الانتفاضة فلسطين

إدراك الانتفاضة عند الشباب الفلسطيني

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي
ترجمة/ عزيز حمدي المصري
كتبه: كوبي مايكل – باحث في المركز الدولي للشرطة والامن بجامعة ويلز، رئيس نشرة التقييم الاستراتيجي في معهد دراسات الامن القومي الإسرائيلي

الهجومان الخطيران في القدس في أقل من يوم ليسا فقط نتاج واقع النظام الإرهابي الذي عانت منه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، وليسا فقط انعكاسًا لواقع الحياة والواقع الأمني ​​المعقد في القدس الشرقية. الهجومان هما، في جملة أمور، نتاج نظام معرفي متسق ومنهجي ومستمر يعمل من مركزين خارج نظام القدس، ويلتقيان في تغذية روح المقاومة الفلسطينية المسلحة.

إحداها هي حماس، التي تعمل بنشاط لتعزيز البنية التحتية في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وإدراكا منها للقدرة التفجيرية للمنطقة، خاصة في الحرم القدسي الشريف، فإنها تسعى إلى تدهور الوضع الأمني ​​وتأمل في إشعال المنطقة.

والثاني هو الإدراك بالنضال الذي يتطور ويشتد كل يوم في ظل الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينيين في المدن الفلسطينية، بقيادة جنين، التي عادت مرة أخرى إلى ترسيخ مكانتها كعاصمة للإرهاب الفلسطيني. يغذي الإدراك الكامن وراء النضال روح المقاومة الفلسطينية المسلحة ويصبح أهم بذرة إلهام للعديد من الشباب الفلسطينيين، الذين ليسوا بالضرورة مرتبطين بالمنظمات الإرهابية الفلسطينية، للوقوف واتخاذ الإجراءات. الهجومان في القدس هما مثال صارخ على هذا النمط من العمل.

إن الشباب الفلسطيني، سواء أكانوا مرتبطين بالمنظمات المسلحة الفلسطينية أم لا – والذين تبناهم التنظيم الإرهابي بعد الواقعة – ملفوفون في إدراك الانتفاضة. إنهم ليسوا مستعدين لقبول الواقع الحالي ورفضهم لغرض تغيير الوضع القائم الذي يعتبرونه احتلالًا. من وجهة نظرهم، يتأثر الواقع الحالي بعاملين: تعاون إسرائيل والسلطة الفلسطينية مع إسرائيل. وعليه، لم يتم رفض “الاحتلال الإسرائيلي” فحسب، بل أيضًا رفضت السلطة الفلسطينية، التي يُنظر إليها على أنها تعمل بالتعاون مع إسرائيل.

حتى لو كان ممثلو جيل الشباب الفلسطيني لا يعرفون نوع الواقع الذي يسعون إلى تشكيله، فهناك اتفاق واسع وقوي بينهم بشأن عدم الرغبة في قبول الواقع القائم، والاقتناع بأن السبيل الوحيد لتغييره هو من خلال صراع مسلح. حتى الآن، وعلى الرغم من الدعم الجماهيري الواسع جدًا بين الفلسطينيين للكفاح المسلح، فإن الشارع الفلسطيني، بما في ذلك الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية، لم يتحركوا بعد بشكل كبير من أجل النضال، وبالتالي فإن هذا النظام الإرهابي في إسرائيل لا يُعرَّف بأنه الانتفاضة. لكن في هذا الوقت هناك قضيتان يمكن أن توحد الصفوف في الجانب الفلسطيني لدرجة تعبئة الجماهير الفلسطينية للكفاح المسلح: الأولى هي الحرم القدسي والأخرى هي الأسرى الأمنيون.

يجب على إسرائيل أن تفكر مليًا في خطواتها عندما تأتي لتغيير الوضع الراهن القائم في كلا القضيتين، وأن تتذكر دائمًا أن غالبية الجمهور الفلسطيني، مثل الغالبية المطلقة من السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية، ليسوا مشاركًا نشطًا في النظام الإرهابي. ومن المهم إبقائهم خارج الحملة. يجب أن يكون أي تغيير في السياسة جزءًا من سياق أوسع بكثير وليس رد فعل بافلوف عندما يغلي الدم.

يجب أن يكون الهدوء والغرض الاستراتيجي الواضح والانضباط الاستراتيجي أساس تغيير السياسة وتصميم سياسة مختلفة. في الوقت نفسه، من المهم فهم أهمية الإدراك في هذه الحملة جنبًا إلى جنب مع الجهود الحركية وغيرها مثل إغلاق المنازل وإنكار الحقوق، يجب على المرء أيضًا التفكير والتصرف في بُعد الإدراك وخلق أنماط عمل من شأنها التأثير على إدراك الجمهور الفلسطيني ومرتكبي الإرهاب. إن التركيز على البعد المادي والحركي دون الالتفات إلى البعد المعرفي وبذل الجهد فيه، والذي يميز بشكل أساسي بين السكان العريضين غير المنخرطين في النظام الإرهابي ومرتكبي الإرهاب، سيعطل كل سياسة وتحرك، ويضر بفعاليتها.

Exit mobile version