الانتخابات التشريعية

تشريعي 2006.. مجلس عمّر 17 عاماً دون إنجاز يُذكر ولا أمل بتجديد دمائه

خاص – مصدر الإخبارية 

في الخامس والعشرين من يناير 2006، أي قبل 17 عاماً، توجه الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) لصناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان الفلسطيني) في ثاني انتخابات تشريعية منذ إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994.

قبل 17 عاماً من الانقسام والتشرذم الفلسطيني، شكلت الانتخابات نقطة تحوّل جوهرية في حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني، لما مثلته من أهمية بالغة في تجديد شرعية المجلس التشريعي، الذي انتهت ولايته القانونية في مايو 1999.

الانتخابات التشريعية 2006 جرت وسط أجواء تنافسية شديدة نتيجة مشاركة معظم فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني (باستثناء حركة الجهاد الإسلامي التي قاطعت الانتخابات).

وحظيت تلك الانتخابات باهتمام محلي، وإقليمي، ودولي، جسد نفسه من خلال مشاركة المئات من المراقبين الدوليين والعرب والمحللين، فضلاً عن تغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، وانتهت بفوز حركة “حماس” بأغلبية مقاعد المجلس.

في ذكرى مرور 17 عاماً على العملية الديمقراطية التي يتعطش الملايين من الفلسطينيين لتكرارها اليوم، في محاولة لإنقاذهم من الوضع السياسي الأسوأ في تاريخ قضيتهم، والذي ألقى بظلاله على شتى مناحي حياتهم ودمر مستقبل أجيال بأكملها.

لا إنجازات تُذكر

وحول حصاد المجلس التشريعي الفلسطيني بعد مرور 17 عاماً على انتخابه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم إنه “من الصعب القول إن المجلس التشريعي قد حقق إنجازات خلال الفترة الماضية حيث لم يمض على عمله سوى عام واحد وبعدها وقعت أحداث وخلافات كبيرة خلال فترته الأولى، رغم توزيع المهام وتعيين رئيسا ونائب له من كتلة التغيير والإصلاح (حركة حماس) وتم تعيين وانتخاب رؤساء اللجان المختصة في المجلس التشريعي”.

وأضاف إبراهيم في حديث خاص لمصدر الإخبارية  أنه بعد التمكن من منح الثقة للحكومة والتي سميت حينها حكومة “الوحدة الوطنية” ومع بدء العمل على سن قوانين جديدة حال الانقسام الفلسطيني دون أن يكون المجلس التشريعي قادراً على إتمام عمله من خلال سن القوانين والرقابة ومساءلة الوزراء على أعمالهم في الحكومة”.

وأوضح أن “حدوث الانقسام شتت المجلس التشريعي، حيث بقي المجلس لفترة من الزمن يجتمع في قطاع غزة مكون من نواب عن كتلة التغيير والإصلاح وبعض الكتل  الانتخابية، أما في الضفة الغربية فلم يجتمع المجلس التشريعي، بل شُكلت لجان عملت لفترة زمنية محددة وبعدها حدثت القطيعة التامة”.

وتابع: “بعد تشكيل حكومة سلام فياض لم يعد هناك أي معنى لوجود المجلس التشريعي، لإقرار قوانين وأن يلعب دوراَ مهماً في السلطة كونه السلطة التشريعية والمشكل للنظام السياسي الفلسطيني من خلال السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية)”.

مجلس تشريعي وسلطة سن القوانين لتعزيز الانقسام

وأشار إبراهيم إلى أن “اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي  لنحو 45 نائبا ،غالبيتهم من كتلة التغيير والإصلاح في الضفة الغربية، بالإضافة إلى المعتقلين السابقين ،مثل: أحمد سعدات ومروان البرغوثي، الأمر الذي عزز الانقسام الفلسطيني”.

وذكر أن كتلة “التغيير والإصلاح” قامت بالعمل على سن العديد من القوانين وصلت إلى أكثر من 88 قانوناً سارية المفعول في قطاع غزة وبعضها مهمة إلا أنها لم تكن على مستوى الوطن مثل القانون المدني وبعض القوانين التي يحتاجها اليوم الشعب الفلسطيني.

وبيّن الكاتب الفلسطيني أن الرئيس محمود عباس بدأ منذ اليوم الأول للانقسام بإصدار القرارات بالقوانين والتي بلغت أكثر من 400 قرار بقانون سارية المفعول في الضفة الغربية وبعضها استفاد منه سكان القطاع إلا أنها ليست سارية فيه غير معمول به.

وقال إنه “طول هذه الفترة بقي المجلس التشريعي منقسماً على نفسه وفقط من تجتمع هي كتلة التغيير والإصلاح، إلى أن وقعت الكارثة عام 2018 بإعلان المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي الفلسطيني ودخلت الساحة الفلسطينية في انقسام جديد، ومع ذلك بقي المجلس التشريعي في غزة يعمل من خلال كتلة التغيير والإصلاح”.

وأردف إبراهيم أنه “من الصعب الحديث عن وجود إنجازات مهمة مع إدراك أن حركة “حماس” تقول إن المجلس التشريعي ما زال يعمل، وهناك نائب للرئيس أحمد بحر يعمل في المجلس التشريعي رغم أن عزيز الدويك الرئيس الأول للمجلس التشريعي منذ الأيام الأولى للانقسام لم يعد يجلس في مكتبه ولم تنعقد هيئة المكتب ولم يتم عمل اللازم لأن يكون مجلس تشريعي موحد، وبقيت الأمور على ما هي عليه حتى صدور قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي”.

وشدد على أنه “لم يحقق المجلس التشريعي أي إنجاز يذكر في ظل الوضع السياسي الذي عصف في البلاد منذ الأيام الأولى من انعقاده، على عكس ما حدث مع المجلس المنتخب عام 1996 والذي استمر 10 أعوام وسن نحو 95 قانوناً ولعب دوراً مهماً في الساحة السياسية الفلسطينية من خلال منح الثقة للحكومات وأيضاً مساءلة الوزراء وكانت هناك حالة من العمل الدؤوب في تشريع القوانين وسنها وتعديل القوانين الفلسطينية “.

قوانين متوارثة تحتاج لتعديل

وأكد إبراهيم على أن الحالة الفلسطين”ية بحاجة لأن يكون هناك قوانين معدلة، إذ أن الفلسطينيين ورثوا عن الاحتلال الإسرائيلي قوانين وورثوا عن النظام المصري قوانين وورثوا عن النظام الأردني قوانين لا يزال بعضها يعمل مثل قانون العقوبات رقم 74 لعام 1936 ساري المفعول في قطاع غزة، وقانون العقوبات الأردني ساري المفعول في الضفة الغربية/ ولم يستطع المجلس التشريعي توحيد هذه القوانين”

وختم بأنه وعلى أهمية دور المجلس التشريعي إلا أن الحال بقي على ما هو عليه ما عزز الانقسام في الشارع الفلسطيني على كافة المستويات، ولا يوجد في المنظور القريب أي أمل لعقد انتخابات بعد إلغاء الرئيس عباس للانتخابات التي كان من المفترض أن تجرى في أيار مايو 2021، ما خلق في الساحة الفلسطينية حالة من الجدل وغياب اليقين بأن يتم توحيد للنظام السياسي الفلسطيني وأن تكون المؤسسات الفلسطينية فاعلة وعلى رأسها المجلس التشريعي الفلسطيني.

وبهذا الصدد قال النائب في المجلس التشريعي عن كتلة “التغيير والإصلاح” يحيى موسى العبادسة، إن “المجلس التشريعي لم يعمل كوحدة واحدة متكاملة منذ البداية، حيث دخلت البلاد في صراعات عملت على تعطيل عمل المجلس التشريعي”.

وأوضح العبادسة في حديث لمصدر الإخبارية أنه “عندما تتحدث عن انجازات لا نتحدث عن قضايا صغيرة هنا وهناك، حيث إن عمل المجلس يركز على عدة زوايا، منها الرقابة على عمل الحكومة، وسن القوانين وغيرها، وجميع هذه القضايا رهن ضغط الواقع والوضع الراهن وضروراته، لذلك يعمل المجلس التشريعي وفق هذه الضغوطات”.

وأضاف: “عندما نتحدث عن مجلس تشريعي يعمل بكامل هيئته ويقوم بإعطاء الثقة للحكومة والرقابة عليها وإقرار الموازنات وإصدار التشريعات والرقابة على جميع مؤسسات السلطة، هذه جميعها يمكن أن تعد إنجازات في الوضع الطبيعي، لكن المجلس الحالي وبسبب ظروف الانقسام والصراع لم يتمكن من إتمام هذه المهمات ولذلك لا نستطيع أن نسجل أوهام ولا يمكن أن نقول أن المجلس التشريعي حقق إنجازات”.

 المجلس التشريعي في دوامة الانقسام

وتابع العبادسة بأن “التحدي الأكبر الذي واجه المجلس التشريعي المنتخب كان تحدي الانقسام الفلسطيني الذي وقّع المجلس في دوامته، بدلاً من أن يكون الجامعة التي تجمع الشتات الفلسطيني” موضحاً أن “انخراط المجلس في أحداث الانقسام كان بسبب انحياز كل نائب من نواب المجلس إلى فصيله السياسي وسيره وفقاً لسياسات هذا الفصيل”.

وأشار إلى أن “المجلس التشريعي كان بإمكانه أن يمثل وحدة واحدة فارقة وعابرة لموضوع الحزبية وعابرة لبعض المصالح السياسية الضيقة في هذا الموضوع”.

وشدد العبادسة على أن “المجلس التشريعي 2006 تم تعطيله بمساندة قوى دولية وقوى إقليمية وتواطؤ قوى محلية، وعدم تعامل دول المنطقة والدول المانحة بالاعتراف بشرعية الانتخابات؛ بل أنهم تعاملوا أحياناً تعاملاً واقعياً محدوداً؛ ومنحوا جميع الشرعيات لأطراف غير منتخبة”.

وبيّن أن “الحالة الفلسطينية  الحالية لا يحكم بها العامل الفلسطيني، الذي يفترض أن يكون هو الأهم بهذا الشأن، وإنما هي محكومة بضغوطات إقليمية ودولية ومحكومة بهيمنة الاحتلال على الأرض الفلسطينية وحرف المسارات الفلسطينية بقوة الاحتلال وسطوته”.

وذكر أن “الرئيس عباس أجهز على هذه المؤسسة التي عطلها بالأساس، من خلال إنهاء المجلس التشريعي خارج القانون وتشكيل هيئات تشريعية خارج القانون والسيطرة على جميع مفاصل السلطة (قضاء وتشريع  وسلطة تنفيذية) لكي تكون سلطة الرجل الواحد”.

انعدام أمل لإجراء انتخابات جديدة

وأكد أنه: “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعيد الشعب الفلسطيني موقعه الذي يستحقه إلا من خلال عملية ديمقراطية كاملة من خلال انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي وانتخابات الرئاسة، لإفراز قيادات وطنية ملتزمة أمام الشعب ويكون الشعب هو الرقيب عليها وهو الذي يصوب هذا المسار من خلال معاقبة الجهة التي لا تعمل، وهذا ما نتمنى أن نصل إليه رغم انعدام الأمل”.

بدوره، قال النائب عاطف عدوان إن “المجلس التشريعي خلال المرحلة الأخيرة أصدر عدة قوانين رئيسية فيما يخص الاقتصاد والعقوبات بالإضافة إلى نقاش ملفات تخص قضية القدس المحتلة”.

وأضاف عدوان في حديث لمصدر أن: “هناك مئات التقارير التي أصدرتها اللجان واعتمدها المجلس التشريعي وأيضاً دوره في اعتماد الموازنات ومناقشتها سنوياً، بالإضافة إلى محاولة تصحيح الأوضاع الاقتصادية ومراقبة بعض اللجان على الوزارات العاملة في قطاع غزة والتي تتم بشكل شبه أسبوعي”.

وذكر عدوان أن المجلس التشريعي 2006 يقوم بالمشاركة بمختلف الأنشطة الإعلامية والسياسية، وموضحاً أنه على الرغم من الانقسام إلا أن المجلس التشريعي منخرط بأداء مهامه في قطاع غزة.

وأعرب عدوان عن عدم تفاؤله بعقد انتخابات في المستقبل القريب قائلاً: لست متفائلاً بعقد انتخابات في المستقبل الجديد وانتخاب أعضاء جدد يلتف حولهم الجميع دون تفرقة، حيث مر أكثر من 12 عاماً ونحن ننتظر هذا الإجراء الديمقراطي لكن حتى هذه اللحظة لم يتحقق هذا الهدف”.

وختم بأنه يأمل تحقيق هذا الأمر لإيجاد حلول للقضايا التي تعصف بالشعب الفلسطيني نتيجة الخصومة التي شكلت أكبر إشكالية أمام المجلس التشريعي خاصة بعد أن حلّت المحكمة الدستورية المجلس التشريعي بقرار من الرئيس عباس.

اقرأ/ي أيضاً: التشريعي بغزة يقر مشروع قانون خاص بالمخدرات بالقراءة الأولى

Exit mobile version