جرائم الإعدام - جثامين الشهداء الفلسطينيين

جرائم الإعدام واغتيال الفلسطيينين.. سياسة الاحتلال المتواصلة وآخرها تصفية الشاب عريقات

ساره عاشورخاص مصدر الإخبارية

يواصل الاحتلال الإسرائيلي استخدامه سياسة جرائم الإعدام واغتيال الفلسطينيين وقتلهم بدم بارد، دون أي رادع أو أي عقاب، فقد شهد عصر يوم الثلاثاء 23 يونيو، جريمة جديدة بحق الشاب أحمد عريقات 27 عاماً، الذي كان متحمساً للاحتفال بزفاف شقيقته، فطالته رصاصة الاحتلال على حاجز الكونتينر (بين القدس وبيت لحم)، بالذريعة ذاتها وهي تنفيذ عملية دهس.

في التفاصيل، يقول أحد أقارب الشهيد أحمد عريقات، أنه في اليوم ذاته كان الشاب متوجهاً ليحضر شقيقته العروس ووالدته من إحدى صالونات التجميل في بيت لحم، لينقلهم إلى مدينة القدس حيث كان من المقرر إقامة الاحتفال هناك.

وللوصول إلى مدينة بيت لحم كان على أحمد المرور أولاً بحاجز “الكونتينر” حيث يقيم الاحتلال في تلك المنطقة نقطة عسكرية ويقوم بعمليات تفتيش للفلسطينيين قبل مرورهم من مدينة لأخرى، ولكن توتر الشاب عريقات وحماسه واستعجاله للوصول للفرح والمعازيم، دفعه لأن يشعل ويطفئ مصابيح السيارة التي كانت تقله كما وأخذ يقرع جرسها، في وسيلة كان يعتقد أنها ستعجل في مروره ووصوله لأمه وأخته.

ولكن الاحتلال أبى إلا أن يقتل فرحتهم ويحولها إلى مأتم، فأطلق أحد جنوده النار صوب الشاب أحمد، فأصابته، بذريعة “الشك” أيضاً في أنه يحاول تنفيذ عملية دهس على الحاجز..

جريمة الإعدام التي ارتكبها الاحتلال نشرت بطريقة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصوير الحادثة المأساوية، فقد ترك الاحتلال الشاب عريقات ينزف حتى الموت، حتى بعد التأكد أنه لم يكن هناك أي نية لتنفيذ عمليات، ولكن يد الإجرام طالته حتى نفسه الأخير، كما قامت باحتجاز جثمانه.

وقال أحد أقارب الشهيد أنه كان من المقرر أن يحتفي أحمد بفرحه بعد نحو 20 يوماً، وأنه كان شاباً مرحاً محباً للحياة، ولم يكن لديه أي نية لارتكاب أي عملية كما زعم الاحتلال، بالإضافة إلى أن الاحتلال ليس لديه أي دليل يبين صحة ادعائه.

جريمة اغتيال أحمد عريقات، كما غيرها من جرائم الاحتلال البشعة، لاقت ردود فعل وشجب واستنكار على المستويات الرسمية والشعبية، وسط المطالبات بمحاكمة الاحتلال ومحاسبته دولياً وعدم الوقوف بصمت والاكتفاء بالتصريحات.

 أبرز ردود الأفعال على جريمة اغتيال الشهيد أحمد عريقات:

حمّل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، المسؤولية الكاملة عن إعدام جنود الاحتلال، للشهيد أحمد عريقات، على حاجز “الكونتينر”.

وقال عريقات: إن نتنياهو يجب أن يمثل أمام الجنائية الدولية، فقد أعدم جنوده الشهيد عريقات بدم بارد، تماماً كما أعدموا الشهيد إياد الحلاق، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

كما علقت حركة حماس على الحادثة بقولها: “لا خلاص لشعبنا إلا بطرد المحتل من كامل أرضنا عبر المقاومة الشاملة، ولا كرامة للمطبيعين مع هذا العدو القاتل المجرم”.

من جانبها علقت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي على الحادثة قائلة: ان هذا الإمعان في الإعدامات الميدانية، والقتل المتعمد، ومواصلة الإرهاب الإسرائيلي المنظم والمتصاعد، يعكس استهتاراً واضحاً من قبل إسرائيل وائتلافها الحكومي المتطرف بالعالم أجمع، وبمؤسساته وهيئاته الدولية، واستنادها إلى الشراكة والدعم الأمريكي، الذي يمنحها حصانه ورعاية، تتيح لها مواصلة جرائمها”.

وبدورها، دانت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، جريمة إغتيال الشاب المقدسي أحمد مصطفى عريقات (27 عاماً)، وطالبت بفتح تحقيق دولي في جريمة إعدامه وجريمة إعدام إياد الحلاق، وجميع جرائم القتل التي تنفذها إسرائيل عمداً وخارج إطار القانون ضد أبناء شعبنا الأبرياء والعزل.

جرائم الإعدام سياسة ملازمة للاحتلال منذ سنوات وممتدة وهنا أبرز أحداثها المأساوية

ما حدث على حاجز الكونتينر لم يكن الأول ولن يكون الأخير في عداد جرائم الاحتلال، حيث سبق هذه الجريمة جريمة أخرى نالت فقط شجب واستنكار وردود فعل طبيعية لم تخرج عن المألوف، وهي جريمة اغتيال الشهيد إياد الحلاق، وهو شاب فلسطيني من ذوي الاحتياجات الخاصة كان في طريقه لإحدى دور الرعاية، فقام الاحتلال بإطلاق أكثر من 10 رصاصات نحوه بذريعة “الشك” أيضاً، فأعدمته بدمٍ بارد كما سبقوه.

وفي مارس 2018 وتحديداً في مدينة الخليل، قتل جنود الاحتلال محمد الجعبري البالغ من العمر 24 عامًا، والذي كان صامتًا ومريضًا عقليًا، والذي أطلق عليه جيرانه اسم “آها آها” لأن هذه كانت المقاطع الوحيدة التي يمكن أن يقولها. حيث قاموا (قوات الاحتلال) بنصب كمين وأطلاقوا النار عليه بالقرب من مدرسة للبنات، بزعم أنه كان يرمي الحجارة، فغادر الجعبري تاركأ خلفه ابنًا يتيمًا عمره 4 سنوات.

وبالرجوع للخلف قليلاً طالت يد الإجرام شاب آخر يدعى محمد حبالي، أعدمته قوات الاحتلال ولا أحد يعرف لماذا. حيث كان أيضاً يعاني من مرض عقلي وكان يتجول بالعصا، وقام الجنود الإسرائيليون بإعدامه بإطلاق النار على رأسه من مسافة 80 متراً، حدث ذلك في ديسمبر 2018 مقابل مطعم الصباح في طولكرم، بعد الساعة الثانية صباحًا بقليل، بينما كان يبتعد عن الجنود وكان الشارع هادئًا.

وفي حادثة إعدام أخرى ارتكبت قبل ذلك بعامين، حيث قتل جيش الاحتلال عارف جرادات، 23 عاما، في بلدة سعير، وهو أيضاً معاق عقلياً، كانت عائلته تدعوه “الحب”، وكان عارف كلما رأى الجنود كان يصرخ عليهم بالعربية: “ليس أخي محمد”. حيث كان يقصد أن يقول “لا تأخذ أخي محمد”. ومحمد شقيق عارف الأكبر، اختطف من منزله واعتقله الجنود أمامه خمس مرات على الأقل.

وفي اليوم الذي مات فيه عارف سمعوه يصرخ صراخه المعتاد على الجنود، رغم تمكن أحدهم من الصراخ على الجنود قائلاً: “لقد كان معاقًا، لا تطلقوا النار عليه”، لكنهم لم يهتموا! أطلقوا النار على “الحب” حتى الموت أيضًا.

ولم يكن أي من هؤلاء “المعاقين عقلياً ”سيئاً أو يعرض حياة الجنود أو أفراد شرطة الاحتلال للخطر على الإطلاق، الشهيد الحلاق الذي كان يعاني من مرض التوحد لا يعرض أي شخص للخطر، ومع ذلك قام جنود الاحتلال بإطلاق النار عليه لأنه بهذه الطريقة يفعلون كل شيء. ويفعلوا ذلك لأنهم فلسطينيون ولأن الذخيرة الحية هي الخيار الأول والمفضل لقوات الاحتلال.

الموقف القانوني من جرائم الإعدام دون وجه حق أو سبب حقيقي

وفي تصريح سابق للحقوقي الفلسطيني شعوان جبارين، أكد أنَّ هذه الإعدامات بحق أبناء الشعب الفلسطيني خارج نطاق القانون وتعتبر جرائم حرب.

وقال: “بحسب القانون فإنَّ أيّ استهداف لمدني دون ضرورة قاطعة أمنياً والتي تتضمن حياة الشخص يعتبر قتل عمد”، موضّحاً أنَّ إدعاءات سلطات الاحتلال “نيّة الطعن” لم تصمد حتى الآن أمام عمليات التحقيق والتوثيق.

وأضاف: “ولو كان الشخص يحمل سكيناً أو شيء آخر من الممكن التعامل معه والسيطرة عليه بطرق أخرى بكلِّ سهولة، كأن يصيب الأجزاء السفلية من الجسد، إذا كانوا يشكلون كما يدعي خطرًا عليه، وعلى مستوطنيه، فنحن نتحدث عن جنود مدججين ومتدربين على إطلاق النار”.

وأشار جبارين إلى أنَّ الاحتلال يتعامل بنواياهم وليس على قاعدة الوقائع على الأرض، فلو اعتدى مستوطن على فلسطينيين وقتل أحدهم، جنود الاحتلال لا يحركون ساكناً، منوّهًا إلى أنَّ القضية تحكمها خلفية سياسية عنصرية يسهل فيها استباحة دماء الفلسطينيين.

وتابع: “عملية الإعدام أصبحت سياسة تمارس بشكل مستمر وعلى نطاق واسع، استشهد على إثرها مئات الفلسطينيين، خصوصًا منذ عام (2015)، وذلك تحت حجج واهية”.

في المحصلة تبقى استباحة الدم الفلسطيني من خلال إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على الفلسطينيين وإعدامهم على الحواجز العسكرية، بحجة محاولاتهم تنفيذ عمليات طعنّ أو عمليات دهس، أضحت مسلسلاً ممنهجاً في استهداف الفلسطينيين، يوصل رسالة بأنَّ الكلّ الفلسطيني ليسوا بمأمن، وأنَّ الموت قريب منه بأيّ لحظة مزاجية من أحد الجنود الإسرائيليين.

Exit mobile version