مخيمات اللاجئين في غزة: بيوت تملؤها الضغوط النفسية والمعيشية وجدران لها آذان

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

كانت تصرخ على أبنائها من أجل تدريسهم للامتحانات النصفية، لكن عدم استيعابهم جعلها تُكرر حديثها أكثر من مرة، إلا أنّ قام أطفال المخيم قاموا بتقليدها بطريقة ساخرة أثارت غضبها من أحدهم، هكذا روت المواطنة نور خالد تفاصيل عن حياتها اليومية في إحدى مخيمات اللاجئين في قطاع غزة.

لا خصوصية وأسرار في مخيمات اللاجئين

تقول نور التي تعيش في مخيم الشاطئ لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “اعتدت على هذه المشاهد يوميًا لأن هذه حياة مخيمات اللاجئين في غزة ولا مفر منها، الكثير من المواقف تزعجني أنا وزوجي وأبنائي ونحاول تجاوز الأمر بالتجاهل”.

وتتابع: “نعيش في المخيم حالة من فقدان الخصوصية، كأننا عائلة تعيش في منزل واحد، يسمعون أصواتنا في المطبخ وصراخنا على الصغار، وترتيب المنزل حتى صوت الغسالة كل ذلك على المكشوف”.

وتأمل نور بأنّ تنتقل إلى منزل آخر بعيدًا عن البيوت المتلاصقة لتأخذ حريتها فيه، وتضمن خصوصياتها مع عائلتها.

اعتياد رغم المضايقات

الحاجة أم محمد تُشير إلى أنّها ولدت وتزوجت في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، واعتادت على الحياة فيه رغم وجود بعض المعيقات منها عدم الخصوصية في الكثير من الأمور البسيطة، لكنها قالت إن هناك إيجابيات منها تعاون الجارات بينهن ومشاركتهن في الأفراح والأتراح قبل الأقارب كأنهن أخوات.

وتضيف أم محمد لـ”شبكة مصدر الإخبارية”: “في إحدى الأيام كنت جالسة مع زوجات أبنائي نتشاور في أكلة يوم الجمعة، لتخرج إحدى الجارات من الشباك وتقول ابعثي لي صحن بحب الكشك هنا توقفنا عن الحديث وبدأنا بالنظر إلى بعضنا البعض ولكن نحن نتشاور حتى اللحظة”.

وتشتكي أم محمد تعيش على هذا الحال منذ خمسين عامًا، مشيرًة إلى عدم الارتياح أثناء الحديث مع العائلة، حتى أن يسمعون الجيران صراخهم وبكاء الأطفال وآهات المريض، مضيفة أنه لا يوجد أسرار بيننا حياتنا على العلن.

وتتابع: “حتى زيارة صلة الرحم أشقائي أو أبي وأمي وخالاتي عندما تسمع الجارات بأنهم متواجدون في منزلي يأتين بسرعة للجلوس معنا، وفي حينها لا نستطيع أن نتحدث عن حالنا وأسرارنا فقط نجلس لنسمع حديثهن، حتى أصبحت عائلتي لا ترغب بأن تزورني بسببهن”.

ضغوط نفسية ومعيشية في مخيمات اللاجئين

الأخصائية النفسية ختام الزريعي تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية”، إن أنّ هناك بعض العائلات التي تعيش في مخيمات اللاجئين تنزعج من هذا الأمر مما يخلق الكثير من الخلافات وتفكير دائم بكيفية وضع حد لهم، مشيرًة إلى أنّه سيكون له تبعات سلبية على نفسياتهم.

وتضيف الزريعي أن الكثافة السكانية وتلاصق البيوت أدى إلى عدم ارتياح بعض العائلات في منزلهم خاصة بأنّ الحياة في مخيمات اللاجئين جميعها تسمع من الجيران خاصة تدخلاتهم في الكثير من الأمور.

وتنوه إلى أنّ الكثير من النساء في المخيم تعاني من ضغوط نفسية ومعيشية، حيث يضطررن للتأقلم للعيش فيه.

أوضاع اقتصادية واجتماعية متقاربة

رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم الشاطئ نصر أحمد يُوضح لـ”شبكة مصدر الإخبارية“، أنّ سكان المخيمات كانوا قبل أن يصبحوا لاجئين يعيشون في بيوت متباعدة في قراهم ومدنهم بالقدر المعقول، وكانت هناك أريحية بالحديث بينهم ولا يسمعهم من يجاورهم.

ويُشير إلى أنّه بعد الهجرة ورحلة اللجوء اختلف الأمر حيث أصبحوا يسكنون في مخيمات طبيعتها ذات بيوت متلاصقة وازدادت تلاصقًا أيضًا مع زيادة الكثافة السكانية، مستذكرًا أنّ مخيمات اللاجئين في غزة أول نشأتها بمخيم الشاطئ كان عددها 23 ألفًا وارتفعت إلى 90 ألفًا.

ويضيف أنّ مساحة مخيمات اللاجئين في غزة محدودة جدًا واضطر اللاجئون أن يقوموا بالتوسع الراسي إضافة إلى بعض التوسع الأفقي مما أدى لضيق الشوارع، بالتالي أصبحت البيوت ليس لها أسرار فالجميع يسمعون بعضهم البعض حتى في الخلافات البسيطة ليس هناك سر في المخيمات.

مخيمات اللاجئين في غزة

ويردف: “هذا التلاصق يضايق بعض الناس ويحدث مشاكلًا، لكن سرعان ما يتم حل الخلافات بسبب طيبتهم وطول العشرة بينهم كأنهم عائلة واحدة.

ويؤكد أنّ المواطنين الذين يعيشون في مخيمات غزة أوضاعهم الاقتصادية والتعليمية متقاربة، وأيضًا همهم واحد، آملين بأن تكون هناك انفراجة ويعودوا إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها.

وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، فإنه بلغ عدد مخيمات اللاجئين 58 مخيمًا مسجل رسميًا لديها، تتوزع على 19 مخيمًا في الضفة الغربية المحتلة، وثمانية في قطاع غزة، وعشرة في الأردن وتسعة في سوريا و12 في لبنان.