الجهاد الإسلامي والمقاومة في مرمى الاحتلال والسلطة

مقال- خالد صادق

بات من الواضح ان السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية تسعى جاهدة للقضاء على الحالة الثورية المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلة ضد الاحتلال الصهيوني، فقد شكلت الحالة الثورية التي تصاعدت مؤخرًا في الضفة، عامل إزعاج وتوتراً لدى قادة وأجهزة أمن السلطة، فمبرر وجود السلطة وأجهزتها الأمنية مرتبط بالتنسيق الأمني مع الاحتلال, والحفاظ على امن «إسرائيل» ومنع العمليات الفدائية ضدها، ودون ذلك ليس هناك أي مبرر لوجود السلطة وأجهزتها الأمنية، ومع انتشار مجموعات مسلحة في الضفة ككتائب المقاومة في جنين ونابلس وطولكرم وطوباس وغيرها وهى كتائب تابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, ومع ظهور مجموعات عرين الأسود, ارتفعت وتيرة العمل المقاوم في الضفة, وأصبحت «إسرائيل» توجه أصابع الاتهام للسلطة بالضعف والهوان وعدم القدرة على مواجهة هذه الكتائب المسلحة, وتهدد وتتوعد تارة بأخذ زمام الأمور بيدها, ثم سرعان ما تعود وتتحدث عن دعم لوجستي للسلطة كي تقوى وتواجه المقاومة, لان السلطة تشتكي من شح أدوات القمع لديها ضد الفلسطينيين, وتطالب بتسليحها جيدا, وهنا يجب ان نلحظ بان «إسرائيل» لا تتهم السلطة بالتقصير في ملاحقة المقاومين, انما بالعجز والضعف وعدم القدرة على القضاء على هذه الظاهرة الثورية, ما يعني ان السلطة تستجيب لكل مطالب «اسرائيل» وتنفذ كل المهام الموكلة اليها, وتبذل اقصى جهودها لتحقيق ذلك, لكنها تفشل أحيانا في الوصول للأهداف لأنها تصطدم بالمقاومة وحاضنتها الشعبية التي تزيدها قوة وصلابة وتحصنها من اعدائها, فالمقاومة باتت عصية على السلطة والاحتلال على حد سواء.

أجهزة امن السلطة اعتقلت مؤخرا الأسير المحرر عدنان الحصري، فيما اعتقلت قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين، المواطن يحيى السعدي، نجل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير بسام السعدي، فيما يخوض خمسة معتقلين سياسيين فلسطينيين، بينهم مصعب اشتية، إضراباً مفتوحاً عن الطعام، في سجن أريحا «غوانتنامو»، للمطالبة بالإفراج عنهم, محامي مجموعة «محامون من أجل العدالة»، قال إن عدد المضربين، منذ السبت الماضي، بلغ خمسة على الأقل، وعرف من بين المضربين عن الطعام مصعب اشتية، وإسلام بني شمسة، وأنور السخل، ومحمد علاوي، وعميد طبيلة، وكلهم حصلوا على قرارات قضائية بالإفراج عنهم، الا ان أجهزة امن السلطة ترفض تنفيذ قرار الافراج, الأسير المفرج عنه من سجون الاحتلال المحامي محمد علان, قال إنّ هناك «تحالفا قويا ومتينا بين قوات الأمن التابعة لسلطة محمود عباس مع قوات الاحتلال», وأضاف علان لـ»الرسالة نت»: أن «الاجتماع الذي عقد مؤخرا في جنين، منح الاحتلال ضوءاً أخضر من قيادة السلطة، بممارسة الاغتيالات والقتل وتصفية المقاومة».

وعدّ علان ما حدث في الضفة من اغتيالات ثمرة خبيثة من ثمار التنسيق الأمني الذي لم يعد سريا، بل جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد، وحمّل السلطة برئيسها وقيادة أجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة عن كل شهيد يرتقي على يد الاحتلال، الذي لم يكن ليصل لهؤلاء المقاومين لولا وجود التنسيق الأمني»، وأكدّ أن قانون الثورة الفلسطينية سيطبق على هذه «الطغمة المختطفة لحركة فتح ومن جرّدت السلطة من أي شرف ثوري» فهل يستفيق هؤلاء المختطفة عقولهم من غفوتهم ام سيبقون في غفلتهم طويلا.

قوات الاحتلال الصهيوني وفي اطار التنسيق الأمني مع السلطة وأجهزتها الأمنية داهمت فجر امس الثلاثاء بصورة همجية عدداً من منازل قادة ومحرري حركة الجهاد الإسلامي في بلدة عرابة جنوب غرب جنين, حيث اقتحمت منازل القادة والمحررين: طارق قعدان وجعفر عز الدين ومصطفى ومحمد الشيباني وراني لحلوح ومحمد مرداوي وبسيوني العارضة، وإخضعتهم للتحقيق الميداني والتهديد بإعادة اعتقالهم, فيما تشن قوات الاحتلال حملة مداهمات واعتقالات واسعة في محافظات الضفة, تستهدف كوادر الحركة والمقاومة على خلفية تصاعد العمل المقاوم, ويبدو ان هذه المداهمات أصبحت سلوكا يوميا للاحتلال في محاولة لشل قدرات المقاومة, ووقف سياسة التحريض التي تنتهجها الفصائل ضد الاحتلال, وذلك بعد ان ألقت هذه العمليات النوعية في الضفة الغربية والقدس بظلالها على المشهد الصهيوني العام, وباتت تشكل حالة ارق دائمة للاحتلال, وأصدر ما يسمى بوزير الحرب الصهيوني بيني غانتس امس تعليمات للجيش بالاستعداد لاحتمال وقوع حدث يؤدي إلى تصعيد في الضفة, وانه يمكن أن يرتبط أيضا بغزة، فالقادم اسوأ, والسلطة للأسف الشديد ارتضت ان تكون أداة قمع في يد الاحتلال, ورغم ذلك لا زلنا نأمل ان توقف السلطة مسلسل التنسيق الأمني مع الاحتلال, فحالة الحنق على أدائها تتفاقم شعبيا, وباتت تخسر كل شيء لأجل إرضاء ربيبتها «إسرائيل», التي وضعت حدا «للسلام» معها وأكدت ان مسار التسوية قد انهار تماما ولم يعد مقبولا السعي للعودة اليه, والسلطة عندما ترتهن بالاحتلال والإدارة الامريكية تخسر رصيدها الشعبي, هذا في حال بقي لديها رصيد في ظل انحيازها السافر للاحتلال.