أموال المقاصة

اقتطاع أموال المقاصة.. عقاب إسرائيلي يحمل دلالات سياسية بتوقيت حساس

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي سياساتها القائمة على الابتزاز المالي ضد السلطة الفلسطينية لتحقيق أهداف سياسية من خلال اقتطاع ملايين الشواكل من أموال المقاصة الفلسطينية.

واقتطعت حكومة الاحتلال منذ بداية العام الجاري قرابة 300 مليون شيكل بذريعة دفعها لذوي جنود ومستوطنين قُتلوا في عمليات فلسطينية، وبدلاً من مبالغ صرفتها السلطة كمخصصات لأُسر الأسرى والشهداء، كان أخرها بقيمة 100 مليون شيكل في الثاني من شباط (فبراير) 2023.

وأموال المقاصة هي مبالغ تجبيها إسرائيل بدلاً من السلطة الفلسطينية على السلع المستوردة مقابل عمولة بنسبة 3%، وفقاً بروتكول باريس الاقتصادي.

ووفق محللين اقتصاديين وسياسيين، فإن “اقتطاع أموال المقاصة من وقت لأخر يندرج ضمن سياسة قديمة جديدة تهدف إلى ابتزاز السلطة، وإبقاءها تحت الضغط، وحصر تفكيرها في كيفية الخروج من أزمتها المالية، وإيصال حكومة الاحتلال رسائل تتعلق باستمرار برامجها المتشددة تجاه التعامل مع الفلسطينيين رغم الدعوات الأمريكية للتهدئة”.

600 مليون شيكل سنوياً

وقال المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم إن “اقتطاع أموال المقاصة يمثل سطو على حق فلسطيني ولا يوجد أي مصوغ قانوني يتيح لإسرائيل اجراء حسومات عليها”.

وأضاف عبد الكريم في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن” استمرار الاقتطاع من أموال المقاصة يأتي في إطار إظهار القوة واستعراض العضلات من قبل إسرائيل”.

وأشار عبد الكريم إلى أن” الاقتطاع اجراء قديم جديد متواصل منذ قرابة ثلاثة سنوات بمبالغ تصل إلى 600 مليون شيكل سنوياً”.

وقلل عبد الكريم من “حجم الضغوط المالية التي ستسببها القرار على السلطة الفلسطينية كونها تكيفت مع الاقتطاعات الإسرائيلية، وتعلم بأن الاقتطاعات لن تتوقف ما دامت تواصل دفع مخصصات الأسرى والشهداء”.

ورأى عبد الكريم أن” أعباء السلطة قائمة بالأساس منذ سنوات واستمرار الاقتطاعات سيجبرها على مواصلة إجراءاتها التقشفية وعدم دفع رواتب كاملة للموظفين العموميين”.

ومن المقرر أن تدفع السلطة الفلسطينية الشهر الجاري، رواتب مجتزأة لموظفيها العموميين بنسبة تصل إلى 80% للشهر الرابع عشر على التوالي، بقيمة لا تقل 2000 شيقل.

وتصل قيمة فاتورة الرواتب الشهرية لموظفي السلطة إلى 950 مليون شيقل وفق وزارة المالية.

ضغط لتمرير خطط إسرائيلية

بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي ماهر الطباع “الاقتطاع المتواصل من المقاصة نوع من الابتزاز والضغط لتمرير القرارات والخطط الإسرائيلية، وتحقيق مكاسب سياسية”.

وقال الطباع في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” المفترض أن تجبي إسرائيل أموال المقاصة مقابل العمولة المخصصة لها وفقاً لبروتكول باريس دون أي اقتطاع أو تأجيل لمواعيد تسليمها شهرياً”.

وأضاف الطباع أن” الاقتطاع من المقاصة من شأنه التسبب باستمرار عجز موازنتها والوفاء بالتزاماتها تجاه الوزارات الحكومية ورواتب الموظفين”.

وأشار الطباع إلى أن “وقف التنسيق الأمني سيزيد من تغول إسرائيل ضد السلطة الفلسطينية لاسيما على صعيد الاقتطاع من أموال المقاصة”.

توقيت حساس

من جهته، أكد المحلل السياسي طلال عوكل، أن “قرار حكومة الاحتلال باقتطاع مبالغ جديدة من المقاصة يدلل على إعلانها الحرب على الكل الفلسطيني بما فيه السلطة، ويأتي في توقيت حساس بعد لقاءات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين بهدف التهدئة وتخفيف التوتر”.

وقال عوكل في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” حكومة الاحتلال تريد القول بأن نتائج اللقاءات مع بلينكن صفر وأنها مستمرة بإضعاف السلطة التي يسعى الجانب الأمريكي لزيادة تعاونها مع إسرائيل”.

وأضاف عوكل أن” إسرائيل تريد إبلاغ السلطة بأن قراراتها بيدها ولا يمكنها التحكم بأي من مواردها”. مشدداً على أن “إسرائيل تواصل ممارسة سلطة الاحتلال في مصادرة كل ما يمتلك الفلسطينيون”.

وأشار إلى أن” قرار الاقتطاع يمثل عنوان تصعيد من قبل حكومة الاحتلال وأنها مستمرة بترجمة مخططاتها على الأرض دون رادع”.

ونوه إلى أن” قرارات الاحتلال الغير محسوبة ضد الفلسطينيين تدلل على أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ليس بمقداره السيطرة على الوزراء المتطرفين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير”.

الجدير ذكره، أن إسرائيل بدأت الاقتطاعات من أموال المقاصة الفلسطينية في شهر آذار (مارس) 2018 بموجب مشروع قانون صادق عليه الكنيست بزعم منع السلطة على دفع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء.

Exit mobile version