من المعلّم الجعبري البرهان إلى المعلّم الجعبري الكامل

أقلام – مصدر الإخبارية

من المعلّم الجعبري البرهان إلى المعلّم الجعبري الكامل، بقلم الكاتب الفلسطيني أسامة الأشقر، وفيما يلي نص المقال كاملًا:

1. قبل نحو ثمانمائة عام كان الشيخ أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري أول الجعابرة في الخليل وجدّهم الأقدم ورأس عمود نسبهم، وقد كان قبلها معلّماً معيداً في الزاوية الغزالية في الجامع الأموي بدمشق، وأصبح بعد ذلك معلّماً محققاً حاذقاً كبيراً مشهوراً وشيخاً للقراء، وشيخاً لحرم الخليل، ومؤلفاً لأكثر من مائة كتاب في دقائق علوم القرآن (في القراءات ورسم المصحف والتجويد وعلم العدد ولغة القرآن ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وتفسيره…)، وله كتبه المتقنة في الحديث رواية ودراية، وفقه السادة الشافعية، وفي اللغة وحروفها، وفي النحو والتصريف.

2. والجعابرة تعود أصولهم إلى بني ربيعة من عدنان التي استوطنت الجزيرة الفراتية في القرون الأولى، وكان الشيخ الجعبري الخليلي يسكن مع والده مؤذّن قلعة جعبر، نسبة إلى الزعيم الذي استولى عليها جعبر بن مالك القشيري، وكان اسمها قديماً قلعة دوسر؛ وهي اليوم تتربع في بحيرة سد الفرات الصناعية بعد أن كانت على ضفته.

3. كان الجعبري أحد علماء القلعة العسكرية التي تعدّ ذات أهمية عسكرية في عمليات إسناد مناطق الثغور في مواجهة البيزنطيين، قبل أن ينتقل منها إلى دمشق ثم إلى الخليل في أواخر القرن السابع الهجري في العصر المملوكي، وقد شهد في حياته تغوّل المغول على بلاد الشام كما شهد عصره العديد من معارك الأمة في مواجهة حملات ملوك أوروبا الصليبيين.

4. استقر الشيخ في خليل الرحمن لأكثر من أربعين عاماً، وكثر عقبه من ابنه شمس الدين محمد الذي تولى مشيخة حرم الخليل بعده، وبورك له في ذريته، حتى إننا نحتاج إلى تصنيف كبير لعرض أعلامهم ونبلائهم وأشرافهم ومناضليهم الذين لم يكن آخرهم هذا المعلّم الذي قرن علمه بعمله، وختم حياته بحياة أخرى أعظم وأجلّ في ظل العرش إن شاء الله؛ وانظر إلى هذا التوافق بين اسم محمد ابن كامل -إمامنا اليوم- ، ومحمد ابن البرهان – إمامنا بالأمس، فكأنه امتداد له وظل متّبع، وشيخ له تلاميذ ممتدون يقبلون ولا يدبرون.

5. وكثيراً ما قالوا إن في الخليل بركةً مستورة تشرع في الظهور إذا ضاقت الأرض على الأجناد فيفتح الله سائر بركاته.

أقرأ أيضًا: شوكة النار في شعفاط ! بقلم أسامة الأشقر