الحفاظ على الفيلا في الغابة

مقال بقلم: مصطفى إبراهيم

أقلام – مصدر الإخبارية 

ما يحدث في اسرائيل حالة مثيرة، تشتعل فيها المعركة على اقتسام الغنائم وجني ثمار الفوقية اليهودية، وتوزيعها على زعماء العصابة اللذين يتسابقون على الحفاظ على مسكنهم الجميل في الفيلا الواقعة في الغابة.

فالخطوط العريضة للحكومة وفقا للاتفاقات الائتلافية تتضمن تنفيذ انقلابات قانونية وكهانية وتغيير في النظام القضائي، وهذا ما يسعى له بنيامين نتنياهو، من أجل إلغاء محاكمته والانتقام من النظام، وجميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف تقوم بذلك لأسباب شخصية أو أيديولوجية، وحتى لو اعتقد قادتها أن نتنياهو فاسد وغير جدير بالثقة، فإنهم سيدعمونه.

وتجري الأمور بصورة دراماتيكية متسارعة من دون انتظار، لتشديد التفوق اليهودي واليميني والقمع النهائي للفلسطينيين، بواسطة الاتفاقات الائتلافية التي وقعت بين الليكود ومكونات الصهيونية الدينية الثلاثة تعمل على تنفيذ ثورة كهانية، لإحكام السيطرة والتفوق اليهودي في الممارسة والقانون.

من خلال السيطرة على المؤسسات خاصة الإدارة المدنية ومنسق اعمال حكومة الاحتلال، وجهاز الشرطة وارتكاب جرائم، من أجل الضم النهائي للضفة الغربية. وتنفيذ نكبة ثانية بالطرد وباستخدام الضغط بواسطة الجيش والشرطة.

ما يخيف الإسرائيليين العلمانيين واليساريين الصهاينة هو خطة حزب نوعم بزعامة أفي معوز التي تتضمن عودة العلاقات الجندرية إلى حالتها الطبيعية وفقا للشريعة اليهودية، ومحاربة المكانة التي اكتسبتها النساء والمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية في إسرائيل، والسيطرة على نظام التعليم، وهذه الخطة مدعومة من قبل كل الأحزاب الصهيونية الدينية وعوتسما يهوديت، والأحزاب الحريدية المتطرفة، شاس ويهودية التوراة.

يتناسى أولئك اللذين خرجوا بتظاهرات لإسقاط الحكومة الجديدة أن إسرائيل تعيش مسيرة حثيثة من التغيير في النظام السياسي والجيش، منذ العام 1977، وما سمي بالانقلاب الكبير، وسيطرة اليمين على الحكم في إسرائيل وما قام به من جرائم ضد الفلسطينيين، وباستثناء فترات قصيرة عاد فيها حزب العمل، وما ارتكبه من جرائم وتهجير وطرد الفلسطينيين وذلك امتداد لجرائم حزب مباي التاريخية.

الدموع الذي يذرفها ما يسمون أنفسهم علمانيون ويساريون على مستقبل الديمقراطية ونظام الحكم في إسرائيل، هم خافوا على أنفسهم خاصة فيما يتعلق بإصلاح النظام القضائي والمحكمة العليا، فهناك اجماع يهودي صهيوني على دعم استمرار الاحتلال وفرض نظام السيادة والفوقية اليهودية.

التغيرات في إسرائيل خاصة في الجيش الإسرائيلي بدأت خلال العقدين الماضيين، وأصبحت مشاهد الضباط والجنود الإسرائيليين يلبسون القلنسوات المطرزة (قبعات المتدينين اليهود)، وهم يتمتعوا باحترام ومكانة عالية في الجيش. وحسب المعطيات التي تشير إلى أن نحو (30 – 40 %) من خريجي دورات الضباط هم المتدينين.

ويبدو رفض رئيس أركان الجيش، الجنرال أفيف كوخافي لتعيين حاخام عسكري في الجيش، كأنه لا يرى ما يجري من تغييرات في الجيش، وأن قوله: إن تعين جهة خارجية وليست جزءا من سلسلة القيادة (العسكرية) حاخاما عسكريا رئيسيا أو رئيس الإدارة المدنية، فهذا يعني أنه توجد اعتبارات أخرى.

وفي ما يتعلق بالجهاز القضاء، والمحكمة العليا فهي مهدت الطريق لتعزيز الحكم العسكري ونظام الفصل العنصري، والتفسيرات الدينية التي قام بها المستشارون القانونيين للتهرب من مبادئ القانون الدولي، والقضاة الذين رفضوا البث في القضايا الخاصة بالفلسطينيين ورد آلاف الالتماسات ضد المؤسسة العسكرية وشرعنة الاحتلال والاستيطان.

ما يقوم به ما يسمى المعسكر المناهض للائتلاف الحكومي اليمني الجديد، هو خشية على الذات والخوف من عدم قطف ثمار الفوقية اليهودية ومغادرة نعيم الفيلا اليهودية في الغابة، وهو ليس له علاقة بالاضطهاد المستمر ضد الفلسطينيين، وخطط الائتلاف اليمني المتطرف القائمة على سياسات وتوجهات حقيقية لتغيير الواقع بشكل أكبر.

والفروق بين اليمين المتطرف الصهيوني، واليمين الأقل تطرفاً، واليمين المعتدل، ويمين الوسط، واليسار الصهيوني، هي اختلافات فقط في مظهر الصهيونية، ونوع القناع.

اقرأ/ي أيضاً: كريم يونس.. الرمز والجبل.. بقلم: د. وليد القططي