عن تأثير الصهيونية الدينية على المجتمع الإسرائيلي

أقلام- مصدر الإخبارية

بقلم د. مهند مصطفى: من المتوقع أن تنعكس التداعيات المترتبة على تأليف حكومة بنيامين نتنياهو السادسة في إسرائيل، والتي تؤطرها تعليقاتٌ محليةٌ بأنها ستكون “يمينية كاملة”، على “الحرب الثقافية” على صورة المجتمع اليهودي في دولة الاحتلال. والتي تدور رحاها بالأساس بين قوانين الشريعة اليهودية وقوانين الدولة.

في غمرة ذلك كله، تتّجه الأنظار إلى الصهيونية الدينية التي سيكون لها تأثير وازن في هذه الحكومة، وباتت في الأعوام الأخيرة خاضعةً أكثر فأكثر للتيارات المتطرّفة التي تعتبر المثليين شواذّ، وترى في التيّار الإصلاحي اليهودي “تيّارًا مسيحيًّا”، وتعدّ التوجّه بغية التعرّف إلى الآخر والمختلف خطيرًا.

ولا يجوز النظر إلى هذه المعركة الأخرى للانحياز إلى قوانين الشريعة، من دون الإشارة إلى أن مركز الثقل في الصهيونية الدينية أمسى للتيّار الأرثوذكسي – القومي (المسمى بالعبرية باقتضاب “حردلي”) والذي يزداد قوةً، وهو تيّار يُعادي روح الثقافة العامة، والقيم الديمقراطية، ويعتمد توجهًا دينيًا أصوليًا إلى جانب أيديولوجيا قومية. وأخذ نفوذه بالتعمّق في الأعوام الأخيرة في جهاز التربية الرسمي وفي الجيش الإسرائيلي على وجه الخصوص.

وفيما يخصّ الجيش تحديدًا، قبل عدة أعوام، اعتمد البروفيسور ياغيل ليفي، الباحث الإسرائيلي الأبرز المتخصّص في موضوع العلاقة بين الجيش والمجتمع، مصطلح “ثقرطة الجيش” كي يصف تأثير حاخامي الصهيونية الدينية، الذين يشغل بعضُهم رئاسة المؤسسات التحضيرية للخدمة العسكرية وبعضهم الآخر يحتلّ رئاسة المدارس الدينية، على الجيش، ويقصد بذلك ظاهرة تقويض صلاحية الدولة وقوانينها في مقابل تعزيز صلاحية الشريعة اليهودية وقوانين الدين، إذ إنه، بحسب رؤية حاخامين، شرعية قوانين الدولة محدودة! وفي حال تناقضها مع قوانين الشريعة اليهودية، كما يفسّرونها، فإن الغلبة لقوانين الشريعة. ولا بُدّ من أن نشير إلى أن أحد أبرز الذين يتبنّون هذه الرؤية هو الحاخام العسكري الرئيسي الحالي للجيش، إيال كريم، الذي لديه آراء مشابهة حيال قضايا النساء والمثليين، وفي كل ما يرتبط بقوانين الحرب وفق الشريعة اليهودية، والتي تبرّر، برأيه، أفعالًا على غرار قتل جرحى ومواطنين أبرياء، وهي أفعال مُعرّفة وفق القانون الدوليّ بأنها جرائم حرب، عدا عن أنها مخالفة حتى لقوانين الجيش والدولة الإسرائيلية نفسها.

اقرأ/ي أيضًا: الحكومة الإسرائيلية المقبلة وتأكّل نظرية “بوتقة الصهر” لبن غوريون