ذكرى النكسة .. 53 عاماً على التشبث بالحق رغم ضراوة وقسوة الظروف

ساره عاشورخاص مصدر الإخبارية 

يوافق اليوم الخامس من شهر حزيران/ يونيو، ذكرى النكسة الفلسطينية أو ما تسمى بحرب الأيام الستة، التي اندلعت عام 1967، وبهذا التاريخ يمر نحو 53 عاماً على الصراع العربي- الإسرائيلي الثالث من نوعه.

وهذا العام ليس كما غيره من الأعوام حيث يحيي الفلسطينيون ذكرى النكسة في الوطن والشتات، في ظل ظروف استثنائية، نظراً لما يمر به العالم من حالة طوارئ بسب جائحة كورونا، الأمر الذي سيمنعهم من التجمع والانطلاق في مظاهرات وفعاليات منددة بالحرب الإسرائيلية التي كبدت الشعب الفلسطيني خسائر جمة.

لكن هذه الظروف لم تمنع من التأكيد على الحق الفلسطيني وتذكير العالم بجرائم الاحتلال، فقد نظمت فعاليات فريدة من نوعها هذا العام بطريقة تمنع التجمهر وفي نفس اللحظة تؤكد أن الفلسطينيين لازالوا متمسكين بالأرض ولم ينسوا حقهم وإن مرت عليه آلاف السنين.

ومن أبرز الفعاليات التي لفتت أنظار العالم هذا العام، هو قيام مجموعات شبابية بتنظيم فعالية إطلاق طائرات ورقية تحمل العلم الفلسطيني وشعارات وطنية في ذكرى النكسة الـ53، بصورة تؤكد على التشبث بالحق بشتى الطرق والوسائل الممكنة.

عدسة مصدر الإخبارية شاركت الشباب ووثقت فعالياتهم الوطنية، ونقلت صورة الرسالة التي يودوا إرسالها إلى العالم أولاً وإلى المنظمات الحقوقية في كل مكان والتي مفادها أن الأجيال ستبقى على الوعد وأن ما كان عليه الأجداد سيتوارثه الأبناء.

تفاصيل مؤلمة وقعت خلال نكسة حزيران

دارت الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وكل من مصر وسوريا والأردن خلال الفترة ما بين الخامس من حزيران وحتى العاشر منه، وأسفرت عن استكمال احتلال بقية الأراضي الفلسطينية، القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، والجولان السوري، وسيناء المصرية.

وصعّد الاحتلال عملياته الاستفزازية ضد سوريا بضرب الوسائط والمعدات التي كانت تعمل في المشروع العربي لتحويل روافد نهر الأردن والاعتداء على المزارعين السوريين وزيادة حجم التحديات ضد القوات السورية؛ ما أدى إلى زيادة حدة الاشتباكات التي بلغت ذروتها جوا (يوم 7/4/1967)، إذ توالت الأخبار عن التدابير العسكرية التي اتخذها الاحتلال، وخاصة ما يتعلق بحشد قواته على الحدود السورية؛ ما دفع مصر إلى الوفاء بالتزامها وفقاً لمعاهدة الدفاع المشترك (المصرية السورية) التي تم التوقيع عليها في (4/ 11/ 1966)، فأوفدت رئيس أركان قواتها المسلحة (اللواء محمد فوزي) إلى دمشق لتقدير الموقف على الطبيعة وتنسيق التعاون.

وعندما عاد إلى القاهرة، أعلنت مصر حالة من التعبئة القصوى، وأخذت القوات المصرية تتحرك على شكل تظاهرة عسكرية اخترقت شوارع القاهرة يوم (15/ 5/ 1967) متوجهةً نحو سيناء، ثم طلبت القيادة المصرية يوم 16 أيار 1967 من قائد قوات الطوارئ الدولية في سيناء، سحب قوات الأمم المتحدة؛ ثم أعلن الرئيس جمال عبد الناصر يوم 23 أيار1967 إغلاق مضايق تيران في وجه ملاحة الاحتلال؛ وهكذا أزالت مصر آخر أثرين تبقيا من العدوان الثلاثي عام 1956م.

الاحتلال الإسرائيلي اعتبر إغلاق مضائق تيران إعلان حرب، فأخذ يُسرع بخطواته ويجهز نفسه عسكريًا وسياسيًا للبدء بالعدوان بتأييد من الولايات المتحدة الأمريكية ومباركتها.

وتوجهت القوات السورية والمصرية نحو جبهات القتال، أما “إسرائيل” فقامت بمجموعة من الإجراءات أظهرت نية قادتها في العدوان، مثل التعديل الوزاري الذي جاء بالجنرال موشيه دايان إلى وزارة الحرب، ولم تمض سوى ساعات قليلة على ذلك، حتى بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن الحرب.

واعتباراً من منتصف أيار 1967م، بدأت استعدادات جيش الاحتلال لشن العدوان، وذلك بتنفيذ الدعوات الاحتياطية السرية، وحشد القوات على الاتجاهات العملياتية، ما زاد في توتر الموقف العسكري في المنطقة.

ونتيجة النشاط السياسي الدولي، وبصورة خاصة رغبة الحكومة الفرنسية آنذاك بعدم اللجوء إلى القوة، تعهدت الدول العربية مصر وسوريا والأردن بعدم شن الحرب وإيقاف الاستعدادات العسكرية، إلا أنّ القيادة العسكرية الإسرائيلية، وبدعمٍ من الولايات المتحدة الأميركية، استغلت هذا الظرف، وقامت بعدوانها المباغت صبيحة 5 حزيران 1967م.

ونفذت إسرائيل خطتها العدوانية بتوجيه ضربة جوية كثيفة ومباغتة للمطارات العسكرية وللطيران الحربي المصري، والسوري، والأردني، فمكّنت الطيران العسكري الإسرائيلي من توفير السيطرة الجوية على أرض المعركة طيلة مدة الحرب.

وفي الفترة بين 5-8/ 6 انتقلت القوات الإسرائيلية للهجوم، موجهة الضربة الرئيسية على الجبهة المصرية؛ والضربة الثانوية على الجبهة الأردنية، في الوقت الذي انتقلت فيه للدفاع النشط على الجبهة السورية مع توجيه الضربات النارية بالمدفعية والطيران لمواقع الجيش السوري في الجولان طيلة تلك الفترة.

تابعت إسرائيل هجومها يوم 10/ 6، رعلى غم صدور قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، وغذت المعركة بقوات جديدة من الاحتياط، خاصةً من القوات التي كانت تعمل على الاتجاه الأردني.

النكسة الفلسطينية العربية ونتائجها الكارثية

احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية، بما فيها القدس (5878 كم2) عام 1967، إثر انسحاب القوات الأردنية وعودتها إلى الشرق من نهر الأردن، وقلصت حدودها مع الأردن من 650 كلم إلى 480 كلم (من بينها 83.5 كم طول البحر الميت).

ونهبت “إسرائيل” الكثير من ثروات الضفة الغربية، سيما المائية منها، وباشرت بعمليات تهويد للقدس بطريقة مخططة ممنهجة، واستطاعت باستيلائها على مساحات شاسعة من أراضي الضفة، تحسين وضعها الاستراتيجي والعسكري، وإزالة أي خطر عسكري كان من الممكن أن يتهددها، أو وجود أي جيش عربي منظم ومسلح في الضفة الغربية، التي تعتبر القلب الجغرافي لفلسطين التاريخية.

وكان من نتائج حرب 67، صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، وانعقاد قمة اللاءات الثلاث العربية في الخرطوم، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة بما فيها محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية.

لم تقبل إسرائيل بمنطق السلام، ورفض قرارات منظمة الأمم المتحدة وتحدت ميثاقها وانتهكت مبادئها؛ واستمرت بالاستيلاء على الأراضي ونهبها لصالح الاستيطان.

أسفرت الحرب عن استشهاد 15.000 – 25.000 عربي، مقابل مقتل 800 إسرائيلي؛ وتدمير 70 – 80% من العتاد الحربي في الدول العربية.

آثار ممتدة وعميقة لنكسة حزيران

ومن بين الآثار العميقة التي تركتها الحرب كان أفول نجم القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر، وبروز الوطنية الفلسطينية المقاتلة التي باتت تمثل فلسطينيي الضفة الغربية وغزة والشتات والتي ختمت مسيرتها بعقد اتفاق أوسلو مع إسرائيل عام 1993.

غير أن هذا الاتفاق لم يعالج مشكلة الاستيطان ولا مصير القدس ولا منح وطن للفلسطينيين، كما أخفقت مساع مصالحة سوريا مع “إسرائيل” على غرار الاتفاق المصري الإسرائيلي الذي أتاح استعادة سيناء.

وقد ساهمت حرب يونيو/حزيران 1967 في أفول نجم القومية العربية وشجعت الحركات والمنظمات الفلسطينية على تجاوز وصاية الأنظمة العربية.

ومن من نتائجها أيضًا بروز الإسلاميين كقوة جديدة نافذة في المنطقة، بحسب ما يقول مؤرخون.

وقد خالفة هزيمة يونيو ما هو معروف من أن الهزائم تمثل فرصة للتصحيح والمراجعة وتجنب الأخطاء.

ومثلت الهزيمة من الناحية العسكرية فرصة لعودة العسكريين إلى مهمتهم الأساسية في الدفاع والحرب، وتمت بالفعل إعادة بناء الجيش المصري على أسس مختلفة من الانضباط والعقيدة القتالية، الأمر الذي مكّن مصر من شن حرب الاستنزاف، ثم حرب 6 أكتوبر وهزيمة العدو وعبور قناة السويس.

ذكرى النكسة ومشاريع الضم أحداث مختلفة ونتائج واحدة

ما يستجوب ذكره تزامناً مع هذه الذكرى السوداء هذا العام أنها تتزامن مع ما يسمى بمخططات الضم التي ما هي إلا نتائج صفقة القرن الأمريكية التي أعلنها ترمب، وبهذا الصدد ارتفعت أصوات فلسطينية تؤكد على وجوب التمسك بإعلاء نداء الحرية ومجابهة نوايا الضم الهادفة للإطاحة بقضيتنا العادلة وحقنا في الاستقلال، والخلاص من أطول وآخر احتلال في العالم.

وبطريقتها الخاصة أكدت الفصائل الفلسطينية في ذكرى النكسة، أن مخطط الضم لن يمر وأنها ستواصل الكفاح حتى دحر الاحتلال، وأن  المقاومة هي الخيار الاستراتيجي لإفشال هذا المخطط.