المنظمات الأهلية الفلسطينية.. بين شبح الانتهاكات الإسرائيلية والتضييقات الحكومية!

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

تُشكّل شبكات المنظمات الأهلية الفلسطينية، رافدًا مهمًا في معركة الدفاع عن الحقوق الوطنية، وتعزيز الصوت الفلسطيني في المحافل الدولية، لدورها الفعّال في توثيق جرائم الاحتلال ورصد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المواطنين الآمنين.

حيث تعمل “الشبكات الفلسطينية” منذ تأسيسها في شهر سبتمبر/ أيلول للعام 1993 في ظل ظروف استثنائية إلا أنها استطاعت جمع شمل 135 منظمة غير حكومية للعمل في قطاع غزة والضفة والقدس المحتلتين، رغم الفاتورة الباهظة التي دفعتها من سنوات أعمار العاملين فيها والأذى الذي لحق بعائلاتهم مِن قِبل الاحتلال والسلطات المحلية.

فيما لم تسلم المؤسسات الحقوقية الفلسطينية من التضييق على عملها، واقتحام مقراتها وتخريب محتوياتها، وترهيب العاملين فيها والقائمين عليها، في محاولةٍ لكتم الصوت الحقوقي والقانوني المُنادي باسم فلسطين في المحكمة الجنائية والمُشكّل للرأي العام على مستوى العالم.

حيث تفاجأت المؤسسات الحقوقية الثلاثاء، بإصدار مجلس الوزراء الفلسطيني قرارًا يُطالب المنظمات الأهلية المُسجلة كشركات غير ربحية بتصويب أوضاعها وفقا للنظام في غضون شهر، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، إلّا أن القرار لاقى ردود فعلٍ غاضبة بين المؤسسات التي دعت “الحكومة” للتراجع عنه واحترام مبادئ حقوق الإنسان.

يقول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” المحامي صلاح عبد العاطي، إن “منظمات المجتمع المدني تنظر بخطورة شديدة إلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء الفلسطيني وتوقيته، بهدف فرض المزيد من القيود على حرية العمل الأهلي ومؤسسات المجتمع التي تتعرض لانتهاكات جسيمة مِن قِبل الاحتلال الإسرائيلي”.

وأشار إلى أن المعايير التقييدية التي دعت لها “الحكومة الفلسطينية”، تتعارض مع المعايير التي التزمت بها دولة فلسطين بعد انضمامها للاتفاقات الدولية التي تنص على حرية تشكيل الجمعيات، كما أن القرار الصادر يُؤكد مُضي السلطة في مأسسة انتهاكاتها وسيطرتها كسلطة تنفيذية على الحَيز العام والحق في التجمع السِلمي وممارسة العمل الأهلي”.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “نضم صوتنا لأصوات منظمات المجتمع المدني التي عبّرت عن رفضها للنظام الجديد الخاص بالشركات غير الربحية، الصادر عن مجلس الوزراء والمنشور في مجلة الوقائع الفلسطينية بتاريخ ٢٥ سبتمبر٢٠٢٢، والذي يطلب من المنظمات الأهلية المسجلة كشركات غير ربحية توفيق أوضاعها وفقًا للنظام في غضون شهر”.

وطالب عبد العاطي، “مجلس الوزراء الفلسطيني بسحب النظام؛ واعتباره كأنه لم يكن؛ والعمل بدلًا من ذلك على توفير بيئة حاضنة لمنظمات المجتمع المدني التي تواجه حملات إسرائيلية لتضيق الخناق عليها ومحاربة صوتها الوطني الحُر”.

ويرى رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، أن “قرار مجلس الوزراء الفلسطيني يفرض مزيدًا من القيود على عمل منظمات المجتمع المدني “الشركات غير الربحية”، مضيفًا “هذا تجاوز خطير في ظل ما تتعرض له المنظمات الأهلية من حملات تحريض إسرائيلية لتشويه صورتها عبر وصمها بالإرهاب”.

ودعا الشوا خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “الحكومة الفلسطينية إلى توفير فضاء أوسع ومساحة أكبر لعمل منظمات المجتمع المدني لأهميته في تعزيز صمود المواطنين والدفاع عن حقوقهم أمام سياسات وإجراءات الاحتلال”.

وطالب مجلس الوزراء بالعمل على الغاء النظام الذي فُرض بدون أي تشاور مُسبق مع منظمات المجتمع المدني، التي ستضرر بشكلٍ كبير من القيود المقرر فرضها على عملها مِن حيث تضييق الخناق عليها، رغم عملها في إطار القانون واحترام مبادئ حقوق الإنسان، خاصة وأن معظم الشركات غير الربحية هي “مؤسسات حقوقية”.

وكانت المنظمات الأهلية الفلسطينية، انتقدت تزامن إصدار هذا النظام مع الهجوم الشرس الذي تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطيني والتي كان أحدث حلقاتها اغلاق سبع مؤسسات فلسطينية رائدة، بينها ثلاث منظمات حقوق إنسان، وهو ما يتساوق مع ادعاءات الاحتلال الزائفة بربط المنظمات الأهلية الفلسطينية بالإرهاب، الأمر الذي فشلت “إسرائيل” في تسويقه وترويجه على المستوى الدولي، حتى لأقرب حلفائها في المنطقة.