عمليات المقاومة الفردية.. كيف أصبحت كابوساً يطارد إسرائيل؟

مقال- ماهر سامي الحلبي

تتوالى عمليات المقاومة الفلسطينية في القدس المحتلة وباقي ربوع الوطن الحبيب فلسطين في إطار الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومجازره، التي يقترفها كل يوم، وكان آخرها الجريمة التي ارتكبها في عقبة جبر، جنوب مدينة أريحا، وارتقى خلالها 5 شهداء فلسطينيين.

ما يقوم به الاحتلال في كل المناطق المحتلة يؤكد وحدة الساحات، كما حدث من استهداف صهيوني لكل الساحات الفلسطينية القدس وجنين ونابلس وغزة في آن واحد، ففي نابلس حصار واشتباك وتبادل لإطلاق النار وشهداء وجرحى، وفي جنين مداهمات واعتقالات وإصابات، في القدس هدم للبيوت واعتقالات، لكن ممارسة الضغط على المقاومة الفلسطينية لوقف عملياتها ضد الاحتلال لن تجدي نفعاً، نظراً لتواصل الاحتلال في عدوانه على كل ما هو فلسطيني، وتدنيس المستوطنين للمقدسات الإسلامية.

سياسة القتل والاستيطان

جاءت عملية القدس التي نفذها الشهيد “حسين قراقع” حيث قام بدهس مجموعة من المستوطنين وقتل على أثرها 3؛ لتؤكد على وحدة الساحات في الرد على جرائم الاحتلال، وسبقتها عملية فدائية نفذها الفارس المقدام خيري علقم في قلب الحي الاستيطاني، شمالي القدس المحتلة؛ رداً على مجزرة الاحتلال في جنين التي أودت بحياة 10 شهداء.

من هنا يمكن قياس حجم الرد الفلسطيني على تلك الجرائم من خلال مقولة “العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم”، أي كُلما زادت حدة الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني؛ فإن حجم الانتقام والرد عليها سيكون أكبر، فالشعب الفلسطيني لا ينسى دماء شهدائه، ويثأر لها في الوقت والمكان المناسبين.

تأتي هذه العمليات أيضاً في إطار الرفض الفلسطيني لخطة حكومة نتنياهو، المتمثلة في شرعنة عشرات المستوطنات، والعمل على بناء نحو 9 وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

عمليات المقاومة الفردية

نشطت في الآونة الأخيرة العمليات الفدائية التي نفذها الأبطال بمبادرة من تلقاء أنفسهم، من دون تبنٍ من فصائل المقاومة الفلسطينية لها.

إن قيام العديد من الشباب الفلسطيني بتنفيذ مثل هذه العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الأراضي الفلسطينية، يُدلل على حدة الصراع واستمرار نهج المقاومة، كما أن تنوع عمليات المقاومة الفدائية بين المنظمة والفردية يؤكد أهمية كل منها في عملية التحرر الوطني من الاحتلال الإسرائيلي.

رافقت أعمال المقاومة الفردية النضال الفلسطيني منذ بدايته، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، فلم تمر فترة لم تنفذ فيها مثل هذه المقاومة، ولكن الجديد أن هذه الأعمال غدت في الأعوام الأخيرة أسلوباً جديداً مُشجعاً ومحفزاً للانتقام؛ يُمارسه الشباب الفلسطيني نتيجة حالة القهر من حجم الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بشكل يومي بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة.

يُطلِق الاحتلال الإسرائيلي على المقاومة الفردية مسمى “الذئاب المنفردة”، ونحن الفلسطينيين نقول لهم بل هم “الأسود المنفردة”، حيث تحولت عملياتهم بشكل نوعي يختلف عما كان الأمر عليه في السابق إلى ظاهرة منذ عام 2015م، عندما نفذ الشهيد مهند الحلبي عملية فدائية بمفرده، ثم توالت بعدها العمليات لأكثر من عام، ثم هدأت قليلاً.

لكن مع ازدياد الهجمة الإسرائيلية وارتكاب الجرائم ضد شعبنا الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى تصاعد موجة العمليات مرةً أخرى، فقد تم تنفيذ سلسلة من العمليات الفردية من خلال استخدام السكاكين والسيارات للدهس وغيرها.

تغول حكومة نتنياهو

فمنذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو؛ زادت العمليات الإجرامية ضد الفلسطينيين، فقد عملت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على تبني سياسة الإرهاب ضد الكل الفلسطيني، متمثلة في الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى وممارسة السجود الملحمي فيه من قِبل قُطعان المستوطنين، استمراراً في نهج تدمير المنازل في القدس المحتلة والضفة الغربية، مروراً بالقتل والاعتقال للفلسطينيين، جميع هذه الجرائم تسير وفق مخطط مدروس وممنهج للحكومة الإسرائيلية، ولا سيما من قِبل المتطرف “ايتمار بن غفير” وزير الأمن القومي الإسرائيلي. لكن هذا التحريض الذي يقوم به “بن غفير” ستجني ثماره “إسرائيل” عما قريب، حيث إن بقعة الزيت تتسع يوماً تلو الآخر، من خلال ما تقوم به في صبّها الزيت على النار الفلسطينية التي ستستعر وتُحرق موقدها.

لذا، يمكن القول إن العمليات البطولية ستُفشل حسابات الخطوط الحمراء لدى الكيان الإسرائيلي، وستضع حدّاً لسياسة القتل وجرائم الإرهاب التي يُمارسها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، كما أن استمرار العمليات الفدائية وتصاعدها في الضفة الغربية والقدس المحتلة تُظهر مدى حيوية المقاومة وحضورها الدائم كخيار استراتيجي لشعبنا الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والرد على عدوانه وجرائمه المتكررة، فما دام هناك احتلال جاثم على الأراضي الفلسطينية؛ فلن يهدأ الصراع، ولن تنعم اسرائيل بالأمن والأمان.