هل تستطيع القاهرة تهدئة الأوضاع

هل تستطيع القاهرة تهدئة الأوضاع المشتعلة في فلسطين؟

أقلام – مصدر الإخبارية

هل تستطيع القاهرة تهدئة الأوضاع المشتعلة في فلسطين؟، بقلم الباحث الفلسطيني معتز خليل، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

بدأت مصر في الساعات الأخيرة تحركات مكثفة من أجل الحد من التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وقالت مصادر مصرية يبدو أنها من جهاز المخابرات العامة المصري إن رئيس الجهاز اللواء عباس كامل سلّم رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره الفلسطيني محمود عباس، تضمنت مبادرة لوقف التصعيد.

ما الذي يجري؟
تحليل مضمون الصحف العربية والإسرائيلية الصادرة اليوم والتي تناولت المقترحات المصرية قالت إن عباس كامل حمل مبادرة أمنية بالأساس لمواجهة التحديات أمام السلطة، ولعل أبرز نصوص هذه المقترحات:
1- تحرك الأجهزة الأمنية في الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية لاستعادة السيطرة على مناطق الضفة الغربية، في مقابل تعهدات من جانب الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن الإجراءات التصعيدية الأخيرة وتحديدا التي أعلنت عقب العمليات التي شهدتها مدينة القدس خلال الأيام الماضية.
2- استعادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية السيطرة داخل مخيمات اللاجئين، مقابل التزام إسرائيل بوقف الاقتحامات، التي غالباً ما تؤدي إلى اشتعال اشتباكات مع الفلسطينيين.
3- تأكيد مصر على ضرورة عدم انجرار الفصائل الفلسطينية إلى المواجهة، خشية أن يؤدي ذلك إلى اتساع نطاق التوتر.

إمكانيات نجاح مصر
بات التحرك المصري يستند إلى حقن دماء الفلسطينيين، وضمان عدم تقديم مبرر للعناصر المتشددة في الحكومة الإسرائيلية لاستغلال الموقف، ودفع الأمور نحو مزيد من الإجراءات التصعيدية.

غير أن المبادرة التي حملها واحد من أهم الشخصيات الأمنية المصرية تواجه الكثير من التحديات السياسية والأمنية من أجل نجاحها لعدة أسباب، أبرزها مثلا أن مصر تطالب الأجهزة الأمنية الفلسطينية باستعادة السيطرة على الأوضاع بالمخيمات مقابل تعهد إسرائيلي بالتراجع عن الإجراءات التصعيدية، والواضح أن هذا الطلب بالأساس ملغم بالفشل لأسباب عدة منها:

1- أن الوزير عباس كامل ومع تأكيده على أن إسرائيل ستتراجع عن أي تصعيد بالمخيمات حال تولي القيادة الفلسطينية للسيطرة بالمخيمات فإن إسرائيل تعرف تمام المعرفة استحالة تنفيذ هذه البنود بسبب:
أ‌- صعوبة الأوضاع السياسية والاجتماعية في المخيمات بصورة تزيد من صعوبة سيطرة الضابط الأمني الفلسطيني على الأمور، خاصة وأن عدد من الضباط والعسكريين بالأجهزة الأمنية الفلسطينية أعضاء غير معلنين في الجماعات المسلحة الفلسطينية ، وهو ما يفسر استشهاد عدد منهم أخيرا في الاقتحامات الإسرائيلية، الأمر الذي يزيد من صعوبة السيطرة الرسمية الفلسطينية بالكامل على المخيمات.
ب‌- قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعندما منحوا الوزير عباس كامل وضباط إدارة فلسطين وإسرائيل بجهاز المخابرات المصري هذه التعهدات يعرفون تمامًا صعوبة تنفذيها، خاصة في ظل وجود حالة من القلق في الأجهزة الإسرائيلية في ظل الثورة التي يرغب وزير الآمن القومي بن غفير في تطبيقها ليس فقط في جهاز الشرطة ولكن أيضًا في بعض من الأجهزة الأمنية.
ج- هناك تقرير رسمي وضعه جهاز إسرائيلي أشار إلى آن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي ،وهو من أبناء المستوطنات ، يتفق ضمنيا مع بن غفير في بعض من النقاط الاستراتيجية، صحيح أن القيادات العسكرية الإسرائيلية في المجمل غير راضية تمامًا عن سياسات بن غفير وتعتبرها تدخلًا في عمل المؤسسة العسكرية العريقة الجذور في إسرائيل، غير أن بن غفير مثلا ينجح في تنفيذ كثير من التوجهات الأمنية ، منها مثلا أنه في طريقه للحصول على المصادقة لسهولة حمل الإسرائيليين للسلاح، رغم اعتراض بعض من الأجهزة على هذا الأمر، وأيضا تعيين بعض من القيادات في وزارة الأمن القومي، رغم اعتراض بعض من الأجهزة على هذه القيادات.

د- هناك الآن ما يمكن وصفه بالثورة الإسرائيلية في تسهيل حصول المدنيين وتحديدا المستوطنين على السلاح، الأمر الذي سيؤدي لتصعيد فوري مع الفلسطينيين، خاصة في مدن مختلطة ومليئة بالمستوطنات أو بالطرق التي يمرون بها، مثل نابلس أو الخليل أو القدس تحديدًا، وستقوم مواجهات مباشرة بين المستوطنين وبين الفلسطينيين مع سيوله انتشار السلاح في كلا الطرفين.

ه-تحليل مضمون بعض من التقديرات الأمنية يشير إلى توجس المدرسة المصرية أمنيا وسياسيا من التعاطي مع المتشددين السياسيين في إسرائيل، ولعل قصة مصر الشهيرة مثلا مع أفيغدور ليبرمان خير دليل على ذلك، غير أن هناك أطرافا عربية تتواصل مع بن غفير الذي حضر مثلا حفل استقبال السفارة الإماراتية والبحرينية في إسرائيل، الأمر الذي ترى مصر أنه لا يتفق مع مدرستها الأمنية والدبلوماسية، بل ويصل الأمر إلى تعطيل تحركاتها أيضًا.

تقدير استراتيجي
من الواضح علميًا أن إسرائيل منحت الوزير عباس كامل شروط هي تعرف جيدا استحالة تنفيذها، وهي تعرف ذلك، وهناك قيادات أمنية في القاهرة تعرف ذلك، والمتابع لتقديرات الموقف الإسرائيلية سيعرف ذلك بكل سهولة، وهو ما يزيد من دقة المشهد الاستراتيجية الآن على الساحة الفلسطينية.

Exit mobile version