كواليس اتفاق أوسلو

مستشار الرئيس عرفات يكشف لمصدر كواليس التوقيع على اتفاق أوسلو

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

انفردت شبكة مصدر الإخبارية، بلقاء خاص مع المستشار السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، للحديث عن كواليس التوقيع على اتفاق أوسلو، والكشف عن حجم الضغوط التي تعرض لها الرئيس “أبو عمار” مِن قِبل جهات فلسطينية وعربية واقليمية.

وتحدث “أبو شريف” عن كواليس ما قبل التوقيع على اتفاق أوسلو وإصرار الرئيس ياسر عرفات على خَيار الكفاح المسلح، لإيمانه بنجاعته أمام الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى جاهدًا لسلب الهوية الفلسطينية وتهويد الحقوق الوطنية.

يقول أبو شريف، “كنت أقف إلى جانب “أبو عمار” لحظةً بلحظة واستذكر ذلك اليوم تمامًا، أخبرته بأن الدعوة لمفاوضات سرية لا يحضرها أو يعلم بها أحد تُمثّل كذبة كبيرة وكمين مُحكم يُريدون إيقاع منظمة التحرير فيه بهدف تحويلها إلى أداة تحكم الفلسطينيين تحت السيادة الإسرائيلية وتُشكّل عامل حماية للاحتلال وقُطعان مستوطنيه”.

ضغوط كبيرة

وأكد خلال حديثٍ لمصدر الإخبارية، على أن “الرئيس ياسر عرفات تعرض لضغوط كبيرة وقاسية للقبول بالتوجه لتوقيع اتفاق أوسلو، حيث كان هناك جهات قيادية فلسطينية تدفع بأبي عمار إلى الذهاب لمفاوضات مع الاحتلال منهم الرئيس الحالي محمود عباس ومستشاره السياسي نبيل شعت”.

وأضاف، “كان الجميع يلعب على نقطة الضعف لدى الرئيس عرفات وهي إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف ليسجل التاريخ أن “أبو عمار” أول رئيس فلسطيني أنشأ لشعبه دولة مستقلة، حيث كان يُسابق الزمن للوصول إليها بشتى الوسائل”.

خُطط تكتيكية

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة تحالفت مع “إسرائيل” لوضع خُطط تكتيكية لضرب حقوق الشعب الفلسطيني وتجريده من هويته الوطنية، تنفيذًا لما قالته جودي مائير بأنه لا يوجد شعب فلسطيني”.

ولفت إلى أن “الرئيس عرفات كان مترددًا من الذهاب لأوسلو وعند قرر ذلك لم يُبلغني لأنه يعلم موقفي جيدًا، كما كان شرطًا من الوفد المفاوض بألًا يُعلم بسام أبو شريف بمستجدات الأمور المتعلقة باتفاق أوسلو”.

وتابع، “أدركت أنني مُقصى من معرفة أي شيء عما يدور في أوسلو، لم يكن أمامي إلا حمل أمتعتي والسفر إلى أهلي، وعند دخول المجموعة الضفة الغربية وقبل التوقيع بثلاثة أيام هاتفني الرئيس ياسر عرفات وطلب مني الحضور وأخبرته أن ما ستُوقع عليه الآن سيُسجله عليك التاريخ”.

وأكمل، “قلت له إذا كان الأمر دولة فلسطينية لماذا لا يتم الحديث عن ذلك في مؤتمر مدريد دون الحاجة إلى أوسلو، حينها أدرك الخداع الذي وقع فيه، وأنّ ما تم هو مكيدة صهيوأمريكية”.

وكشف “أبو شريف”، عن استعانة الولايات المتحدة بشخصيات قيادية فلسطينية لتذليل أي عقبات أمام توقيع اتفاق اوسلو المشؤوم، وعلى الجهة المقابلة كان يسعى “أبو عمار” لتعزيز العلاقات مع جميع الجهات التي تُمارس خَيار الكفاح المسلح وبعد زيارة أرائيل شارون للمسجد الأقصى شحذ كل الهِمم بالتصدي للاقتحام عبر انتفاضة كبيرة رغم محاولات “البعض” اجهاض الانتفاضة وتفريغها من مضمونها النضالي ضد الاحتلال”.

تبني خيار الكفاح المسلح

ولفت إلى أنه “بعد إدراك شارون نية الرئيس ياسر عرفات بتبني خَيار الكفاح المسلح، قام بتجهيز ملفًا وتقديمه للجهات الدولية صوّر فيه “أبو عمار” على أنه رأس الإرهاب في المنطقة، مما يُبرر جريمة اغتياله لاحقًا، حيث اتخذ الرئيس الأمريكي جورج بوش قرار تصفيته”.

وأردف، “في الاجتماع الأخير بين شارون وبوش، طلب منه  “الأول” اعفائه من الوعد الذي قطعه على نفسه بعدم المس بياسر عرفات جسديًا، بعدها بأيام وصلتني رسالة من شخص صاحب منصب حسّاس في البيت الأبيض آنذاك حيث طلب من شارون الانتظار 48 ساعة من أجل استشارة حلفاؤه العرب، وبعد انقضاء المدة المُحددة وصلت “شارون” رسالة من بوش جاء فيها “Get rid of it” أي تخلص منه.

ونوه إلى أن “لديه ملف كامل بمحاولات شارون التخلص من الشهيد ياسر عرفات، ومنها عملية نسف منصة احتفالات ليبيا بثورة الفاتح، حيث كان هناك توجه بنسف المنصة لضمان تصفية “أبو عمار” وما جعلهم يتراجعون عن ذلك هو وجود شخصيات أوروبية على ذات المنصة وتم وقف التنفيذ في اللحظة الأخيرة”.

وأضاف، “بعد الخروج من بيروت كان هناك ستة قناصين ينتظرون أمر شارون لقتل ياسر عرفات خلال صعوده إلى الباخرة، حيث أخبر “شارون” أبو عمار نية “بوش” إلقاء خطاب للشعب الفلسطيني بتاريخ 24 حزيران 2002 دعا الفلسطينيين خلاله إلى اختيار رئيس آخر بحُجة أن ياسر عرفات يقف عقبة في وجه تحقيق السلام، ونحن نعلم أن هناك في القيادة من لا يُشكّلون عقبة أمام تحقيق السلام”.

واستدرك، “كانت الولايات المتحدة تُجري اتصالات مع شخصيات في القيادة الفلسطينية ليكونوا بديلًا عن ياسر عرفات، وكانوا ذات الأشخاص يعقدون اجتماعات سرية مع شارون وشاؤول موفاز دون إعلام “أبو عمار” عن ذلك، وقمت بكتابة تقارير حول ذلك بخط يدي ورفعها إلى “الرئيس عرفات”.

واستتلى: “بعدها بأيام عقد شاؤون اجتماعًا لترتيب خطة اغتيال ياسر عرفات، إلا أن البعض عارضه وفضّل سحب امتيازاته وصلاحياته المالية والأمنية، فضحك شارون قائلًا، “لو شلحتوه أواعيه وبقي حيًا سيظل صاحب القرار”.

وتابع، “بعد وصولي إلى عمان، قدمت سيارة ملكية للقاء الملك حسين بن طلال، أخبرته حينها كيف يعمل الاحتلال لتنفيذ مخططاته ضمن خُطط مُحكمة بهدف الوصول إلى أهدافه وغاياته الدنيئة في المنطقة”.

إسرائيل دفنت اوسلو

وشدد على أن “إسرائيل دفنت اتفاق اوسلو منذ سنوات، وتركته خلف ظهرها، وذلك ظهر واضحًا حينما صرح رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو مخاطبًا الجميع بأن اتفاقاته مع الدول العربية ليست من أجل السلام، بل نتيجة القوة الإسرائيلية فُرضت الاتفاقات المُوقعة بين الاحتلال والعديد من الأنظمة العربية”.

واستهجن تمسك السلطة في اتفاقية أوسلو على الرغم من القاء الاحتلال لها في سلة المهملات مِن خِلال الرضوخ للإملاءات الصهيوأمريكية القائمة على حماية قوات الاحتلال وقُطعان المستوطنين وضرب المقاومة وملاحقة عناصرها واعتقال كل صاحب وجهة نظر تتبنى الكفاح المُسلح والزج به في السجون وعندما يرتفع صوته أكثر يتم تصفيته دون تردد”.

وختم حديثه لمصدر الإخبارية قائلًا: “شعبُنا شعبٌ جبار منذ اليفاعة والطفولة، نبتت من جنباته رياحين المقاومة الصلبة على مدار السنوات الماضية مما يتطلب تصاعدها لتصبح مقاومةً شعبية، يُشارك فيها كل أبناء الريف والمخيمات في كل زمان ومكان بذات التوقيت لرفع كُلفة الاحتلال”.

وتُشكّل كواليس اتفاق أوسلو، مرجعًا مهمًا للأجيال القادمة، لمعرفة حجم التضحيات التي قدمها القادة الأوائل في سبيل تحقيق حلم الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

Exit mobile version