رسالة واتس آب من غزة: رحلة علاج أختي في القدس تأجّلت

أقلام – مصدر الإخبارية

رسالة واتس آب من غزة: رحلة علاج أختي في القدس تأجّلت، بقلم الكاتب والحقوقي الفلسطيني مصطفى إبراهيم، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

هل تعرف شعور الانسان الذي ينتظر الموت بصاروخ او شظية صاروخ داخل بيته؟ تفاصيل كثيرة تكابدها عندما تكون ابنتك في السادسة عشر من عمرها. تخاف من النوم، وتبقى إلى جانبك.

أرسلنا إلى زميلنا في غزة الناشط الحقوقي مصطفى إبراهيم رسالة “واتس آب” للإطمئنان إليه، فرد علينا بهذا الجواب. رأينا أن نشر رده قد يضيء على وجه من وجوه المأساة في القطاع.

التفاصيل كثيرة، ربما لا أحد يستطيع تفسير ما جرى ويجري في غزة إلّا من يعيش المعاناة اليومية. من غير البديهي الحديث عن شعور الناس بهذه السهولة، ومطالبة أهل غزة بأكثر مما يحتملوا. حتى الفصائل ورغم نقدنا الشديد لها، هي ضحية نفسها وضحية أمور كثيرة داخلية وإقليمية، وضحية قلة حيلتها.

آسف للقول إن الحديث من بعيد ليس مثل من يعيش الحال، الخوف والقلق والحزن والغضب حتى من الفصائل. هل تعرف شعور الانسان الذي ينتظر الموت بصاروخ او شظية صاروخ داخل بيته؟ لا يعرف من المستهدف ولماذا استهدف بهذه الطريقة الاجرامية؟ تفاصيل كثيرة تكابدها عندما تكون ابنتك في السادسة عشر من عمرها. تخاف من النوم، وتبقى إلى جانبك. تحاول النوم، لا تأكل ولا تشرب من الخوف.

اختي مريضة سرطان وموعد سفرها للعلاج في القدس كان في الأمس. والآن تدخل في دوامة تقديم طلب لموعد جديد وتصريح إسرائيلي جديد، وهي تعد نفسها لانتظار ربما يكون قصيراً، لكنه انتظار مع الألم والوجع.

هذه تفاصيل ربما لا يشعر بها الآخرون، لكنها الحد الأدنى من الحياة. هل تعرف يا صديقي معنى أن تكون محروماً من الحق في الرعاية الصحية؟

الكتابة من بعيد ليست كما نعيشها نحن، النقد والتقييم واستخلاص العبر مهم، قد تكون حماس مخطئة وقد تكون مصيبة، والناس لم يطالبوها بالتدخل في المعركة لأنهم ما زالوا يعانون من آثار معركة “سيف القدس”. الناس غاضبة من “الجهاد”، لكنه غضب لا يلغي يقين الفلسطينيين بأن إسرائيل هي من باشر العدوان. هم يجتهدون وهم بحاجة لاستخلاص العبر. نعم الناس غاضبون ويعبرون عن غضبهم. لكنه غضب مترافق مع شعور غريب في انتظار الموت.

من يعيش التفاصيل غير عن يتابع عن بعد.

لقد تُركنا وحدنا يا أصدقاء، لم تخرج تظاهرة واحدة لنصرتنا. تظاهرة او تضامن فعلي على الأرض. وبالمناسبة حادث صغير الآن يمكن ان يطلق عدواناً جديداً. من حق الناس أن يطالبونا بالصمود لكن من حقنا أن نحزن وان تحزنوا معنا.

أقرأ أيضًا: عملية “الفجر الصادق” ومعضلة غزة .. بقلم مصطفى ابراهيم