قتل وإبعاد واعتقال إداري.. 2022 عامٌ ثقيلٌ على الأسرى وانتهاكات لا تنتهي بحقهم

خاص – مصدر الإخبارية

عامٌ مليء بالانتهاكات الإسرائيلية الشرسة بحق الأسرى في السجون، ليكون حصاد 2022 جملة من الجرائم اللاإنسانية وعلى رأسها المحاكمات والعقوبات لأسرى نفق الحرية، وتضاعف سياسة الاعتقال الإداري، والإهمال الطبي المتعمد والإبعاد عن الوطن، ويكون ختامه حزيناً بفقدان الحركة الأسيرة أحد أعمدتها في عملية اغتيال بطيء، الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.

الإبعاد القسري.. عربدة بحق الأسرى

رغم قرار يقضي بالنظر في قضيته، إلا أن وزارة الداخلية لدى الاحتلال الإسرائيلي، قررت بشكل مفاجئ ترحيل المقدسي صلاح الحموري، والمعتقل إدارياً منذ 9 أشهر إلى فرنسا.

وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت الحموري في 7 آذار (مارس) الماضي، وأبقت عليه رهن الاعتقال الإداري منذ ذلك الحين دون محاكمة، وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قررت سحب هويته وحرمانه من الإقامة في القدس بحجّة “خرق الولاء لدولة الاحتلال”.

ويعد الحموري وهو محام مقدسي يحمل الجنسية الفرنسية، يعمل مع مؤسسة “الضمير” لحقوق الإنسان، حالة ضمن مئات حالات الإبعاد التي ينفذها الاحتلال بحق الفلسطينيين.

الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه أكد أن إلابعاد للحقوقي الحموري عودة سياسة ليست جديدة للاحتلال الذي لا يحترم الحق في الحياة والتنقل والحرية، ويخالف كافة الاتفاقات.

وأفاد عبد ربه في حديث لشبكة مصدر الإخبارية أن الاحتلال مارس هذه السياسة بحق أكثر من 400 مواطن عام 1993، حيث أبعدهم إلى مرج الزهور في لبنان.

وتابع أن عشرات المقاومين والمواطنين المحاصرين في كنيسة المهد تم إبعادهم أيضاً عام 2002، عدا عن العشرات من الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، ضمن سياسة الاستقواء التي يمارسها باستمرار.

وشدد على أن إبعاد الحموري مناقض لكل المعايير الدولية حيث لم تُستكمل الإجراءات القانونية بحقه وتم ممارسة منطق القوة والبلطجة والعربدة بإبعاده.

اعتقال إداري ونقض لوعود الإفراج

لم تكُن هذه السياسة جديدة على الشعب الفلسطيني، فالاعتقال الإداري بدأ مع الانتداب البريطاني لينتقل إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي انتهجه مع المقاومين الذين لم تثبت بحقهم أي تهم.

ويطلق الإداري على اعتقال شخص ما دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام تحت ذريعة ملفات سرية استخبارية، أو بسبب عدم وجود أو نقص الأدلة ضد الشخص المعتقل، وتتراوح مدته من شهر إلى ستة أشهر قابلة للتجديد.

هيئة الأسرى أكدت لمصدر الإخبارية أن المعتقلين الإداريين تضاعفت أعدادههم من 400 إلى 850 حالة خلال هذا العام، حيث يقبعون في سجون مجدو وعوفر والنقب، كما تضاعفت أوامر الاعتقال الإداري إلى 500 أمر.

وأوضح عبد ربه أن الاحتلال في بعض المرات يتراجع عن الإفراج عن المعتقلين الإداريين حتى بعد انقضاء المدة المحددة لاعتقالهم، كما حصل مع خليل عواودة والأخوين أحمد وعدال موسى، الذين كان من المقرر الإفراج عنهم بعد انقضاء الاداري بحقهم، مبيناً أن الاحتلال عمد على التحايل عليهم بخديعة واضحة ليعلقوا إضرابهم المفتوح عن الطعام.

وحول المعتقل عواودة لفت عبد ربه إلى أن الاحتلال نقض مرتين وعوده بالإفراج عنه وقدّم لائحة اتهام بحقه بزعم إدخال هاتف محمول إلى السجون، مبيناً أن جلسة محاكمة ستعقد له في الأيام القادمة.

وكان عواودة (40 عامًا) من بلدة إذنا بالضفة المحتلة، علّق إضرابه الذي استمر 172 يومًا في 31 من شهر آب (أغسطس) الماضي، بعد التوصل إلى اتفاق مكتوب يقضي بتحديد سقف اعتقاله الإداري والإفراج عنه في الثاني من شهر تشرين أول الجاري، قبل أن يفاجأ بنقض الوعد الذي بات سياسة معهودة للاحتلال.

أبو حميد.. آخر ضحايا الإهمال والقتل البطيء

شهد العام  2022 ارتقاء العديد من شهداء الحركة الأسيرة، من بينهم الأسيرة المسنة سعدية فرج الله من الخليل،  والشهيد الأسير ناصر ابو حميد، والأسيران داوود الزبيدي ومحمد غوابرة الذين قضيا في جريمة إعدام ميداني بجنين.

انضم الأسير الشهيد أبو حميد إلى قائمة شهداء الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، ورفض إدارة السجون الإفراج عنه ليكون بين أحضان عائلته، أو تقديم العلاج اللازم له.

وأصر الاحتلال على الاستمرار بجريمته بحقّ الأسير أبو حميد، عبر استمرار اعتقاله، واحتجازه في سجن الرملة، رغم المحاولات التي جرت على مدار الفترة الماضية على الصعيد القانونيّ، وفشلت في محاولة الإفراج عنه، بعد أن رفضت محاكم الاحتلال طلب الإفراج المبكر عنه، ليكون بين أحضان عائلته.

وناصر أبو حميد واحد من 24 أسيراً يعانون السرطان والأورام، وكان من أصعب الحالات المحتجزة في سجون الاحتلال.

هيئة الأسرى شددت على أن هناك مؤشر واضح بأن الاحتلال لم يكتفي بالإهمال الطبي والقتل البطيء للأسرى في سجونه، حيث لا زال يحتجز جثامين 11 منهم، من بينهم فارس بارود وسعدي الغرابي وكمال أبو وعر وناصر أبو حميد وغيرهم.

وأكد عبد ربه أن هؤلاء الشهداء ليسوا أرقاماً بل قيمة وطنية يعتز بنضالها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وأن حق تسليم جثامينهم مكفول ومشروع وفق اتفاق جنيف والقانون الإنساني الدولي وكافة القوانين، مشيراً إلى أن الاحتلال هو الجهة الوحيدة التي تحتجز جثامين الشهداء بعد الوفاة ليؤكد بذلك الحقد والعنصرية التي يحملها.

وأوضح أن مزاعم الاحتلال بأنه سيفرج عن جثامين الشهداء الأسرى بعد انقضاء مدة محكوميتهم باطلة، حيث لا زال يحتجز جثمان الشهيد نصار طقاطقة من بيت فجار رغم انتهاء محكوميته، وهو من بين عدة أسرى محتجزة جثامينهم تحت ذريعة معرفة مصير جنوده والضغط على المقاومة بغزة، رغم أن غالبية المحتجزة جثامينهم هم قبل قضية الجنود الأسرى بغزة من الأساس.

انتهاكات تطال الأسيرات

29 أسيرة لا زلن يقبعن في معتقل “الدامون”، من بينهن الطفلتان نفوذ حماد وزمزم القواسمة، أقدمهن الأسيرة ميسون موسى المعتقلة منذ عام 2015، والمحكومة بالسّجن 15 عامًا، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.

ومن بين الأسيرات، الأسيرتان شروق البدن ورغد الفني المعتقلتان إداريًا، كما أن 6 أسيرات اعتقلن وهن جريحات.

في حين تعد أصعب الحالات بينهن الأسيرة إسراء جعابيص التي تعاني من تشوهات حادة بعد تعرضها لحروق خطيرة أصابت 60% من جسدها، جرّاء إطلاق جنود الاحتلال النار على مركبتها عام 2015، والذي تسبب بانفجار أسطوانة غاز داخل مركبتها، مبيناً أن من بين الأسيرات 6 أمهات.

أفرجت قوات الاحتلال عن الأسيرتين دينا جرادات وياسمين جابر، الجمعة، بعد انقضاء مدة محكوميتهن في وقت تتعرض فيه الأسيرات لانتهاكات جسيمة وخطيرة من السجانين.

وأوضح عبد ربه أن من أبرز هذه الانتهاكات التفتيشات المستمرة، والإهمال الطبي المتعمد والكاميرات في ساحات الفورة وأماكن الاستحمام في الفورة للحد من حريتهن.

هيئة الأسرى أكدت أن العام 2022 كان عاماً ثقيل جداً على الأسرى ختمه ارتقاء الشهيد أبو حميد الذي صارع للبقاء على قيد الحياة، عدا عن عمليات القمع والاقتحامات والاعتداءات والعزل الانفرادي، لتدفع كل هذه الممارسات الاسرى لمقاطعة المحاكم والإضراب عن الطعام والامتناع عن الفورة وغيرها من الخطوات التصعيدية التي شهدتها السجون على مدار العام.

رغم الأحادث الدامية والانتهاكات اللامنتهية بحقهم خلال 2022، قالت هيئة الأسرى في حديثها لمصدر الإخبارية بالقول: “مقدمون على مراحل أكثر صعوبة في السجون في العام الجديد، في الوقت الذي يسعى فيه المتطرف إيتمار بن غفير لسن تشريعات تنص على الإعدامات بحق الاسرى ضمن قوانين الحكومة الجديدة، وهي سياسة ليست جديدة على الاحتلال الذي يمارس الإعدامات الميدانية منذ عهود”.