الخان الأحمر

الخان الأحمر.. جبلٌ صامدٌ في وجه رياح المؤامرات الإسرائيلية

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

العيونُ ثاقبةٌ والأبصارُ شاخصةٌ ترنو نحو الخان الأحمر، الواقع شرق مدينة القدس المحتلة، في ظل محاولات إسرائيلية حثيثة لاقتلاع الأهالي من قريتهم العامرة بأهلها.

قريةٌ حَوتْ الجمالَ والبهاءَ والسَناءْ، تستنشقُ عبيرَ القدس، وتضمُ في جنباتها مدرسةً تُخرّج أجيالًا تعرف كيف تصون الأرض والعهد بها، ومسجدٌ يربط قلوب المصلين بربٍ تكفل في حماية المستضعفين.

ساعاتُ ثقيلة، تَمُرْ على قاطني “الخان”، وأعينهم لا ترى إلا النصر أو الشهادة، نصرٌ يُعز فيه الفلسطينيون كما جرت العادة، وشهادةٌ بكرامةٍ في أرضٍ طيبة اسمها القدس وعاصمتها فلسطين.

يقول عيد الجهالين رئيس مجلس قروي الخان الأحمر، إن “القرية موجودة ما قبل الاحتلال، يُبعدها عن المسجد الأقصى 14 كيلو مترًا فقط، وتتبع محافظة القدس منذ زمن الأتراك والبريطانيين والأردن، وكانت تُعد الممر الرئيسي للعبور إلى دول المشرق العربي”.

وأضاف الجهالين في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “من هنا مرّ الخليفة عمر بن الخطاب عندما حرّر بيت المقدس، كما من ذات القرية مرّت جيوش المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وللقرية تاريخ مجيد وحافل بالنضالات والانتصارات”.

وتابع: “ابتداءً من القُرى الشرقية لمدينة القدس والتي تشمل العيزرية، أبو ديس، السواحرة، عناتا، حزما، وصولًا إلى البحر الميت، لا يوجد أي مخيم أو قرية فلسطينية عدا قرية الخان الأحمر، ما جعلها مطمعًا إسرائيليًا يُحاولون التخلص منها بهدف التوسع الاستيطاني”.

عصب الحياة بالنسبة للسُكان

واستطرد، “يوجد في القرية 35 عائلة وتضم حوالي 250 شخصًا، وفيها مدرسةٌ وحيدة تضم 200 طالب وطالبة من التجمعات السكانية، كما تضم المسجد والعيادة الوحيدة في المنطقة، وهي تُمثّل عصب الحياة بالنسبة لسُكانها”.

وأكمل: “قرية الخان الأحمر تقطع الاتصال بين مستوطنات الاحتلال المُقامة على أراضي المواطنين، مؤكدًا على أن هدم القرية يُمثّل حُلمًا صهيونيًا قديمًا جديدًا بإنشاء القدس الكُبرى بحيث يكون حدودها البحر الميت، بما يقطع الضفة الغربية عن جنوبها”.

متجدرون فيها وباقون على أرضها

وأكد على أن “الحكومة الإسرائيلية الجديدة تعمل على قدمٍ وساق لإزالة القرية، حيث يعتزم وزراء الحكومة اليمينية غدًا الاثنين زيارتها للتحريض على هدمها وإزالتها، لكننا متجدرون فيها وباقون على أرضها، نفتديها بالغالي والنفيس ودونها رِقابُنا”.

وأردف: “الاحتلال يُعرفُنا جيدًا وحاول خمس مرات سابقًا هدم القرية، إلّا أن أهل القرية تصدوا للاحتلال نساءً ورجالًا وشِيبًا وشُبانًا وكبارًا وصغارًا، وكان بينهم المصابين والمعتقلين ولم يُبالوا طالما أن الخان الأحمر بخير”.

وأضاف: “لن نرحل ولن نكن لاجئين جُدد في وطننا، سنبقى بأراضينا مهما كلّف الثمن ولو قدمنا أرواحنا فداءً لها، فإما أن نعيش فوقها بكرامة أو نموت تحت أرضها شهداء، سيرحل بن غفير وسموتريتش وغيره وسيبقى الخان الأحمر، عامرًا بأهله وقاطنيه”.

رحل ليبرمان وبقي الخان الأحمر

وأكمل: “سابقًا توعّد ليبرمان وزير الحرب في حكومة الاحتلال بهدم الخان الأحمر وكانت النتيجة رحيله وبقاء “الخان” شامخًا أبيًا صامدًا في وجه كل المؤامرات، ونتنياهو من بعده، والأهالي يرون تهديدات الاحتلال بأنها زوبعةٌ في فنجان وستنتهي قريبًا”.

وعن الخطوات التصعيدية لمواجهة زيارة الحكومة الإسرائيلية المقررة غدًا، قال الجهالين: إن “أهالي القرية وجّهوا دعوات واسعة للمؤسسات الحقوقية والهيئات الدولية وجمعيات حقوق الإنسان ووسائل الاعلام للحضور غدًا لمواجهة الوفد المتطرف”.

وأضاف، “وجهنا دعوات للفصائل الفلسطينية بدون استثناء وإلى كل حُر وغَيور على هذه الأرض، ليكون حاضرًا وشاهدًا على تسطير صورة نضالية جديدة أمام الاحتلال ومخططاته الرامية إلى هدم الخان وتمرير المشاريع الاستيطانية”.

وأوضح أن “هدم قرية الخان الأحمر سيكون ضرره على كامل الأراضي الفلسطينية وليس على الأهالي فحسب، وستكون الطلقة الأخيرة في رأس ما يُسمى عملية السلام”.

من جانبه، يقول كريم جبران مدير قسم البحث الميداني بمنظمة بتسيلم الحقوقية: إن “القرية كانت على مشارف الهدم خلال عام 2018 ولم يُنفذ بعد موقفٍ مُشرف للمدعية العامة لمحكمة الجنائية الدولية فاتو بن سودة التي أكدت على أن هدم الخان الأحمر سينتج عنه محاسبة كل مُتورط بعملية الهدم بتهمة ارتكاب جريمة حرب”.

ترحيلًا قسريًا يُمثّل جريمة حرب

وأضاف في تصريحاتٍ خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الحكومة الإسرائيلية الجديدة تضم عددًا من المتطرفين ولا تختلف عن سابقاتها من الحكومات المتعاقبة، خاصةً وأن سموتريتش يُعد مؤسس جمعة “ريغافيم” الاستيطانية التي تُعنى بمحاربة التوسع الفلسطيني والتضييق على المقدسيين”.

وأكد على أن “تهجير سكان الخان الأحمر يُعد ترحيلًا قسريًا وهو بحسب القانون الدولي يُمثّل حرب تستوجب محاسبة جميع المشاركين فيها، خاصةً وأن اليوم هناك ضغوط تُمارس لإتمام عملية الهدم مِن قِبل أعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة”.

وأوضح: أن “إجراء عملية هدم الخان الأحمر، سيعقبها عمليات مشابهة لترحيل السُكان الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن “عمليات الضغط والتضييق على الفلسطينيين في مسافر يطا جنوب الخليل وغيرها، يُعتبر بحد ذاته جريمة حرب تستوجب المحاسبة”.

وأضاف: “خلال الأسابيع الماضية، حذرت منظمة بتسيلم من ارتكاب حكومة الاحتلال جريمة حرب تتمثل في شرعنة الإعدامات الميدانية ضد المدنيين الفلسطينيين، ما يتطلب موقفًا واضحًا من الجنائية الدولية إزاء منع تهجير سُكان قرية الخان الأحمر”.

ودعا جبران، “المدعي العام لمحكمة الجنائية الدولية لأخذ دوره بشكلٍ فعلي، وستقوم المؤسسات المعنية بحالة حقوق الإنسان بتزويده في الملفات المتوفرة والمتاحة لديها، سعيًا لوصول الضحايا من المدنيين إلى العدالة،  لافتًا: “لدينا ما يُثبت تورط قادة إسرائيليون بجرائم حرب”.

الاحتلال ينتهك القانون الدولي

وشدد: على أن “الاحتلال ينتهك القانون الدولي بصورةٍ مستمرة، ما يتطلب ضرورة إيجاد موقف دولي حقيقي رافض لعمليات التهجير القسري، يتجاوز مرحلة الاستنكار والشجب إلى مرحلة تدفيع “إسرائيل” باعتبارها قوة قائمة بالاحتلال الثمن على جرائمها بحق المواطنين خلال عمليات التهجير والترحيل”.

وطالب الجنائية الدولية بتفعيل دورها بشكلٍ حقيقي على أرض الواقع، من خلال خُطوات استباقية لما قبل هدم الخان ومنظمة “بتسيلم” أرسلت منذ أيام عشرات الرسائل للجهات المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية لحثهم على اتخاذ موقف حازم إزاء عمليات الهدم والتهجير.

Exit mobile version