وقف التنسيق الأمني.. هل يحدّ من الاستيطان أم يصّعد المقاومة بالضفة؟

أماني شحادة – خاص مصدر الإخبارية

تصعدّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيماين نتنياهو، من جرائمها ضد الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري، وتسعى جاهدًا لتمرير مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، كان آخر تداعياتها ارتكاب المجزرة الأخير في مدينة في جنين الخميس 26 كانون الثاني (يناير) 2023، ودفع السلطة الفلسطينية إلى إعلان وقف التنسيق الأمني معها، ما قد يقود إلى ما تسميه إسرائيل الفوضى المرفوضة.

الفوضى وفق الاحتلال هي ما يحدث الآن من عمليات فدائية ينفذها فلسطينيون في أماكن مختلفة من الضفة والقدس من دون أي نجاح بوقفها، أو تدخل السلطة الفلسطينية فيها، ولا وجود لحواجز فلسطينية أو إدانة العمليات.

السلطة في مأزقٍ صعب

المحلل السياسي حسن عبدو، قال في حديثه لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن “جنين ونابلس تشكلان قاعدتان ركيزتان في المقاومة الفلسطينية، لكن السلطة لن تسمح في صورة أو أخرى بتطور هذا البعد العسكري؛ لأنه يحمل انعكاسات”.

ويرى عبدو أن الواقع السياسي ينعكس على واقع المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، مشيرة إلى أن هناك إشكالات سياسية وأمنية ومحددات كثيرة لا بد من أخذها في الاعتبار، وأن ما يجري عبارة عن إرهاصات تمهد لطريق الانتفاضة الثالثة.

ويعتقد عبدو أن ما جرى أخيرًا في جنين وارتقاء عدد كبير من الشهداء وضع السلطة في مأزقٍ صعب أمام شعبها، فما كان أمامها سوى وقف التنسيق الأمني في شكل مباشر عقب الأحداث وزيادة الاستيطان.

وأوضح أن “وقف التنسيق الأمني يتم النظر له من جوانب كثيرة، وقرارها الأخير قد يكون نوعًا من أنواع الاستيعاب واحتواء الموقف السياسي؛ لأنه لا يمكن تصور سلطة قائمة من دون تنسيق أمني، وأنه لا يمكن نقل نموذج غزة إلى الضفة الغربية”.

وأشار إلى أن السلطة تريد الحفاظ على انجازاتها والأمن داخل أراضيها، إذ أنها مع المقاومة السلمية وليست العسكرية، معتقدًا أن وقف التنسيق الأمني قد يكون لمرحلة معينة، حتى يتم احتواء الوضع والغضب الفلسطيني؛ لأنه لا يمكن فك التنسيق عن السلطة.

وحول سؤال هل لإسرائيل مصلحة في إنهاء السلطة؟ أجاب عبدو: “أعتقد أن السلطة بوظيفتها الأمنية هي مصلحة إسرائيلية، لكن إذا تجاوزت الحدود المرسومة لها بالذهاب للمنظمات الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، فهنا قد تكون ليست في مصلحة الأخيرة”.

وشدد على أن الحكومة اليمينية المتشددة لا تؤمن بقيام الدولة الفلسطينية على الإطلاق، وتؤمن بفكرة الوطن البديل في الأردن، موضحًا أن هناك تخوفات من أن يكون من مصلحة إسرائيل انهيار السلطة الفلسطينية، ثم التوجه لفكرة الوطن البديل في الأردن، إذا أن هذا أمر قائم يحمل تخوفات أردنية، وهو ما يفسر زيارة نتنياهو الأخيرة للأردن وتحركاتها.

وقف التنسيق الأمني.. هل يحدّ الضم الاستيطاني؟

يعتقد عبدو أن السلطة لن تستطيع وقف مشروع الضم الاستيطاني؛ لأنه يحتاج إلى موقف عربي ودولي سياسي أكبر، مستدركًا أن الأوضاع العربية والدولية لا تشجع كثيرًا، لكنها ورقة يمكن استخدامها للضغط على إسرائيل.

وأشار إلى على أن ملف القدس والاقتحامات والاستيطان قائم وهو أمر واقع، والسلطة الآن في موقف أكثر صعوبة، لكنها أيضًا في محل تساؤل هل ستبقى قائمة في ظل الاستيطان والتهويد ووجود الحكومة اليمينية؟

ويرى عبدو أن أحد محددات السلطة هو موضوع التنسيق والعلاقات المالية والاقتصادية مع إسرائيل، وليس من مصلحة الأخيرة الآن الدفع في اتجاه انهيار السلطة، لأن البديل كما هو واضح الآن الانتفاضة والمقاومة داخل الأراضي الفلسطينية.

وقف التنسيق الأمني مرحبٌ به، ولكن!

المختص في الشأن الإسرائيلي عامر خليل يقول في حديثٍ خاص لـ “شبكة مصدر الإخبارية” إن موقف السلطة بوقف التنسيق الأمني يلقى ترحيبًا كبيرًا، لكن المطلوب أن يكون هذا الموقف دائما، ولا يتم التراجع عنها مستقبلًا، وأن يسحب الاعتراف بالكيان الإسرائيلي من قبل منظمة التحرير الفلسطينية.

واستبعد خليل، أن تكون الممارسات الوحشية الإسرائيلية الآن مرتبطة بتقويض السلطة، مشيرًا إلى أنها محاولة لوقف وإضعاف المقاومة في الضفة الغربية المحتلة ووأدها، خاصة في جنين.

ولفت إلى أن هناك محاولة إسرائيلية منذ بداية عملية كسر الأمواج لاستهداف كتيبة جنين، وحوالي 37 من قيادات وكوادر الكتيبة استشهدوا بعمليات نفذها جيش الاحتلال في جنين، وهذا جهد متواصل لا يعتقد خليل أن الاحتلال سينجح به؛ بدليل أنه بعد كل عملية اغتيال تنضم كوادر وعناصر جديدة للكتيبة وتتنامى في شكل سريع.

ويستغل الاحتلال الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، إذ يلعب على هذا الوتر ليزيد من جرائمه ومشاريعه الاستيطانية وتهويد كل ما هو فلسطيني، وفق خليل.

ورجح خليل أنه “في حال تمت وحدة بين كل مناطق فلسطين، ستكون بداية جيدة لمواجهة المشروع الاستيطاني، الذي يعمل جاهدًا لحسم الصراع على الأرض”.

وأشار خليل إلى أن “مخططات الاستيطان موجودة من قِبل الحكومات السابقة، لكن ما يميز الحكومة الجديدة أنها تضم شخصيات تُعتبر الأب الروحي لمشروع الاستيطان والصهيونية الدينية، لذلك هناك دفع في اتجاه مخططات أكبر وأوسع من خلال الموافقة والمصادقة على بناء 18 ألف وحدة استيطانية خلال عامين ونصف العام.

وختم خليل أن “هناك خطة إسرائيلية للاستيطان، في محاولة للتهويد وتحديدًا في منطقة ج (c) البالغة مساحتها 61% من مساحة الضفة المحتلة، وتوطين حوالي نصف مليون مستوطن آخر، ما يؤدي لضم المنطقة، وسيُعلن عنها تدريجيًا وتباعًا لتصبح ضمن الكيان الإسرائيلي.

وحول الداخل الفلسطيني، يطالب عدد من الفصائل والقوى الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، معتبرين أنه حاجز يقطع الطريق على المقاومة والدفاع عن الأرض والشعب.

يُشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت منذ بداية العام الجاري، 31 فلسطينيًا، من بينهم تسعة في مجزرة جنين أول من أمس، وهم من بين 19 شهيدًا ارتقوا في المدينة المعمدة بالدم ودموع الأمهات الثكلى.