تغييب الحقوق والأزمة الاقتصادية تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

منذ العام 2019، بدأت معاناة لبنان بالأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد، لتصل بهم إلى الفقر وإفراغ خزينة الدولة اللبنانية، ما عكست بآثارها على اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات.

لم يتوقف حد هذه الأزمة عند المواطنين اللبنانيين، بل طالت اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وأسفرت عن ضعف القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة بينهم، وعجز الدولة اللبنانية عن أداء الأدوار المطلوبة تجاههم.

وفي مؤشر كبير على تفاقم الأزمة، تواصل الليرة اللبنانية الانهيار مقابل الدولار لدى السوق الموازية غير رسمية “السوداء” ليصل إلى 38.100 ألف ليرة للشراء و38.200 ألف ليرة للبيع، مقابل 38.150 ألف ليرة للشراء و38.200 ألف ليرة للبيع.

المحلل الاقتصادي اللبناني علي نور الدين قال في حوار خاص مع “شبكة مصدر الإخبارية“، إنّ الأزمة لها ثلاثة أبعاد سياسية ستؤثر على اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين في لبنان.

وأشار نور الدين إلى أنّ الاقتصاد اللبناني قائم على الاستيراد من الخارج، مما انعكس على تراجع القدرة الشرائية قياسًا بقيمة السلع المستوردة.

اللاجئون الفلسطينيون الأكثر ضرراً

لفت نور الدين إلى أن الأزمة اللبنانية ستؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر بين الفلسطينيين بدرجة كبيرة؛ بسبب وجود نسب عالية من الفقر داخل المخيمات الفلسطينية.

وأضاف أنّ اللاجئين الفلسطينيين لم يستفيدوا من التوظيف في المؤسسات العامة؛ لافتًا إلى أنّ قانون العمل جائر بحقهم.

وتابع: “الفلسطينيون تأثروا بسبب أزمة الودائع وتعثر النظام المصرفي واللبنانيين والفلسطينيين، بالتالي تأثر المستوى المعيشي نتيجة احتجاز أموالهم في المصارف”.

وأكد تعثر الدولة وإفلاسها وعجزها عن أداء الأدوار المطلوبة منها، عدا عن سياستها المجحفة بحق المخيمات الفلسطينية لأن قدر استفادة هذه المخيمات من الخدمات العامة ضئيلة جدًا، واصفًا الوضع بـ”الإجحاف التاريخي بحقهم”.

وأشار إلى أنّ الفلسطينيين لم يستفيدوا من شبكات الحماية التي تقدمها الدولة لمكافحة الفقر والمساعدات التي تقدمها مقارنة باللبنانيين، مضيفًا: “الدولة اللبنانية انقسمت كل سياستها بقدر كبير من العنصرية ليس فقط على الفلسطينيين، بل على كل من هو غير لبناني”.

وأكد نور الدين أنّ الفلسطيني في لبنان ليس لديه حق التملك العقاري، وأنّ كل هذه السياسات تُساهم في التضييق على حياة اللاجئين الفلسطينيين وتضاعف قدرتهم على مواجهة الأزمة.

وشدد المحلل الاقتصادي اللبناني، على أنه يجب على الدولة أن تضع رؤية اقتصادية شاملة للتعامل مع الأزمة المالية، ووضع نظام صرف جديد.

من يتحمل آثار الأزمة الاقتصادية على اللاجئين الفلسطينيين؟

المحلل الاقتصادي اللبناني عبادة اللدن قال في حوار خاص مع “شبكة مصدر الإخبارية”، إنّ تأثر اللبنانيين بالأزمة له مستويات مختلفة؛ فالضرر الأكبر يقع على الموظفين في القطاع العام ومنتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية والموظفين في القطاع الخاص الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية.

في حديثه عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد اللدن أنّهم يضافون إلى عقود من التهميش الاقتصادي والظروف المعيشية والإنسانية الصعبة في مخيمات اللجوء.

وأضاف أنّه في ظل منع الفلسطينيين من ممارسة عشرات المهن التي يحتاجها مجتمعهم، تصبح مشكلة البطالة أكثر ضغطًا.

وأشار إلى أنّ الجذر الأساسي للأزمة يعود إلى عدم وجود دولة قادرة على القيام بوظائفها الطبيعية، ووجود سلطات تتنازع على القرار السياسي والعسكري والدبلوماسي، وهذا ما أدى إلى اضطراب كبير في العلاقات الاقتصادية بين لبنان وشركائها الأساسيين، لا سيما دول الخليج.

وأردف: “يُضاف إلى ذلك الفساد والهدر الكبيرين، وطغيان المصالح السياسية والفئوية على إدارة المؤسسات والمرافق العامة”.

وأوضح أنّ الطريق الوحيد للخروج من الأزمة هو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يؤهل لبنان للعودة إلى أسواق رأس المال، والتوصل إلى تسوية مع الدائنين الدوليين، وتطبيق إصلاحات عميقة في المالية العامة.

وفيما يتعلق باقتحام المصارف، بيّن اللدن أنّ الاقتحام جاء نتيجة طبيعية لتهريب المصارف أموال العملاء المحظيين، وحرمان المودعين الآخرين من أموالهم.

ونوه المحلل الاقتصادي اللبناني عبادة اللدن، إلى أنّ مثل هذه الظواهر ستستمر طالما لم تقدم السلطات خارطة طريق؛ لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعرض خطتها لإعادة الودائع أو جزء منها.