هل تحشر العمليات الفدائية حكومة نتنياهو وتضعها أمام خيارات صعبة؟

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

يبدو أن العمليات الفدائية الفلسطينية تحشر الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو في الزاوية، وتضعها في أمام خيارات صعبة في ظل تشكيلتها الحالية المتطرفة، وقليلة الخبرة السياسية للتعامل مع ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومخططاتها الهادفة لحسمه سريعاً، من خلال عسكرته، وضم الضفة الغربية المحتلة، وتغيير الوضع التاريخي القائم في مدينة القدس والداخل المحتل عام 1948.

ورأى محللان سياسيان، أن العمليات الفدائية تضع حكومة نتنياهو أمام خيارات معقدة، مع حملها رسائل واضحة بأن السياسات القائمة على التصعيد من شأنها قيادة الأوضاع نحو انفجار كبير قد يسرع من سقوطها في ظل الأصوات الداخلية والخارجية المناهضة لها، ووصل صداها مؤخراً لكل منزل في إسرائيل، تترجم على شكل احتجاجات كبيرة شارك بها آلاف الإسرائيليين في المدن الكبرى.

ونفذ فدائيان فلسطينيان خلال أقل من 24 ساعة عمليتين فدائيين أسفرتا عن مقتل سبعة إسرائيليين وجرح قرابة 12 أخرين، وجاءتا رداً على جريمة قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين التي ارتقى خلالها عشرة فلسطينيين ودمار عدد من منازل المواطنين والمرافق العامة.

تزيد من الشرخ الداخلي

وقال المحلل السياسي، رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية إياد الشربجي، إن” العمليات تزيد من الشرخ الداخلي السياسي لحكومة نتنياهو، ولن تخدمها وستزيد من حجم الضغط عليها، كون مكوناتها الداخلية قائمة على التطرف وتتعارض مع أي مسار سياسي قائم على التهدئة”.

وأضاف الشوربجي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “الشرخ الداخلي الإسرائيلي يتنامى في المكونات المعارضة لمسار حكومة نتنياهو، وتشكيلها الحكومي العنصري والمتطرف، المؤثر على الحياة الداخلية لفئات واسعة من الإسرائيليين المعتادين على النظام العلماني بعيداً عن الدينية المتطرفة”.

وأشار الشوربجي إلى أن “الأزمة الداخلية في إسرائيل ذاهبة نحو التصاعد، كون أقطاب المعارضة الذين يقودون الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو حذروا مسبقاً من سياساتها المتطرفة، التي من شأنها التأثير على واقع الحياة بمجملها والاستقرار، لاسيما الخاص بالمواطن الإسرائيلي من خلال الصدام مع الشارع الفلسطيني”.

وأكد أن “حكومة نتنياهو تعاني من جملة واسعة من التعقيدات، ناتجة عن الاشتراطات المسبقة لحزبي “عوتسما يهوديت” بقيادة بن غفير، و”الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش، حول الصراع مع الفلسطينيين، ومسألة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وآليات التعامل مع فلسطيني الداخل المحتل عام 1948″.

خيارات نتنياهو

وشدد الشوربجي على أنه “إذا ما أراد نتنياهو تحقيق نوع من الاستقرار والانسيابية في قيادة توجهات الحكومة، فإنه لا يملك سوى كبح جماح الأحزاب المتطرفة الأخرى، ووقف سياساتها العنصرية اتجاه الفلسطينيين، ومنع خلق حالة من الصدام تدفع بردود قوية ضدها”.

وعبر عن اعتقاده بأن “نتنياهو من خلال خبرته الطويلة سيكون قادر على كبح جماح الأحزاب المتطرفة الأخرى نسبياً لفترة محدودة، لكن ليس بصورة غير كاملة، كونه لا يملك القوة المطلقة في ظل الاتفاقات والشروط المسبقة الموقعة بين الأحزاب المشكلة للحكومة، ويمكن اسقاطها بسرعة حال حدث خلاف جذري بينها”.

ورجح أن “خبرة نتنياهو تشكل عاملاً مساعداً لكنها غير كافية في ظل توجهات شركائه الإيدلوجية المتطرفة التي تشكل صاعقاً مفجراً بأي وقت، ويمكن أن تورطه بمشاكل جديدة”.

ورأى الشربجي أن “رسالة عملية القدس في حي النبي يعقوب وصلت للجميع، وقد لا يستوعبها المتطرفون، لكن مع الأيام وضغط نتنياهو، والجهات الخارجية ستقود نحو تهذيبهم بما يخلق نوع من الاستقرار النسبي، خصوصاً في ظل الأولويات الأساسية الأخرى للولايات المتحدة المتعلقة في الحرب في أوكرانيا ومواجهة التنين الصيني”.

علاقة حرب أوكرانيا

بدوره أكد المحلل السياسي أحمد عبد الرحمن أن “العمليات الفدائية الفلسطينية لن تكون في صالح نتنياهو”.

وقال عبد الرحمن في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” نتنياهو الذي عرفناه رجل الحرب والقتل يعيش فترة صعبة كون مرهون ومرتبط بحلفائه المتطرفين، ويتعرض لانتقادات ومطالبات دولية أمريكية وأوروبية لكبح جماحهم، كونهم قد يأخذون المنطقة بأكملها للتصعيد وحرف البوصلة عن أوكرانيا”.

وأضاف عبد الرحمن أن “ضيق نتنياهو انعكس على وجهه خلال تفقده لمكان عملية النبي يعقوب مع تعرض لهجمات إلى جانب شريكه إيتمار بن غفير من قبل الإسرائيليين على إثر سياساتهم التي قادت إلى العنف”.

وأشار إلى أن “العملية تزامنت مع وزيارة وزارة الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى المنطقة والهادفة بدرجة أولى لتهدئة الأوضاع، ويتعارض مع أهداف بن غفير وسموتريتش الراغبين في التصعيد”.

واعتقد أن” رد الفعل الإسرائيلي على عملية النبي يعقوب لكثير من الاعتبارات المتعلقة في ظل البداية الصعبة والوضع الحساس والحرج لحكومة نتنياهو، وأن منفذها من القدس وليس له أي انتماء تنظيمي يبرر أي تصعيد ضد أي جبهة”.

ونبه عبد الرحمن إلى أن” الانقسام الداخلي الإسرائيلي مستمر منذ القرن الثامن عشر لكن الوجه الجديد له حالياً صعود الأحزاب الدينية المتطرفة على حساب اليسار الذي يكافح حالياً للحفاظ على مكانته في الحياة السياسية، ما يترك تأثيراً كبيراً على المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل”.

ونوه إلى أن” صاعق التفجير القادم سيكون في مدينة القدس والمسجد الأقصى تحديداً لاسيما مع اقتراب شهر رمضان المبارك ورغبة المتطرفين الإسرائيليين في التصعيد من الانتهاكات وتغير الوضع القائم”.

اقرأ أيضاً: مقاومة لا تتوقف.. هل يرتكب الاحتلال مجازر جديدة بعد عملية القدس؟