والد الشهيد إبراهيم النابلسي يروي لشبكة مصدر تفاصيل غير معروفة عن حياته

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

“إبراهيم مش ابني لحالي، ابن الشعب الفلسطيني كله، الله يرحمه صار أيقونة العمل المقاوم في الضفة الغربية”، بهذه الكلمات عبّر علاء عزت والد الشهيد إبراهيم النابلسي عن فخره الشديد بمناقب نجله الجهادية والنضالية ضد الاحتلال ووحداته الخاصة، مستذكرًا لحظاته الأخيرة، ووصيته الغالية التي حفظها كل أطفال ومقاومي فلسطين.

“أبو فتحي” كما كان يُحب مناداته، وُلد في مدينة نابلس “جبل النار”، بتاريخ 13-10-2003، ورغم حداثة سِنه، إلا أن تاريخه الفدائي ضد الاحتلال حافل بالعمل البطولي، حيث أنه لم يكن يتوانَ لحظة عن مقارعة الجنود الصهاينة في كل ميدان ويترك بصمة “نابلسية” وفاءً لدماء “الشيشاني” أدهم مبروكة وأشرف المبسلط ومحمد الدخيل، معلنًا فجرًا جديدًا يشق النار من بين عينيه العازفتان لحن النصر والشهادة.

يقول والده، إن “نجله تربى في بيت مناضل، تشرب فيه حب الوطن والإخلاص في الانتماء إليه، أنا أسير سابق لدى الاحتلال، ولديَ عِدة إصابات ما قبل انتفاضة الأقصى، حيث تأثر “إبراهيم” بالتجربة النضالية للعائلة، وسُجن لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بتهمة تفجير عبوة بحاجز عسكري إسرائيلي على جبل جرزيم جنوب نابلس، ولهذا لم يُحالفه الحظ بإكمال تعليمه الجامعي”.

وأضاف خلال حديثٍِ لشبكة مصدر الإخبارية، “رغم أنه كان يبلغ من العُمر 16 عامًا، إلا أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلته في سجن “جنيد” بمدينة نابلس، وعانى من التعذيب والقهر، إلاّ أنه خرج أكثر إصرارًا على مواصلة طريق الجهاد والمقاومة حتى دحر الاحتلال”.

أبو فتحي!
وعن سبب كنيته بأبي فتحي، أوضح والده أن نجله إبراهيم كان “يحب الشهيد نايف فتحي أبو شرخ قائد كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية الذي استشهد عام 2004، حيث تأثر بسيرته النضالية وسار على دربه حتى ارتقى إلى الله على ذات الدرب”.

المطاردة
يشير “الوالد” إلى أن إبراهيم مُطارد لدى الاحتلال منذ عامين، حيث لم يكن يأتي إلى المنزل، وكان دائم القول، “أنا مقاوم فلسطيني، أينما وجد الجيش الإسرائيلي سأكون هناك مقاومًا له، لن أنسى دماء الشيشاني والدخيل والمبسلط، وهذا عهدٌ عليّ”.

وأضاف، “عند استشهاد المقاومين الثلاثة، هدد إبراهيم ضابط المخابرات قائلًا، “سأنتقم لرفاقي”، حيث تركت حادثة الاغتيال عند إبراهيم صدمةً نفسية كبيرة، ولم يكن يتمنى إلا اللحاق بهم، حيث امتشق سلاحه وشق طريقه حتى الشهادة”.

الفيديو المتداول
مصدر الإخبارية
، سألت والد الشهيد إبراهيم النابلسي، عن الفيديو المتداول عبر منصات الاجتماعي لنجله حيث كان يُطلق النار تجاه الجيش الإسرائيلي وقام أحد رفاقه بسحبه للخلف إلّا أن الشهيد إبراهيم أصر على مواجهة الاحتلال وتقدم للإمام، أكد أن “الفيديو المتداول، ليس للاشتباك الأخير الذي خاضه نجله وإنما يرجع لتصديه لاقتحام قوات الاحتلال نابلس قبل أسبوعين حيث باغتهم بإطلاق النار كان يُطاردهم في كل مكان كما الشبح حتى أصبح أيقونة للمقاومة في الضفة الغربية”.

وأكمل، “كثيرًا ما كنا نقول له يا إبراهيم خلينا نجوزك ونفرح فيك، فيرد علينا، “أنا لن أترك البارودة حتى ألقى الله شهيدًا، أنا فداءً لفلسطين والمقاومة والمسرى”.

وكشف والد الشهيد إبراهيم النابلسي، عن أنه “عندما أقدمت وحدات إسرائيلية خاصة على اغتيال رفاق درب نجله الثلاثة في نابلس بتاريخ الثامن من شهر فبراير/ شباط 2022، كان الجيش الإسرائيلي يتوقع أنه قضى على “إبراهيم” برفقة الشهداء الآخرين الذين كانوا يتواجدون داخل المركبة ولكن سرعان ما تبدد حُلمهم كالسراب وخرج إليهم “أبو فتحي” من جديد”.

وأردف، “كثيرًا ما كان يُهددوني ضباط المخابرات الإسرائيليين للحديث مع إبراهيم ليترك المقاومة والعمل النضالي وإلّا سيتم تصفيته، وفي كل مرة كان يخبرني إبراهيم قائلًا، “يابا حتى لو فاوضوني لن أٌسلم حتى ألقى الله شهيدًا”.

اللحظات الأخيرة
يروي والد الشهيد إبراهيم النابلسي، تفاصيل اللحظات الأخيرة لما قبل استشهاده بعد محاصرته في أحد المنازل بمدينة نابلس، حيث هاتف “أبو خليل” عائلته وقال لوالده “أشهد ألا إله إلا الله، أنا متحاصر، ما تزعل ولا تبكي عليّ، أنا شهيد يابا”.

وأضاف، “كلّم والدته وقال لها أنا بحبك ماما، وحب الوطن من حبك، وحتى أنه بعث رسالة للمقاومة ولكل إنسان يحمل بندقية شريفة، أوصاهم بالحفاظ على البارودة وعدم ترك طريق المقاومة”.

وتابع، “أبني كان أيقونة فلسطين وأعاد النفس المقاوم للضفة الغربية، رأينا أبناء السادسة والسابعة يتغنون في إبراهيم النابلسي المقاوم، كان الجميع يدعو له مَن عرفه ومن لم يعرفه، لم يكن ابني وحدي، كان إبن الشعب الفلسطيني بأكمله”.

جهادٌ بالمال والنفس
يقول والد الشهيد إبراهيم النابلسي، إن “نجله كان يشتري الرصاص على حسابه الشخصي، ليقاوم الاحتلال ببندقية شريفة، ولإكمال طريق الجهاد، ووجه رسالة لأصدقائه قبل استشهاده قائلًا، “بعرضكم حافظوا على البارودة”.

وأضاف، “إبراهيم مقاتل فلسطيني ضحى بحياته من أجل لا اله إلا الله، وتحرير الأسرى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نال الشهادة مقبل غير مدبر، بعدما ألحق خسائر فادحة في الجيش الإسرائيلي، وبقي يُقاوم حتى النفس الأخير”.

وختم حديثه لمصدر الإخبارية قائلًا، “رسالتي إلى كل حُر وشريف، عندما كان ابني إبراهيم يسمع طلقات المسلحين في الجنازات والأفراح، يقول “يا حرام يتركوا الاحتلال بدون مقاومة، ويضيعوا الرصاص هيك ببلاش، واحنا لما بدنا رصاص بندوق المُر لنحصله ونُواجه فيه الجيش”.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية، أعلنت الثلاثاء، استشهاد كلًا مِن الشهيد ابراهيم النابلسي وإسلام صبوح، وحسين طه، وإصابة عشرات المواطنين خلال اشتباكات عنيفة خاضها المسلحون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب اقتحام مخيم نابلس بالضفة الغربية المحتلة.