انتكاسة غير متوقعة لإنتاج مزارع الاستزراع السمكي البحري في غزة

رؤى قنن- مصدر الإخبارية

عامٌ واحدٌ مضى على إنشاء ثلاثة أقفاص بحرية تُمثل مزارع للاستزراع السمكي، على بُعد 10 كيلو مترات داخل بحر جنوب قطاع غزة، الهدف منها تربية الأسماك، خاصة “الدنيس”، والعمل على تعويض العجز الحاصل في الإنتاج السمكي في القطاع، جرّاء منع الاحتلال الإسرائيلي الصيادين من الصيد بحرّية، ومنع إدخال معدات الصيد، من قوارب وشباك وقطع غيار لازمة للصيانة.

بعد عام، واجه مشروع الاستزراع السمكي البحري انتكاسة في كميات الإنتاج، مقارنة بما كان متوقعاً سابقا.

إنتاج أقل من المتوقع

وأكد نزار عياش نقيب الصيادين في قطاع غزة على أنّ كمية الإنتاج من الأقفاص البحرية لم تكن مُتوقعة، وجاءت النتائج مُعاكسة تماماً.
وأوضح عياش أنه كان من المتوقع إنتاج 50 طناً من أسماك “الدنيس”، في وقتٍ كان من المفترض أن تُنتج الأحواض في الفوج الأول حوالي 120 طناً.

وأرجع عياش في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية أسباب انخفاض الإنتاج قائلا: “أصيبت الأقفاص بشرخ كبير لعدم تدعيمها في شكل جيد، ونتيجة الخلل وارتفاع الأمواج، خرجت كميات كبيرة من الأسماك للبحر، ونفقت كمبة أخرى نتيجة لذلك أيضا”.

وأوضح أنّ كميات كبيرة من الأسماك خرجنت من الأقفاص نتيجة للعوامل السابقة، وثبت الأمر عقب صيد الصيادين كميات وفيرة من سمك “الدنيس” من البحر بجوار الأقفاص.

ويُعد الاستزراع البحري المشروع الأول من نوعه في قطاع غزة، فالعديد من المزارعين كانوا يلجؤون إلى استزراع الأسماك في مزارع على اليابسة؛ ما كبّدهم تكاليف كبيرة وخسائر جرّاء انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة، وتشغيل بعضها على المولدات الكهربائية.

ويقول مدير عام الثروة السمكية بوزارة الزراعة وليد ثابت إنّ فكرة الاستزراع البحري جاءت لتطوير الإنتاج السمكي بغزة، أسوة بدول أخرى، لتعويض العجز السمكي نتيجة انتهاكات الاحتلال.

وأوضح ثابت في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية، أنه خلال السنوات الماضية تناقص حجم المصائد البحرية، فكانت رؤية وزارة الزراعة تقليص هذه الفجوة؛ عبر عملية الاستزراع السمكي البحري، وتربية الأسماك من خلال الأقفاص البحرية”.

وبحسب وزارة الزراعة بغزة فإن نصيب الفرد سنويًّا من الأسماك يبلغ كيلوجرامين ونصف الكيلوجرام، في حين أن نصيب الفرد في مصر 23 كيلوجراما سنويًّا، وفي الإمارات 43 كيلوجراماً.

ويتراوح الإنتاج السنوي من الأسماك بغزة من 4 إلى 5 آلاف طن، في وقت أن القطاع بحاجة إلى 20 ألف طن؛ كي يكون نصيب الفرد من 10 إلى 12 كيلوجراماً من الأسماك سنويًّا، وهي النسبة الطبيعية مقارنةً بأعداد المواطنين بغزة.

وأشار ثابت إلى أن إدخال الأقفاص البحرية داخل بحر خان يونس، جاء بعد مفاوضات طويلة مع الاحتلال عبر منظمة “الفاو”، فاستغرق ذلك قرابة ثلاثة أعوام لتحديد المكان والمسافة، التي سيتم فيها زرع تلك الأقفاص.

يُذكر أنه بعد موافقة سلطات الاحتلال تم البدء بتركيب الأقفاص البحرية على مسافة أربعة أميال بحرية (10 كيلومترات داخل البحر)، وهي مسافة آمنة إلى حدٍ ما للصيادين؛ بعدما رسي العطاء على شركةٍ محلية (السقا وخضري) لتنفيذ المشروع بالتعاون مع شركة أجنبية.

ولفت ثابت إلى أن تركيب تلك الأقفاص لم يتم بالسهولة، كما يتم في الخارج؛ لأن التقنية والخبرة غير موجودة لدينا، إضافة إلى أن المراكب غير مجهزة لنقل المركبات والرنجات (الأنابيب البلاستيكية والمعدات).

ويبين ثابت أن زرع تلك الأقفاص ببيوض أسماك الدنيس بدأت في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) 2021، ويبلغ وزن بيوض أسماك “الدنيس” التي تمت زراعتها في الأقفاص من 30-40 جراماً.

ويتم تفريخ أسماك الدنيس في معامل بحرية خاصة، حيث تم زرع نحو 300 ألف بيضة منه داخل الأقفاص البحرية، في حين تستغرق فترة التفريخ نحو ثمانية أشهر ليصبح بالإمكان بيعها وتسويقها.

وتمتاز الأقفاص البحرية بحرية أكبر لتربية الأسماك وجودة أعلى من تلك التي يتم استزراعها بريًّا، إذ إن تكاليفها أقل، وتحقق عائداً ربحياً وفيراً وأسعارها أقل للمواطنين، بحسب المهندس الزراعي ثابت.

تحديات ومعيقات

وتواجه الأقفاص البحرية عدة تحديات، أهمها “النوّات البحرية” الناتجة عن المنخفضات الجوية، خاصة القوية منها، حيث يُمكن أن تؤدي إلى نفوق ألاف الأسماك، نتيجة تحرك تلك الأقفاص والتوائها داخل البحر.

ولفت ثابت إلى أنه من الطبيعي أن تكون نسبة نفوق أسماك الدنيس في الأقفاص من 5-10% في الوضع الطبيعي، وفي الوضع الاستثنائي “النوّات البحرية” قد تزيد النسبة عن ذلك.