك عقب العملية الصهيونية في نابلس؟

Exit mobile version