كيف تابع الاعلام العبري أحداث مدينة نابلس الأخيرة؟

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

لاقت أحداث مدينة نابلس الأخيرة، اهتمامًا كبيرًا في الاعلام العبري، لكن هذه المرة ليست كسابقاتها التي يكون الضوء مركزًا على عمليات قوات الاحتلال أو اغتيال قائد كبير في أحد الأجنحة العسكرية، إنما لرصد ردود فعل الشارع الفلسطيني عقب اعتقال أجهزة الأمن الفلسطينية مُطارَدَينْ أحدهما يتبع لكتائب القسام والآخر لكتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة “فتح”.

حيث شكّلت أحداث مدينة نابلس على مدار اليومين الماضيين، تحديًا جديدًا أمام السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، في ظل زيادة حِدة التوتر بمحافظات الضفة الغربية وتصاعد اعتداءات قُطعان المستوطنين بحق المواطنين وممتلكاتهم، ما انعكس على الأرض في صورة احتجاجات شعبية غاضبة تصدرت المشهد طِيلة الـ 48 ساعة الماضية.

احتجاجاتٌ جاءت رفضًا لاعتقال أجهزة الأمنية الفلسطينية مطلوبين للاحتلال، وشروعها في حملة اعتقالات واسعة طالت مقاومين وطلاب جامعات وصحفيين وغيرهم، ليكون السؤال الأبرز، كيف تابع الاعلام العبري أحداث مدينة نابلس؟”.

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا، إن “الاعلام العبري وصف احتجاجات مدينة نابلس بأنها ردًا طبيعيًا إزاء ما قامت به الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، مضيفًا، “لم يُبرر اعلام الاحتلال اعتقال السلطة المطارد مصعب اشتية ورفيق دربه عميد طبيلة، بل اتهمها بعدم قيامها بما يجب فعله إزاء الاحتجاجات التي شهدتها مدينة نابلس رفضًا للاعتقالات السياسية التي تُنفذها الأجهزة الأمنية”.

وأكد في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، على أن “السلطة تُعاني ضعفًا واضحًا وظهر ذلك مِن خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة نابلس على مدار يومين، في وقتٍ يضغط فيه الاحتلال على السلطة لتقديم صورة للحكومة الإسرائيلية على أنها موجودة وقوية وقادرة على احتواء الموقف”.

وأشار إلى أن “الاحتلال لا يريد خروج الأحداث عن سيطرة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وكلما شعر المستوى الإسرائيلي بتأزم “السلطة” على الأرض جعلوا لها مخرجًا لتبقى صامدة وتُحافظ على الأمن بالمنطقة”.

ولفت إلى أن “سلطات الاحتلال حريصة على عدم انهيار السلطة أمام المواطنين في محافظات الضفة الغربية، لا من الناحية المعنوية أو الفعلية، لأن الاحتلال يعلم أن أي تدهور للأوضاع سنعكس عليه الاحتلال وقُطعان مستوطنيه كما سيرتد على السلطة الفلسطينية وهو ما سيدفع بالاحتلال إلى التدخل”.

وعن طبيعة التدخل الإسرائيلي وصورته، أجاب “ليس شرطًا أن يكون تدخل الاحتلال عبر إطلاق عملية واسعة أُسوة بالسور الواقي، لكن يُمكن إطلاق عملية مركزة ودقيقة في مناطق نابلس على سبيل المثال بما يضمن فض الاشتباك مع السلطة الفلسطينية، وما إن ينسحب الاحتلال حتى ننعى الشهداء ونُضمد جراح المصابين ونتغنى بالبطولات والنضالات وننسى الأمر الأساسي والسبب وراء ذلك!”.

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصبّاح أن “التخوف الحقيقي للاحتلال وقُطعان المستوطنين يكمن في تصاعد المقاومة المسلحة في مُدن الضفة المحتلة يومًا بعد يوم، خاصةً وأنها أصبحت ظاهرة يومية ما عزّز نظرية المستوطنين بأن ليس لديهم جيش فِعلي قادر على حمايتهم خاصةً في ظل سلسلة العمليات القوية، والفاعلة، المؤثرة، والناجزة، مستشهدًا بعملية حاجز الجلمة التي نفذها مقاومان فلسطينيان من كفر دان في جنين بالضفة الغربية المحتلة”.

وأضاف في تصريحاتٍ لمصدر الإخبارية، أن “المستوطنين متخوفون من المستقبل غير واضح المعالم بالنسبة لهم، حيث وللمرة الأولى تنقلب الأمور ويصبح الاحتلال الإسرائيلي يعيش حالة الخشية الحقيقية من الغد”.

وأكد على أنه “أيًا كانت المحاولات للجم المقاومة وطبيعية الضغوط المُمارسة ضد السلطة الفلسطينية ستفشل كما حدث سابقًا، لكن الحقيقة أن مكونات الأجهزة الأمنية هم من أبناء شعبنا ما يعني عدم رغبتهم في تنفيذ المهمات المطلوبة منهم بشكل دوري مِن قِبل الجانب الإسرائيلي ضمن التنسيق الأمني”.

وأضاف، “الأجهزة الأمنية قدمت نماذج مشرفة من خِيرة أبنائها والذين كان آخرهم أحمد عابد ابن جهاز الاستخبارات العامة منفذ عملية الجلمة البطولية التي أسفرت عن مقتل ضابط إسرائيلي، وسبقه الشهيد محمد تركمان عام 2016، مستذكرًا بطولات الشهيد يوسف ريحان “أبو جندل” قائد معركة جنين عام 2002 أمام الاحتلال”.

وتابع، “أبناء المؤسسة الأمنية لا يُمكن أن يتحولوا لأيادٍ احتلالية لأن فيهم خيرًا كبيرًا لوطنهم وأبناء شعبهم رغم الظروف الكبيرة التي تُمارس عليهم وحملات التشويه بحقهم”.

وكانت مدينة نابلس شهدت خلال اليومين الماضيين أحداثًا مؤسفة احتجاجًا على اعتقال الأمن الفلسطيني مُطاردَينْ، تمثلت في حالةٍ من الفلتان الأمني، وتخريب بعض المنشآت التجارية والاقتصادية قبل السيطرة على الأوضاع مِن قِبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.