بمشاعر حزن وألم.. تشييع ضحايا حريق مخيم جباليا

خاص- مصدر الإخبارية

مع ساعات صباح يوم الجمعة الباكر، بدأ المواطنون في منطقة شمال قطاع غزة بالتوافد إلى حي تل الزعتر والمستشفى الإندونيسي استعداداً للمشاركة في جنازة تشييع 21 شخصاً من أبناء عائلة أبو ريا والذين توفوا نتيجة حريق نشب في منزلهم ليلة الخميس.

حزن وألم كبير خيّما على المنطقة، وبدت ملامح الوجع في جميع الوجوه التي وصلت لمواساة عائلة أبو ريا ومشاركتها في هذا الحادث الأليم الذي أمسى عليه أهالي القطاع وفطر قلوب الفلسطينيين بكل مكان.

جميع الجثامين لفت بالعلم الفلسطيني، وأفاد أحد أعضاء الكادر الطبي لشبكة مصدر الإخبارية، إن العائلة طلبت جمع جثامين الأمهات الثلاثة الذين توفوا بالفاجعة مع جثامين أبنائهم الصغار داخل كفن وعلم واحد.

وشارك في جنازة التشييع عدد من الشخصيات الحكومية والفصائلية، كما أقيمت صلاة الغائب على أرواح الضحايا في مساجد فلسطينية داخل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.

كما طافت الجنازة بعدد من شوارع مخيم جباليا قبل أن تصل إلى مكانة الحادثة المفجعة لإلقاء نظرة الوداع الأخير قبل الانتقال للمقبرة.

جنازة ضخمة في شوارع مخيم جباليا

مع اقتراب موعد أذان الظهر انتقل الجميع إلى قلب مخيم جباليا حيث يقع مسجد الخلفاء الراشدين الذي تم فيه أداء صلاة الجنازة على ضحايا الحادث الأليم.

امتلأت شوارع المخيم وأزقته بالناس، وسيارات الإسعاف وعناصر الشرطة والصحفيين، الذين جاءوا لمتابعة الجنازة ومراسم الدفن.

بعض المشيعين وصفوا “الجنازة” بأنها الأكبر في تاريخ مخيم جباليا من ناحية العدد المشارك، وقالوا إن الحدث الأليم كان له وقعه على الناس والجميع هبّ للمشاركة وتأدية الواجب.

قال الشاب محمود شلايل، “إنه زار مكان الحادث منذ ساعات الصباح الأولى برفقة عدد من أصدقائه، ثم ذهب بعد ذلك إلى المستشفى الاندونيسي في شمال القطاع حيث تتواجد جثت الضحايا بثلاجة الموتى التابعة له ليتسنى له المشاركة بالجنازة منذ لحظة انطلاقها”.

وتابع في حديث لشبكة مصدر الإخبارية: “مشهد إخراج الجثث من الثلاجة كان صعباً ومهولاً، وكذلك وداع أقارب المتوفين لهم، شاهدت بكاء الرجال وفقدانهم للوعي، وحاول كل من في المكان التهوين عليهم ومواساتهم بما يستطيعون من كلمات”.

وألقى عدد من القادة الفلسطينيين كلمات قبل بدء مراسم التشييع، كان منها كلمة عضو المكتب السياسي للحركة سهيل الهندي.

وحمّل الهندي بكلمته مسؤولية حادث الحريق وقال إنه الحصار أتى على كل مناحي الحياة وضيق الخناق على الناس وتسبب بكل الكوارث.

ألم وحزن في وجوه المشيعيين

في المقبرة، اصطف عشرات المواطنين ليشكلوا حلقة دائرية تمنع تدافع المشيعين نحو القبور التي تم تجهيزها لدفن الضحايا.

مشهد القبور إلى جانب بعضها البعض، أعاد أذهان المواطنين إلى المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق أهالي قطاع غزة خلال السنوات الماضية واستذكروا بعض العائلات التي استشهدت بشكل كامل ودفنت في هذه المقبرة التي تقع ببلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

يقول أبو حمدي المصري، الذي يعمل بحفر القبور داخل المقبرة لشبكة مصدر الإخبارية، إنه شارك الليلة في تجهيز أكبر عدد من القبور في حياته، وشهد دفن أكثر من 20 جثة دفعة واحدة، موضحا أن الأمر صادماً له ولكل العاملين.

وتابع في حديث لشبكة مصدر الإخبارية “توقعنا أن تصل جنازة ضخمة برفقة جثامين الشهداء، لكن ما وصل بالنسبة لي كان بمثابة زحف بشري هائل، لم أشاهد مثله داخل المقبرة منذ سنوات طويلة”، مشيراً إلى أن حالة الحزن والألم كانت هي العلامة الأبرز البادية على كل وجوه المشيعيين التي مرّت أمامه.

ومساء الخميس، أعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة، إنهاء طواقمها من إخماد حريق اندلع في بناية سكنية بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وقالت الداخلية في بيان، “بذلت قوات الدفاع المدني وبمساندة من الشرطة جهوداً كبيرة للسيطرة على الحريق ومنع تمدده إلى منازل أخرى”.

ولفتت إلى أن التحقيقات الأولية في الحادث تشير إلى وجود مادة البنزين مخزنة بكمية كبيرة داخل المنزل، مما أدى إلى اندلاع الحريق بشكل هائل ووقوع عدد من حالات الوفاة.

وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة الحداد العام غدا الجمعة على أرواح الضحايا، ودعت لأوسع مشاركة في تشييع جثماينهم.

كما نعت الرئاسة الفلسطينية والفصائل، ضحايا الحادث، وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية تبنى جميع الضحايا بشكل كامل.