دوافع زيادة عمليات المقاومة.. بقلم الكاتب حسام الدجني

أقلام – مصدر الإخبارية

دوافع زيادة عمليات المقاومة.. بقلم الكاتب الفلسطيني حسام الدجني، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

عملية دهس جديدة في القدس نفذها الاستشهادي حسين قراقع وأسفرت عن مقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة آخرين. تلك العملية جاءت ضمن سلسلة من العمليات الفدائية، حيث سجل العام 2023م حسب إحصاءات نشرها مركز المعلومات الفلسطيني “معطى” 275 فعلاً مقاوماً، أدت إلى مقتل 9 مستوطنين، وجرح 35 آخرين.

ووفقا للمركز، فقد تم تنفيذ 12 عملية إطلاق نار في مدينة القدس، إلى جانب عملية دهس واحدة، وتفجير 11 عبوة ناسفة، و16 مفرقعات نارية، وإلقاء 8 زجاجات حارقة، وحرق 4 منشآت وأماكن وآليات عسكرية، وصد 8 اعتداءات للمستوطنين.

السؤال المطروح: ما هي أسباب زيادة وتيرة عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي…؟ وما هي النتائج السياسية لتلك العمليات…؟

أولاً: دوافع وأسباب زيادة وتيرة عمليات المقاومة.
لم تستفد قوات الاحتلال الصهيوني من تجربتها السياسية والعسكرية والأمنية مع الشعب الفلسطيني، ولا من التجارب التاريخية للشعوب المحتلة وكيف نجحت في زوال الاحتلال رغم حجم الجرائم وفائض القوة للدول المستعمرة، مثال على ذلك القوة الفرنسية والبريطانية في المنطقة العربية، أو القوة الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق.

وعليه فإن العلاقة بين أسباب ودوافع زيادة وتيرة العمليات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بثلاثة مسارات هي:

الأول: انسداد الأفق السياسي بسبب انقلاب إسرائيل على الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير يؤكد أن المسار السياسي فشل وأن البديل المجدي مع الاحتلال هي المقاومة بكافة أشكالها.

الثاني: العدوان الصهيوني المستمر وسياسة العقاب الجماعي، والقتل الممنهج، والانتهاكات المستمرة بحق كل شيء فلسطيني، والحصار وتدنيس المقدسات، واقتحام مناطق السلطة الفلسطينية، والاعتداءات على الأسرى.

الثالث: ازدواجية المعايير الدولية في التعاطي مع القضية الفلسطينية بالمقارنة مع تعاطيهم مع الحرب الروسية الأوكرانية.

لم يسجل التاريخ أن احتلالاً لأرض استمر للأبد، صحيح أنه مكث عشرات السنين وأكثر، ولكنه في النهاية زال، ولم تنجح تجربة بإزالة الاحتلال بعملية سياسية منفصلة عن مسار مقاوم يجعل من فاتورة الاحتلال كبيرة ومؤلمة.

وفقاً لما سبق فإن الأصل في العلاقة مع الاحتلال هو الاشتباك بكافة الوسائل، والعلاقة بين زوال الاحتلال والعمليات بكافة أشكالها هي علاقة طردية، أي كلما زادت وتيرة الاشتباك مع هذا الاحتلال كلما زادت فرص زواله، انطلاقاً من ثلاثة زوايا هي:

عمليات المقاومة تجعل القضية الفلسطينية حاضرة على أجندة الساسة وفي وعي الشعوب، وعليه يتوقف قطار التطبيع وتآكل شرعية الاحتلال، وتتراجع علاقاته الدبلوماسية.
عمليات المقاومة تؤثر على ميزان المناعة القومي في إسرائيل وتضرب علاقة المجتمع الصهيوني بمؤسساته الأمنية والعسكرية، وعليه تزداد معدلات الهجرة العكسية من إسرائيل للخارج.
عمليات المقاومة ترفع من الروح المعنوية للشعب الفلسطيني ومن خلفه جماهير الأمة العربية والإسلامية وترسخ فكرة أن زوال إسرائيل ممكن لو توحد الجميع خلف هذا الهدف.
ثانياً: النتائج السياسية لعمليات المقاومة.
الشعب الفلسطيني من أكثر شعوب الأرض التي تعشق الحرية، وعليه تقدم الغالي والرخيص من أجل ذلك، وفي تقديري أن كل عملية مقاومة بغض النظر الوسائل والأدوات المستخدمة فيها، وحجم الخسائر المترتبة عليها، هي بمثابة خطوة في طريق الانعتاق من هذا الاحتلال، وعليه كلما ازدادت وتيرة العمليات كلما اقترب مشروع التحرر الوطني من إنجاز أهدافه، وهنا يأمل شعبنا الفلسطيني أن يدرك العالم أن الهدف من تلك العمليات ليس إراقة الدماء، بل الهدف أن يتحمل الجميع مسئولياته ويعملوا جنباً إلى جنب نحو حل الصراع الفلسطيني الصهيوني، والتجربة في عام 2005 تؤكد صحة ما نقول حيث منحت فصائل العمل الوطني والإسلامي إسرائيل هدنة للاحتلال كي يتمكن من الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، والتزمت التزاماً حديدياً بعدم إطلاق رصاصة على الاحتلال خلال فترة الانسحاب، وعليه فإن تجربة نجاح المقاومة في قطاع غزة في اندحار الاحتلال ممكن أن تتحقق لو توحد الجميع و كثفوا العمل المقاوم ضد قوات الاحتلال بكل الوسائل والسبل.

الخلاصة: لا يعني العمل المقاوم حمل السلاح وفقط، بل مقاومة الاحتلال متعددة فمن يلقي الحجارة له سهم في مشروع التحرر، ومن يحمل السلاح أو السكين، ومن يلقى المولوتوف، ومن يرابط في المسجد الأقصى، ومن يحرض في وسائل الاعلام، ومن يبدع في ميدان العلم والفكر، إلخ ….كلها وغيرها أشكال تجعل من جذوة الصراع مشتعلة ومستعرة.

أقرأ أيضًا: جريمة حاجز حوارة.. بقلم الكاتب حسام الدجني