اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني.. جرائم متصاعدة وآمال بمحاكمة قادة الاحتلال

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يُصادف اليوم الاثنين، السادس والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر للعام 2022، اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، في ظل مسلسل الانتهاكات المستمرة بحقه مِن قِبل الاحتلال وقُطعان المستوطنين، فيما لا يتوانى الصحفيون عن تقديم أرواحهم لنقل الصورة الحقيقية لما يجري في الأراضي الفلسطينية لتشكّل رأيًا عالميًا وتضع الجميع أمام مسؤولياته وواجباته.

اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، أقره الاتحاد الدولي للصحفيين عام 1996 اثر هبة النفق التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، رفضًا لإجراء الاحتلال افتتاح نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، حيث سطّر الصحفيون أروع الصور أمام ترسانة الاحتلال لنقل الصورة بجميع أبعادها رغم التهديدات والمخاطر التي كانوا يتعرضون لها.

ولعل الحدث الأبرز خلال عام 2022 هو استشهاد الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال خلال تغطيتها أحداث مدينة جنين بتاريخ 11 أيار/ مايو للعام الجاري، ليُشكّل استشهادها تجديد الصحفيون عهدهم لصاحبة الجلالة بأن يبقوا على ذات الطريق حتى الرمق الأخير.

يقول نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل إن “إجراءات محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الصحفيين أصبحت فاعلة وواقعية، خاصة مع انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2013”.

لن نترك حق الصحفيين

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “قديمًا، كنا نحلم في اليوم الذي نُحاكم فيه قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الصحفيين وكنا نسعى لرفع صوتنا في المحاكم الدولية واليوم أصبح الأمر حقيقةً، خاصةً مع اتخاذ إجراءات عملية لملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين”.

وأشار إلى أن “النقابة أعدت ملفًا كاملًا بجرائم الاحتلال ورفعته للمحكمة الجنائية بالتعاون مع مستشارين دوليين بالتعاون مع مركز عدالة للشعب الفلسطيني، وبالتنسيق مع عائلات الضحايا وهم “شيرين أبو عاقلة، أحمد أبو حسين، ياسر مرتجى”.

ولفت إلى “جرائم الاحتلال أصبحت موجودة في أروقة المحكمة الجنائية الدولية ولن نترك حق الصحفيين وسنتابع إجراءات “المحكمة” تعزيزًا لواجبها في ظل الضغوط المُمارسة مِن قبل اللوبي الصهيوني والولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة للاحتلال التي تُوفر له الحصانة والحماية”.

وأكمل، “ننتظر اللحظة التي نرى فيها مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية بقرار سياسي وعسكري من المستوى الإسرائيلي، وإن لم يتم ذلك فستكون جميع المنظمات والمؤسسات رهينة لتنفيذ إملاءات الاحتلال على الأرض”.

وأكد على أن “المحكمة الجنائية هي ملاذ الفلسطينيين الأخير لملاحقة قادة الاحتلال على جرائمهم، وفي حال لم تُنصف “ضحايا” شعبنا سيتأكد العالم أن المؤسسات الدولية لا قيمة لها وأنها حبر على ورق، والمتحكم فيها هو الاحتلال دون الاكتراث لأيٍ من القوانين الدولية والأعراف المقررة عالميًا لحماية المدنيين بما فيهم الصحفيين”.

513 انتهاكًا بحق الصحفيين

من جانبه، قال رئيس لجنة دعم الصحفيين الفلسطينيين صالح المصري، إن “اللجنة طالبت الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب بالتحرك تجاه المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمها بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية”.

وأضاف المصري خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “هناك جرائم واضحة ومنها اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة والعشرات من الجرائم المماثلة ومنها قصف المقرات الإعلامية في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي”.

وشدد على أن الانتهاكات بحق الصحفيين ترتقى لجرائم الحرب، مما يستدعي من المؤسسات المعنية بحالة حقوق الإنسان وحرية الرأي التحرك الفوري للجم الاحتلال عن اعتداءاته بحق الصحفيين وتقديم مرتكبي الجرائم للمحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب “المصري” فقد ارتكب الاحتلال الإسرائيلي (513) انتهاكاً بحق الصحفيين الفلسطينيين منذ بداية عام 2022، ارتفعت ذروتها خلال شهر مايو/ آيار الماضي، والذي اغتال فيه الاحتلال مراسلة قناة الجزيرة الصحافية شيرين أبو عاقلة، وما تبعه من تكثيف استهداف الصحفيين بمشاركة  قطعان المستوطنين، عبر الاستهداف بالرصاص الحي وقنابل الغاز السامة ومنعهم من تغطية اعتداءات الاحتلال عبر مصادرة معداتهم الصحفية.

ولفت إلى أن لجنة دعم الصحفيين وثقت منذ عام 2022 استشهاد اثنتين من الصحفيات وهُنَّ شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة، فيما أُصيب 160 صحافياً وصحافية بالرصاص الحي والمطاطي، والإسفنجي، وقنابل الغاز السام، والرش بغاز الفلفل، والقنابل الصوتية، وترهيبهم باستخدامهم دروع بشرية.

وأردف، “رصدنا 61 حالة اعتقال واحتجاز واستدعاء وإبعاد عن المسجد الأقصى وحبس منزلي للصحفيين، عدا عن توثيق 30 حالة تمديد وتأجيل اعتقال وإصدار أحكام جديدة للصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال”.

ونوه إلى أن الاحتلال عرقل 181 مرة عمل الصحفيين، مستخدمًا أبشع وسائل الردع والإهانة الحاطة لكرامة الصحفي، إلى جانب الترهيب والتهديد بالقتل ومنع 3 صحفيين من السفر.

وأشار “المصري” إلى أن اعتداءات الاحتلال لم تتوقف باستهداف الصحفيين، بل طالت انتهاكاته المؤسسات الاعلامية، حيث أغلق ودمّر منذ بداية العام الجاري 12 مؤسسة اعلامية، من بينها تضرر 10 مؤسسات إعلامية في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير عام 2021.

وأوضح أن لجنة دعم الصحفيين سجلت 160 هجومًا سيبرانيًا على المواقع الإخبارية الفلسطينية، إلى جانب تعطيل الحسابات الشخصية للإعلاميين والصحفيين.

وفيما يتعلق بالانتهاكات الداخلية بحق الصحفيين، أشار إلى أن اللجنة سجلت 48 حالة انتهاك من قبل جهات فلسطينية، توزعت 10 بقطاع غزة، و38 في أراضي الضفة والداخل المحتل.

معاناة مستمرة منذ 26 عامًا

عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين عمر نزال، إن “إقرار يوم التضامن مع الصحفي الفلسطيني جاء بعد تعرض الصحفيين لاعتداءات عنيفة مِن قبل الاحتلال عام 1996 خلال “هبة النفق”.

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “الصحفي الفلسطيني لا يزال يعيش ذات الظروف اللاإنسانية منذ 26 عامًا في ظل تنامي وتصاعد الهجمة الإسرائيلية بحقه متخذةً أشكالًا جديدة”.

وأكد نزال أن “أهمية اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني تأتي من أهمية دعوة العالم للتضامن مع الصحفيين، ومحاولةً للاستنجاد بالعالم للضغط على سلطات الاحتلال في خُطوة لتعريتها وفضحها لإيصال رسالة للعالم عن مدى البطش بحق الصحفيين ومؤسساتهم الإعلامية”.

وأشار إلى أن “في اليوم العالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني، نُوصل صرخةً للعالم بأهمية احتياج الصحفيين للحماية مما يتطلب تدخلًا دوليًا لتوفير بيئة عمل مناسبة لممارسة العمل الصحفي بعيدًا عن الترهيب والملاحقة والاعتقال والتعذيب”.

تحديات وابداعات

من ناحيته، قال رئيس المكتب الإعلامي سلامة معروف، إن “الصحفي الفلسطيني ظل قابضًا على جمر الحقيقة لم تثنهِ كل جرائم الاحتلال، ورغم عِظم التحديات وجَسامة الاعتداءات التي تقف في طريق أداء الصحفي الفلسطيني لواجبه المهني والوطني بنقل مظلومية شعبنا وإيصال رواية قضيتنا الوطنية”.

وأضاف معروف، “نرفع رؤوسنا عاليًا بإبداعات ونجاحات إعلاميينا المهنية وتميزهم، كما نفخر بتضحياتهم الكبيرة في طريق مهنة المتاعب وخدمة قضيتنا العادلة، ونستذكر بهذه المناسبة كوكبة ممتدة لمئات الشهداء والجرحى والأسرى في تاريخ الصراع مع المحتل وما بدل زملائهم تبديلا، بل ازدادوا تمسكا بحقهم المهني في التغطية وابداعًا في واجبهم بنقل مظلومية شعبنا”.

وختم معروف تصريحه قائلًا، “يبقى السؤال المطروح اليوم يكمن في جِدية المؤسسات الدولية المعنية ومدى التزامها بمواثيقها ووقوفها عند مسئولياتها في التصدي لجرائم المحتل ولجم سياسة التغول على الحق الطبيعي للصحفيين بالتغطية الإعلامية ونقل الأحداث”.