كيفية ضرب الجهاد الإسلامي.. بقلم/ رونيت مارزن

أقلام -مصدر الإخبارية 

(المضمون: قطع الجهاد الاسلامي عن مصادر قوته والدفع قدما باتفاق سياسي واعادة اعمار قطاع غزة وايجاد حلول لمخيمات اللاجئين – كل ذلك سيخلق وضع جديد يمكن أن يضر الجهاد الاسلامي).

توجد للجهاد الاسلامي منذ سنوات شبكات علاقات معقدة مع محيط النشاط الفلسطيني، العربي، الدولي والاسرائيلي. هذه الشبكات تتراوح بين العمل السري التخريبي الهادئ والاستفزاز والتصادم المباشر على اساس الرؤية والايديولوجيا الاسلامية الدوغمائية والمتطرفة.

منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو، لا سيما بعد الانفصال عن قطاع غزة وصعود حماس الى السلطة، فان الجهاد يرفض أن يكون خاضع لإمرة القيادات السياسية الرسمية للشعب الفلسطيني.

مصدر القوة الاول توفره للجهاد الاسلامي حركة حماس في القطاع، رغم كونه عدو لدود يتنافس مع حماس على نفس شريحة السكان. الامين العام للجهاد، زياد النخالة، يدرك بأنه من أجل أن يضمن لمنظمته حرية عمل فانه يجب عليه اجبار حماس على البقاء كـ “الدعامة الرئيسية للمقاومة” ومنعها من التحول الى لاعبة سياسية تدفع قدما بتسوية سياسية أو اقتصادية مع “اسرائيل”.

اقرأ/ي أيضا: الجهاد الإسلامي: لن يشعر الاحتلال بالأمان ما دامت المقاومة مستمرة

من أجل ذلك تبنى النخالة الاستراتيجية التي استخدمتها حماس مع ياسر عرفات بعد التوقيع على اتفاقات اوسلو. الشيخ احمد ياسين أجبر من يعتبر أبو الثورة الفلسطينية المسلحة على الاثبات بأنه وطني قومي ليس اقل من حماس.

وهكذا فانه جعل ياسر عرفات يستوعب حماس وتسبب له بدمار شخصي، بواسطة تصريحات تعرض الجهاد على أنه عامل يملي التوقيت والوتيرة وحجم النضال السياسي والمسلح مع اسرائيل، وأنه يعمل على توحيد الساحات الفلسطينية، وأنه لا يتنازل عن سجنائه ومستعد لتحدي المفهوم الذي يقول بأن حماس هي حركة حكيمة وعقلانية – فان النخالة يحاول ضمان أنه حتى لو لم تنضم حماس للجولات العسكرية القادمة بسبب مسؤوليتها المدنية عن الفلسطينيين، فانها لن تتجرأ على المس بالجهاد الاسلامي والمخاطرة بفقدان صورتها الوطنية وشرعيتها في نظر الشعب الفلسطيني مثلما حدث للسلطة الفلسطينية.

من أجل انتزاع مصدر القوة هذا من الجهاد فانه يجب تحويل حماس في غزة الى جسم مشروع في نظر اسرائيل، وزعماء المنطقة والمجتمع الدولي، وتمكينها من الانضمام لمعسكر فتح محمد دحلان. معا يمكنهما اعادة اعمار القطاع ومحاربة الجهاد الاسلامي الذي يحاول منع ذلك.

مصدر القوة الثاني للجهاد الاسلامي هو العناصر المارقة في حركة فتح – التنظيم وكتائب شهداء الاقصى. الهبوط، الذي حدث للشرعية السياسية للسلطة الفلسطينية بسبب الانقسام والقمع والفساد والجمود السياسي وخوف جهات في فتح من فقدان السيطرة في الضفة لصالح حماس، يسمح للجهاد بحث اعضاء فتح على الانضمام اليه “من اجل اعادة المجد الى سابق عهده”.

من أجل انتزاع مصدر القوة هذا من الجهاد الاسلامي يجب الدفع قدما بعملية سياسية، التي ستوقف تراجع الصورة الوطنية لحركة فتح.

مصدر القوة الثالث للجهاد الاسلامي هو الجمهور الفلسطيني، لا سيما سكان مخيمات اللاجئين. اذا توقف الفلسطينيون عن دعم فكرة المقاومة المسلحة ولم يتجندوا للمنظمة، عندها يمكن أن تتوقف المنظمة عن الوجود. النخالة يقوم بتخويف واهانة الفلسطينيين ويحذرهم من أنهم سيتحولون الى عمال وعبيد في خدمة اليهود والمشروع الصهيوني. هو يطلب منهم اظهار التضامن مع المقاتلين الميدانيين وتوفير محيط مريح للقتال لهم، الذي هو مستعد لتحمل الخسائر في الارواح والممتلكات.

النخالة الذي يعيش برفاه لا تعنيه حياة الفلسطينيين البائسة. ومشكوك فيه اذا كان قد قرأ الرسالة التي ارسلها اليه الدكتور رياض عواد في ايار 2019 والتي كتب فيها “أنا اشعر بالضائقة والألم الكبير في قلبي. ونومي مضطرب منذ سمعت المقابلة الاخيرة لك مع قناة “الميادين”. أنا ممن يحبون الجهاد الاسلامي… ويوجد لاعضاء الجهاد الاسلامي علاقة خاصة مع المجتمع… وهي تقوم على المحبة والاحترام. دور أي منظمة فلسطينية هو عدم توفير الاسباب التي تؤدي الى حرب. وحتى اذا اندلعت فانه يجب عدم تصعيدها… لغة التهديد التي قمت باستخدامها وتوجيهها للعدو لا تساعد على خلق الاجواء المطلوبة لوقوف العالم الى جانبنا… بل هي تتحدى وتحرض على وضع معاكس… دور المقاومة هو عدم الدخول الى حرب مفتوحة مع دولة نووية يؤيدها كل العالم… غزة فقيرة وضعيفة وليست لديها قدرة على الصمود أو موارد استراتيجية… النتيجة المحتمة لهذه الحرب، التي تبشرنا بها، هي احراق غزة وتدميرها بالكامل… يا سيد نخالة، أنا اريد أن تعرف بأن الشعب في غزة والذي اعرفه لا يريد الحرب ولا يحب الحرب وهو غير قادر على الصمود في حرب مفتوحة مع اسرائيل”.

من اجل منع النخالة من تخليد ثقافة الموت وتحويل الاولاد الفلسطينيين الى جيل من الشهداء أو المعاقين فانه يجب على المجتمع الدولي المبادرة الى القيام بعملية “اخلاء – بناء” لمخيمات اللاجئين وتقديم حياة كريمة على المستوى الشخصي والوطني للفلسطينيين.

مصدر القوة الرابع للجهاد الاسلامي هو ايران وحزب الله. وبمساعدتهما يحاول الجهاد القاء الرعب على اسرائيل وعلى حلفائها العرب والغرب. “اذا نجح الجهاد الاسلامي بقدرته العسكرية المحدودة في تغطية سماء اسرائيل بنار الصواريخ فما الذي سيحدث عندما ستقرر المقاومة الاسلامية في لبنان العمل ضد اسرائيل”، حذر الجهاد الاسلامي مؤخرا. النخالة يستخدم ايران وحزب الله ايضا كسوط ضد مقاتلي الجهاد. اثناء عملية بزوغ الفجر ارسل لهم رسالة جاء فيها بأنه اذا اظهروا الضعف في المعركة فانهم لن يتمكنوا من طلب المساعدة من حلفائهم. بكلمات اخرى، هم سيفقدون مصدر الرزق لكونهم مقاتلين في خدمة ايران وحزب الله.

من اجل نزع مصدر القوة هذا من الجهاد الاسلامي يجب تشجيع فرنسا على الضغط على الحكومة اللبنانية من اجل أن تبعد قيادة الجهاد في الخارج من اراضيها وأن تدفع قدما بمعالجة جذرية لمخيمات اللاجئين في لبنان.

بالاجمال، من اجل منع هذه المنظمة الصغيرة من تخريب حياة الفلسطينيين وشل حياة الاسرائيليين يجب قطعها عن مصادر قوتها. وكلما كان هذا أسرع كلما كان أفضل.