اقتحام جنين - سورية والعدوان على جنين

تقدير موقف: عملية جنين….وماذا بعد؟

بقلم-معتز خليل:

فجر السادس والعشرين من شهر يناير أقدمت قوات الاحتلال على تنفيذ عمليه عسكرية للتخلص من قيادات في المقاومة، وهي العملية التي تم تنفيذها في مخيم جنين الذي تحاشى دوما إسرائيل القيام بعمليات عسكرية نوعية به.

ما الذي يجري؟

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد ٩ فلسطينيين ، في سلسله من العمليات التي قام بها جيش الاحتلال في مخيم جنين ، وهو الرقم المرشح للزيادة خاصة وأن بعض من الإصابات باتت في حالة ميؤوس منها طبيا ، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد بالمخيم.
تحليل مضمون ما تداولته بعض من المنصات الإسرائيلية يشير إلى أن الشهداء كانوا ينوون القيام بعملية عسكرية في قلب إسرائيل ، وهو ما طرح عدد من الخطوات وهي:
1- محاولة اعتقال المطلوبين خاصة وأن التقديرات الإسرائيلية أشارت إلى أن لديهم شركاء في الداخل الإسرائيلي ، وهو ما يمثل تحديا أمنيا واضحا خاصة وأن الأجهزة الأمنية في إسرائيل تسعى إلى معرفة أسماء هذه العناصر المتعاونة التي تحمل الهوية الإسرائيلية وتستطيع التحرك بحرية في عموم أنحاء البلاد ، الأمر الذي يزيد من خطورة هؤلاء المتعاونين .
2- العملية هي الأكبر منذ تولي حكومة بنيامين نتنياهو مسؤوليه الحكم ، صحيح إن هناك عمليات سبقتها ولكن لم تكن بهذا القدر من الحجم الكبير وهذا العدد.
3- تتحاشى الأجهزة الأمنية في إسرائيل القيام بعمليات في العمق الاستراتيجي لأي مخيم ، وهو أمر تكشفه دوما الأدبيات وتحليل مضمون الكثير من الصحف ووسائل الإعلام في إسرائيل .
غير أن الواضح الآن وبعد تنفيذ هذه العملية وجود عدد من الآفاق الاستراتيجية المهمة ، منها:
1- إن إسرائيل تواصل العمليات العسكرية في قلب العمق الفلسطيني دون اكتراث او تراجع أو مبالاة للموقف الدولي أو العربي.
2- هناك تصريحات أميركية وأوروبية تشير إلى أن هذه العمليات التي تقوم بها إسرائيل تعتبر دفاع عن النفس ضد العنف الفلسطيني ، وهي تصريحات أدلى بها بعض من كبار القيادات السياسية والأمنية في الولايات المتحدة والعالم.
3- بات من الواضح إن الصياحات التحذيرية التي أدلت بها قيادات أمنية فلسطينية وعلى رأسها رذيس المخابرات الفلسطيني ماجد فرج دقيقة وصحيحة ، حيث حذر فرج من خطورة الموقف ، ودعا القيادات المسلحة في الكتائب والجماعات الفلسطينية في الضفة الغربية بالتراجع وتسليم سلاحها والانضمام للقوات الفلسطينية ، وهو ما قوبل بحالة من الاستنكار والتخوين من قيادات المقاومة.
4- هناك رغبة من المقاومة بالتصعيد في الضفة الغربية ، مقابل رغبة بالتهدئة في غزة ، وهو أمر واضح ومميز للكثيرين ، خاصة وأن قرار التصعيد في غزة يرتبط بصورة أو بأخرى بعدد من الدول التي ترفض تماما هذا التصعيد ، مثل مصر أو قطر اللتان تعرفان دقة التصعيد في هذا الوقت الحساس .
5- بات جليا وبوضوح أن قيادات شاباك والأجهزة الإسرائيلية يعرفون تماما أن هناك قيادات عسكرية فلسطينية داعمة للمقاومة ، وهو أمر يرجعونه ل:
أ‌- التعاطف الشعبي الفلسطيني الطبيعي ضد ممارسات إسرائيل.
ب‌- الأجواء الحياتية في الضفة الغربية التي تسمح بالتنوع السياسي والأمني في البيت الواحد ، وهو ما يفسر زن عدد من الشهداء هم أبناء وذوي قيادات أمنية رفيعة بعدد من الأجهزة الإسرائيلية.

تقديرات استراتيجية

تحليل مضمون بعض من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية تشير إلى وجود علاقه ما بين عملية اليوم في جنين وبين بعض من القيادات الفلسطينية في الخارج ، وعلى رأسها صالح العاروري القيادي في حركة حماس ، وهناك معلومات من أن الخيط الخاص بهذه العملية أنطلق من تركيا التي تعهدت بوقف أي نشاط معادي فلسطيني لإسرائيل عبر أراضيها ، وهو ما دفع بالعاروري تحديدا إلى التحول في إدارة المشهد من لبنان بعيدا عن تركيا .
منذ فترة كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية عن تفاصيل تحركات فصائلية في غزة للقيام بعمليات ضد الاحتلال لمواجهة حكومة نتنياهو وتعنتها ، الأمر الذي قوبل بتحرك مصري وقطري لوقف هذا التصعيد.
بعدها عرضت حركة حماس فيديو قصير لأحد الأسرى الإسرائيليين المعتقلين لديها ، وهو الفيديو الذي أشعل الحرب النفسية بين حماس وإسرائيل ، ووضع الأخيرة في موقف محرج خاصة في ظل وجود قيادات يمينية متشددة تسعى للظهور بصورة “المخلص” أمام شعبها.
عموما فإن عملية جنين تفتح الباب من جديد نحو الخلايا النشطة في الضفة الغربية ذات العلاقات الوثيقة مع الخارج العربي ، وهو ما بات واضحا خلال الأيام الأخيرة.

اقرأ أيضاً: الارتباك الفلسطيني أمام مجزرة جنين

Exit mobile version