بعد توقيع الاتفاق النهائي مع إسرائيل.. هل يحل الغاز مشاكل لبنان؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

وقع لبنان وإسرائيل يوم الخميس الماضي 27 من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري على الاتفاق النهائي لترسيم الحدود البحرية واستخراج الغاز من البحر الأبيض المتوسط بعد مفاوضات استمرت لأشهر بوساطة أمريكية، ما يعتبر إنجازاً تاريخياً للجانين، وأملاً جديداً لملايين اللبنانيين الذي يعانون من أزمة اقتصادية بين الأكثر سوءاً في الشرق الأوسط.

ويعول اللبنانيون لاستثمار احتياطات الغاز في البحر الأبيض المتوسط لحل العديد من مشاكلهم، بينتها وقف مسلسل انهيار الليرة اللبنانية ومساعدة البلاد في حل مشكلة الكهرباء وتفشي نسب الفقر والبطالة وسداد الديون الخارجية وانشاء صندوق سيادي وفقاً لكتاب واقتصاديين لبنانيين.

وقال الكاتب والصحافي المطلع على ملف الغاز اللبناني نذير رضا إنه “وفقاً لبيانات المتوفرة لدى الحكومة اللبنانية تبلغ الكميات المكتشفة وفقاً للمسوحات الأولية قرابة 30 تريليون متر مكعب من الغاز كان قيمتها قبل قرابة ستة أعوام 6 مليارات دولار لكنها زادت خمس أضعاف في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الغاز عالمياً في ظل أزمة الطاقة”.

وأضاف رضا في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية “أنه وفقاً للارتفاع في أسعار الغاز تضاعفت قيمة احتياطات لبنان لمستويات قياسية”.

وارتفع سعر الغاز بنسبة 400% بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية في شهر شباط (فبراير) الماضي وبلغ سعر المليون وحدة حرارية للغاز التي كانت بـ 5 دولارات حوالي 65 دولار.

وبحسب معهد الدراسات الجيولوجية الأميركية وأسعار النفط والغاز الحالية يصل سعر احتياطات الغاز اللبناني في كافة البلوكات ما بين 300 و400 مليار دولار للـ 20 سنة القادمة.

وأشار رضا إلى أن “أهم نطاق الاتفاق أن لبنان سيكون قادراً على التنقيب بعدما كانت العملية معرقلة خلال الأعوام الماضية بسبب الخلاف مع إسرائيل”.

ولفت إلى أن “تحالف شركات توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية (انسحبت) نقبت في عام 2018 في بعض المناطق واكتشفت كميات غير تجارية دون استكمال الاكتشافات في باقي المناطق بسبب عوائق سياسية وأخرى بشأن الاختلاف مع إسرائيل، لكن الاتفاق يسمح لهم حالياً بإتمام كامل عمليات التنقيب”.

وبين أن “عمليات التنقيب تحتاج لمدة تتراوح ما بين ثلاثة وسبعة أعوام وفقاً لترجيحات الخبراء والمطلعين الأمر”.

ويصل عدد مربعات الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية الخالصة 10 مناطق بحرية تبلغ مساحتها 22 ألفًا و730 كيلو مترًا مربعًا بواقع 1201 و2374 كم2 للمربع الواحد، ومن المقرر البدء بالتنقيب في المنطقتين 4 و9 من قبل الشركات العالمية.

(صورة توضيحية)

وأكد رضا على أن “اكتشاف كميات تجارية من الغاز من شأنه انقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار الذي يعيشه في ظل محدودية الموارد”.

وشدد رضا على أن “الرؤية اللبنانية لاستثمار عائدات لبنان تتضمن ثلاثة قطاعات رئيسية ” أولها إنشاء بنية تحتية جديدة لقطاع الكهرباء بدلاً من الاعتماد على المولدات، ويعتبر المستنفذ الأول للخزينة، ثانياً انشاء صندوق سيادي لتحويل اقتصاد لبنان لمنتج، وسد عجز الموازنة وصياغة تصور لجدولة الديون الداخلية والخارجية”.

وتقدر ديون لبنان الخارجية بقرابة 99.8 مليار دولار وفقاً لصندوق النقد الدولي.

من جهته قال المحلل الاقتصادي اللبناني طالب سعد إن “الغاز يعتبر من أهم الموارد لإنعاش اقتصاد أي بلد حول العالم حال توفر بكميات تجارية كبيرة”.

وأضاف سعد لشبكة مصدر الإخبارية أن “غاز لبنان سيكون برداً وسلاماً على اقتصاده حال حسن استخدامه واستثماره، لكنه لن يكون له فائدة إن أُهدر ولم يستثمر”.

وتابع” أن العديد من دول العالم تمتلك احتياطات ضخمة من الغاز والنفط كنيجيريا لكنها فقيرة ومتخلفة لكن بلدان أخرى كالنرويج نجحت في استثمار مواردها كالنرويج وأصبحت بأن تكون من أرقى الدول، وإفادة الأجيال القادمة”.

وأكد على أن” المشكلة في لبنان ليس وجود الغاز من عدمه، لكن المعضلة في الإدارة السياسية التي ستتولى إدارة الملف، والتي لها تاريخ حافل في إهدار موارد الشعب اللبناني وحقوقه المعيشية”.

وشدد على أن “الفريق السياسي في لبنان لا يستحق تولي مهمة ملف الغاز واستثماره حال جرى استخراجه من البحر”.

ولفت إلى أن “أكبر ما يعاني منه لبنان انهيار سعر صرف الليرة وتجاوز التضخم 2000% وعدم وجود إصلاح مالي في البلاد يضمن حقوق المودعين ويعيد الثقة بالقطاع المصرفي”.

ونوه إلى أن “المعطيات المذكورة أعلاه تجعل المستثمرين يتجنبون إقامة استثمارات جديدة في لبنان”.

واستطرد أنه” وفقاً لبيانات البنك الدولي تتجاوز نسبة الفقر في صفوف اللبنانيين 80% ما خلق نوعاً من البؤس والجرائم، ناهيك عن تراجع الصادرات إلى الخارج بنسبة 75%”.