تقدير موقف: عملية القدس النوعية تفتح الباب لخلافات نتنياهو والجيش

معتز خليل– باحث سياسي مقيم في لندن

وقعت صباح اليوم الأربعاء عملية عسكرية “نوعية” في قلب القدس المحتلة ، وهي العملية التي نجم عنها بعض من الخطوات التي اتخذتها إسرائيل ، على رأسها إغلاق المعابر الحدودية وتقليص تصاريح العمل للفلسطينيين ، الأمر الذي سيؤثر سلبا بالتأكيد على الوضع الاقتصادي الفلسطيني بالنهاية .
وبات واضحا ان هناك بعض من الكتابات ودراسات تقدير الموقف التي تشير صراحة ألى أن الاستقرار الأمني وحده سيسمح بتحسين الوضع الاقتصادي والرفاهية ونوعية الحياة ، وهو أمر قالته من قبل ،أعلنته وزارة الاقتصاد الفلسطينية.
اللافت إن هذه العملية تتزامن مع تواصل مباريات المونديال ، والذي جاء متزامنا مع توقع بعض من الدوائر الاقتصادية آن يجلب طفرة اقتصادية في القدس التي عانت كثيرا على الصعيد الاقتصادي نتيجة لسياسات الاحتلال والإغلاق الذي تزامن ورافق العمليات العسكرية الفلسطينية في عموم الضفة الغربية او القدس.
اللافت انه وبعد عامين من تفشي وباء كوفيد -19 وهناك تحديدا في القدس حالة من الهدوء الأمني النسبي، وهناك أيضا زيادة في عدد السياح الذين يأتون إلى القدس في الأسابيع الماضية.
غير انه وخلال الفترة الأخيرة التي حدث فيها تصعيد أمني في الضفة الغربية أدت إلى أضرار اقتصادية للتجار والأهالي نتيجة لسياسات الاحتلال والتصعيد الأمني من قبل الفصائل.
وقد أدى تراجع حجم التجارة ومنع العرب 48 من دخول الضفة الغربية إلى ترك العديد من السلع للتجار الفلسطينيين دون القدرة على بيعها ، فضلا عن تم تقليص حجم تصاريح العمل مما أدى إلى مشاكل اقتصادية للفلسطينيين.

ما الذي جرى
تمثل عملية اليوم بالقدس المحتلة نقلة نوعية لافتة في سلسلة آو مسار العمليات الفلسطينية العسكرية لعدة أسباب أولها:
1- لم تعتاد المدرسة العسكرية الفلسطينية عند القيام بعمليات الاعتماد على منظومة “التفجير عن بعد” ، حيث اعتادت على القيام بعمليات طعن ، عمليات استشهادية ، عمليات قنص ذات طبيعة تعتمد على المواجهات المباشرة ضد الإسرائيليين.
2- العملية تأتي في ظل أزمة استراتيجية بلورتها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو والذي قال صراحة انه لا يرضى عن عمل الجيش في الضفة الغربية ومنظومة عمليته بها ، فضلا عن نقل مصادر مقربة منه إنه غير راض عن تعيين رئيس هيئة الأركان الجديد هرتسي هاليفي تماما ، الأمر الذي زاد من حجم التوتر بين الحكومة القادمة وبين رئاسة هيئة الأركان والجنرالات الإسرائيليين ، خاصة وأن هناك علاقات سلبية سابقة بين هاليفي تحديدا وبين نتنياهو من قبل .
3- أدلى عدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية المقبلة مثل بن غفير تحديدا لتصريحات تتعلق وتمس بمنظومة الأمن الداخلي الإسرائيلي بداية من منظومة الدفاع والعمل الأمني في فلسطين ، فضلن عن تعاطي الجيش مع الشعب الفلسطيني سواء في المدن او حتى بالمعتقلات ، وهو ما زاد من حجم هذا التوتر خاصة ولان بن غفير تحديدا بات مرشحا لتولي وزارة استراتيجية أو عسكرية تمس عمل الشرطة وقيادات الأمن.
4- وجه نتنياهو أخيرا انتقادات لمنظومة العمل الأمني الإسرائيلي عامة ، وهي الانتقادات التي أتت عقب فوز حزبه “الليكود” بعدد متميز من المقاعد في الانتخابات الأخيرة ، ومست هذه الانتقادات عمل أجهزة شاباك وموساد وبعض من قيادات الجبهة الداخلية والمخابرات العسكرية ، وهو ما يزيد من حجم التوتر داخل هذه المؤسسات ، خاصة وان بعضها تم تعيينه رغما عن نتنياهو ، وهو ما يزيد من دقة الموقف بالآراض المحتلة الآن .
5- يعرف قادة الجيش الإسرائيلي إن نتنياهو من نوعية رؤساء الوزراء الدائم التدخل في عمل الأجهزة الأمنية ، خاصة الاستخباراتية ، ورغم إن القانون أو منظومة العمل الإسرائيلية تنظم دوما هذه العلاقات إلا إن نتنياهو تحديدا يحرص على الارتباط بعلاقات متميزة دوما مع قيادات بعض من الأجهزة الأمنية وعلى رأسها موساد ، والذي أرتبط مثلت في عهده بعلاقات قوية مع رئيسه السابق يوسي كوهين الذي ننسق معه الكثير من الخطوات الغير معلنة المشتركة التي أفادت نتنياهو سياسيا بقوة ، ومنها على سبيل المثال اتفاقات السلام الإبراهيمية او العلاقات مع السودان مثلا .
6- هناك نقطة أخري يتوجس كثير من الإسرائيليين الحديث عنها ، وهي علاقات نتنياهو ببعض من قيادات جهاز الموساد التي استقالت أو أقيلت بسبب عدم اتفاقها مع رئيس الجهاز الحالي دافيد برنيع ، وهؤلاء أعلنوا في أكثر من مرة إنهم يشعرون بأن البنيان الاستراتيجي لمنظومة الدفاع والعمليات للموساد ستتأثر لغيابهم ، الأمر الذي يزيد من حساسية العلاقة الاستراتيجية بين مضلعات هذا المثلث (نتنياهو رئيس الوزراء القادم ، ودافيد برنيع رئيس جهاز الموساد الجديد ، والمقالون أو المستغنى عنهم من الموساد مع تولي برنيع للمسؤولية) .
7- تمثل هذه العملية تغيرا استراتيجيا في نهج المقاومة بالتفجير عن بعد ، وهو ما دفع بالخبراء الإسرائيليين إلى الزعم بأن هذه العملية تمثل باكورة التعاون بين حركة حماس وإيران ، وبالطبع فطنت حركة حماس لهذا الربط لتقول رسميا وفي بيان لها إن محاولات الاحتلال التحريض على الحركة وعلاقاتها مع دول المنطقة هدفها تغطية عجزه عن مواجهة ثورة شعبنا

تقدير استراتيجي
تمثل عملية القدس تغيرا نوعيا في منظومة العمليات العسكرية الفلسطينية ، الأمر الذي يزيد من التحديات الماثلة على الساحة الإسرائيلية والأدق من هذا بالطبع دقة العلاقات الاستراتيجية والعسكرية بين منظمتي الجهاد وحماس مع الأطراف الخارجية والإقليمية وعلى رأسها إيران ، وهو ما يزيد من دقة تداعيات عملية القدس اليوم.