المواجهة

المواجهة الحاسمة قادمة.. بقلم: سهيل كيوان

أقلام _ مصدر الإخبارية

هذا المقال بعنوان” المواجهة الحاسمة قادمة”.

عندما نقول غزة، نقصد المدينة وأخواتها، والمخيمات التي تشكل كلّها ما يُسمى قطاع غزة.

هذه المساحة الضيّقة؛ 360 كيلو مترًا مربّعًا، هي الأكثر ازدحاما في العالم، في السَّكن وفي المقاومين.

تحاصرها إسرائيل رسميًا منذ 16 عامًا، فقد زعمت بأنها تركتها وشأنها. في الواقع هي لم تنفصل عن غزة، ولكن بدلا من الاحتلال المباشر في كل شارع وحيّ، وضعت القطاع كله في السجن، فالكهرباء والماء والطاقة بكل أشكالها والمواصلات، خارج القطاع، في البر والبحر والجو، ودخول وخروج البضائع والكميّات ونوعياتها ومصادرها، كلها بيد الاحتلال الإسرائيلي.

ما فعلته إسرائيل هو أنها أعطت الفلسطينيين إدارة ذاتية للقطاع كي تتخلص من مسوؤليتها كدولة احتلال أمام القانون الدولي، الذي يلزمها بإيجاد العمل والحياة الطبيعية للناس، وتزويدهم باحتياجاتهم الإنسانية.

قدّم قطاع غزة قبل عام 1967 وبعده، ومنذ عام 1948، قوافل هائلة من التضحيات، كذلك فقد كلّف وجود الاحتلال فيه، الكثير من الشهداء والجرحى والخسائر في العتاد والأموال.

بعد تنصُّل الاحتلال الإسرائيليّ، من مسؤوليته إزاء القطاع المحاصَر، أتاح الاحتلال لنفسه استخدام وسائل الفتك كافة في ضرب المقاومين، بكلّ أنواع الأسلحة المتاحة.

منذ تولى لبيد رئاسة الحكومة، بدأ بتهديداته شمالا وجنوبًا، وبدأوا يعدّون لحملة عسكرية جديدة قديمة، فنشروا قبل أيام في أحد المواقع الإسرائيلية أن الرئيس السابق للمخابرات، آفي ديختر، قد أخطأ عندما لم يصادق على اغتيال أحد القياديين في أحد التنظيمات الفلسطينية المسلّحة في قطاع غزة، وذلك لأن زوجة هذا القيادي كانت بمعيّته في السيارة! واستنتجوا أن ديختر قد أخطأ في قراره فزوجة “المخرَّب” شريكة له وهي مثله!

كانت هذه إشارة إلى أن حكومة يائير لبيد – غانتس، لن تتردّد بضرب الرأس المطلوب حتى لو كان بين مدنيين، والنتائج واضحة.

ليس هناك ما نحلّله، لا يحتاج الأمر إلى خبراء، هنالك عدوان مستمر على الشعب الفلسطيني بدأ منذ قرن، ولم يتوقف إلا على فترات قصيرة، كان التوقف عبارة عن وقف إطلاق نار، استعدادًا للمراحل التالية.

لم يكن هناك بضع سنوات نستطيع القول إنها كانت هادئة، فبين الحرب والحرب حروب صغيرة واغتيالات وسجون مكتظة، قد تتسع وقد تضيق حتى يحين موعد المواجهة الأوسع، وهكذا دواليك.

إنه شلال الدم نفسه، والصرخات نفسها والدموع نفسها، والشّهداء والجرحى والأرامل، والثّكل واليُتْم نفسه، وهو العالم نفسه الذي لا يحترم الضعفاء، وهم العرب أنفسهم الذين تحكمهم أنظمة القمع والظلام نفسها، وهو المجتمع الإسرائيلي العسكري نفسه، الذي بات مبهورًا بما حققته قياداته، وبات مقتنعًا في غالبيته بأنّ حل القضية الفلسطينية هو بالقوة العسكرية فقط لا غير.

الحُجَّة جاهزة لبدء المواجهة؛ اغتيالات بحجة أن المطلوبين كانوا يعدّون لعمليات ضد إسرائيل، أو أن عمليات نُفذت بتوجيههم.

قد يكون هذا صحيحًا في كثير من الأحيان، وهي أنهم كانوا يعدون لعمليات، وربما كانوا مسؤولين عن عمليات نُفّذت، ولكن المسؤول الأول والأخير عن جميع الضحايا، هو من يتهرَّب من حلّ سلميّ، ومن يرفض السَّماح لأي نسمة في الأفق تحمل رائحة حلٍّ لقضيةٍ صار عمرها أكثر من سبعة عقود، وما زالت تتفاقم.

يتحمَّل المسؤولية من صار يتصرَّف بتجاهل تام لوجود قضية فلسطينية، أو وجود من يمكن الحديث معه، ومقياسه هو أنَّ العالم لم يعد مهتمًا كما كان في الماضي، ولهذا فهو يستغل الوضع الدولي المتردي، والعجز والتطبيع العربي، كي ينفَّذ أحلامه القديمة بابتلاع كل فلسطين، وسحْق أي شكل من أشكال المقاومة فيها، وبدون تقديم أي تصوّر لحلّ محتوم! من المرجح أن تتوقف الجولة الحالية، ولكن اتساع هذه الاشتباكات لتصبح مواجهة شاملة وحاسمة؛ هي قضية وقت وتكتيكات عسكرية وسياسية، وليس أكثر من ذلك.

Exit mobile version