هل تنجح نقابة الصحافيين بتخطي حاجز الانقسام والهيمنة عبر الانتخابات؟

 خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يتساءل كثيرون عما إذا كانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين ستنجح في تخطي حاجز الانقسام والهيمنة عبر الانتخابات، في وقتٍ شّكل إعلان الأمانة العامة الأربعاء الثالث من آب (أغسطس) 2022 عن موعد تنظيمها بصيص أمل لدى جموع الصحافيين.

ورأى الصحافيون الفلسطينيون في  الإعلان فرصة لمشاركة جميع المنتمين للأُطر والكتل الصحافية، واختيار ممثليهم على أساس الكفاءة والمهنية، بعيدًا من أي اعتبارات أخرى.

ويُعتبر الانتخاب حق أصيل مكفول بموجب القانون الفلسطيني، والنظام الداخلي لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، التي شكّلت درعًا حاميًا للصحافيين، في ظل تصاعد انتهاكات الاحتلال والممارسات الداخلية، المتمثلة في تجاوزات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويقول رئيس التجمع الصحافي الديمقراطي ناصر العريني إن “الدعوة لتنظيم الانتخابات ليست جديدةً، إنما تم خلال السنوات الماضية تحديد موعد لعقدها، لكنه اصطدم بجدار الغاء الرئيس محمود عباس تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، إلى جانب جائحة كورونا، وعديد من المعيقات الأخرى حالت دون تنظيم انتخابات نقابة الصحافيين”.

وأضاف العريني في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية أنه تم ابلاغنا بوجود توافق بين نقابة الصحافيين والأُطر الصحافية المُشاركة (في قيادة النقابة) على تحديد موعد تنظيم الانتخابات، حسب النظام الداخلي للنقابة نهاية العام الجاري، ما يتطلب تضافر كل الجهود من أجل انجاحها، ومشاركة جميع الصحافيين فيها من دون استثناء”.

وأستطرد قائلا: “دَعونا إلى فتح حوار مُعمق مع جميع الأُطر والكتل الصحافية، ومن المقرر انطلاقه الأسبوع المقبل، من أجل إثراء النقاش حول موضوع تنسيب العضويات، حيث يُشترط في المتقدمين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، مُضي عامين على عضويتهم في النقابة، ما يتطلب مناقشته مع المؤسسات والأُطر كافة، بهدف تفعيل وحشد المشاركة الفاعلة من الجميع”.

وكانت نقابة الصحافية نظمت أخر انتخابات في أذار (مارس) 2012، وجاءت الدعوة الحالية للانتخابات متأخرة سبع سنوات عن موعدها، إذ ينص النظام الداخلي على تنظيمها كل ثلاث سنوات.

وردًا على مدى أهمية مشاركة جميع الأطر والكتل الصحافية في النقابة، أوضح العريني، الي يشغل أيضا منسق لجنة الأطر والمؤسسات الصحافية إلى أن “الأمر له عِدة أبعاد، أولها البُعد الداخلي المتمثل في الضغط الفلسطيني لتنظيم الانتخابات كافة، بما يشمل التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، نظرا لأن الصحافيين يُمثلون السلطة الرابعة، التي لها تأثيرها على جميع المستويات، إلى جانب أنها تحترم القانون وتقف دائمًا إلى جانب المواطنين في جميع القضايا”.

وأما البُعد الثاني، فيتمثل في “الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل ما يتعرض له الصحافيون من انتهاكات شاملة، من بينها الملاحقة، والتعذيب، والقتل، والاعتقال، والتحقيق، ما يعني أن وجود نقابة قوية وفاعلة سيسهم في توحيد الصوت في العلاقات مع الاتحاد الدولي للصحفيين، أو الأمم المتحدة، أو المقررين الخاصين بحقوق الإنسان، لاطلاعهم على واقع وحالة حقوق الإنسان والصحافة في الأراضي الفلسطينية، لمحاسبة قادة الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية”.

ويتعلق البُعد الثالث في المظهر الفلسطيني أمام العالم، حيث أن نقابة الصحافيين الفلسطينيين ممثلة في اتحاد الصحافيين العرب، والاتحاد الدولي، ما يسهم في خلق صوت فلسطيني واحد ومُوحد يُوصل معاناة الشعب الفلسطيني إلى جميع أنحاء العالم في ظل محاولات الاحتلال طمس الرواية الفلسطينية، وأنسنة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي”.

ودعا العريني إلى “ضرورة تغليب الصوت الوطني، ونبذ التعصب الأعمى، والمصالح الفئوية والشخصية لضمان تنظيم انتخابات حُرة ونزيهة يُشارك فيها الكل الصحافي، تعزيزًا للعملية الديمقراطية ونجويلها إلى عرس فلسطيني”.

أما الصحافية وفاء عبد الرحمن مدير مؤسسة فلسطينيات، فترى أن “إعلان النقابة جاء متأخرًا ثمانِ سنوات، لكن أن يأتي متأخراً، وجاداً، خير من ألا يأتي أبدا، وعليه فهي خطوةٌ واجبة من عدة خطوات على النقابة اتخاذها، ومُرحب بها، أداة لتوحيد الجسم الصحافي، وإعادة الاعتبار لنقابة الصحافيين والعمل الصحافي”.

وأشارت عبد الرحمن إلى أن “حالة النظام السياسي والانقسام ،الذي يُكبله، انعكست على نقابة الصحافيين، وهي جزء من المنظمات الشعبية والاتحادات التابعة لمنظمة التحرير، وعليه يبدو أن مجلس النقابة الحالي رهن ذاته بالوصول لمصالحة وطنية بين حركتي فتح وحماس، وارتهن لقرار حركة فتح، وكان رهان خطيئة، لأن المعطيات كلها تؤكد ألا مصالحة قريبة”.

واعتبرت عبد الرحمن، خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أنه “كان من الأجدر بالنقابة تقديم نموذج لتجاوز عقبات المصالحة، عبر توحيد الجسم الصحافي، وعقد انتخابات دورية، وتداول سلمي لقيادة النقابة، وهذا ما قدمته نقابة المحامين، ولم يُعطلها الانقسام”.

واستدركت بالقول إنه “من الانصاف، عدم تحميل الأمانة العامة الحالية كل المسؤولية، والتذكير بمسؤولية الاحتلال وفصله الضفة عن قطاع غزة، ما خلق واقعين مختلفين في كل منهما، لتصبح مسألة توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات أكثر تعقيداً”.

وشددت على أن “طالما هذا الوضع لا يزال قائماً، حصار قطاع غزة، ومنع الحركة، فإن المطلوب التقدم بحلول خلّاقة تتجاوز الحصار وتهزمه، مع الأخذ في الاعتبار استهداف الاحتلال الممنهج للمؤسسات الإعلامية والصحافيين خلال العدوان المتكرر على القطاع”.

وأوضحت أن “إضعاف نقابة الصحافيين، عبر الاستيلاء على مقرها، ومؤسسات الإعلام الرسمية مِن قِبل حركة حماس في القطاع، شكل أيضاً معيقاً أمام النقابة لتعمل في وضع طبيعي، في ظل شعورها بالاستهداف وعدم قدرتها على حماية العاملين/ات في مؤسسات الإعلام الرسمي، وحتى حين عادت للعمل في مقر جديد، بقيت التقييدات مستمرة، تقابلها تقييدات واعتداءات من أجهزة السلطة في الضفة أضعفت النقابة في الضفة”.

ورأت أن “هذه الاعتداءات المتبادلة، اعتقالات، واعتداءات جسدية، وتهديدات، منع صحف، اغلاق مكاتب، حجب مواقع، لم تُضعف النقابة فقط، بل أضعفت العمل الصحافي برمته، وحرية التعبير وحق الجمهور في المعرفة”. وشددت على أن “مواجهة هذا الوضع يتطلب وجود نقابة موحدة قوية، لا تُهادن ولا تُجامل، ولا تخاف في مواجهة “السلطة، أكانت سلطة حاكمة، أم أجهزة امنية، قطاع خاص، أو حتى مؤسسات أهلية”.

واعتبرت أن “المطلوب نقابة للجميع، على أعتابها يخلع كلٌ منا توجهاته لصالح الكل الصحافي، وتغليب العمل المهني على الفصائلي والحزبي والحسابات الضيقة، وذلك يكون عبر انتخابات نزيهة وشفافة، شرطها تناسب مدخلات عملية الانتخابات مع واقعنا وحالتنا”، علاوة على “إعادة النظر في النظام الداخلي، العضويات، شروط الانتخاب والجهة المشرفة عليها، بتوافق الكل المتصارع، للوصول إلى أرضية الحد الأدنى لصالح الكل الصحافي”.

وانتقدت بشدة “اقصاء الصحافيات، والإصرار على تمثيلهن الرمزي، رغم الوعود بحد أدنى 30 في المئة، ما يتطلب الانخراط في ورشة حوار معمقة، يتوافق فيها ممثلو الكل الصحافي والمؤسسات الإعلامية ونقابة الصحافيين للوصول إلى حلول، جميعها ممكنة”.

وأعلنت أن “فلسطينيات ستقدم مبادرة جديدة تفصيلية تبني على مبادرات قدمتها خلال أعوام 2012، 2014، و2019، وبعد التوافق الصحافي على تفاصيل الانتخابات ستدعم المؤسسة ترشيح صحفيات، وستستمر في نضالها لزيادة تمثيلهن، وإن قررن خوض الانتخابات بقائمة مستقلة تمثل نادي الإعلاميات الفلسطينيات ستدعمهن المؤسسة في شكل كامل”.

ورأت عبد الرحمن أن “التحركات التي تضم مئات الصحافيين/ات في الضفة والقطاع تؤشر إلى أن الانتخابات مطلب أساس، وانعقاد النية لدى الجميع لإنجاحها، خاصةً أن الانفتاح لدى جميع الأطراف لاستيعاب الملاحظات والتعاطي مع المبادرات مهم من أجل لملمة المجتمع الصحفي وتقويته في مواجهة الاحتلال واعتداءاته، وفي مواجهة تغول الأجهزة وتغول الانقسام وتغول المال السياسي”.

من جانبه، رحّب رئيس المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية الصحافي المستقل فتحي صبّاح بقرار الأمانة العامة لنقابة الصحافيين الفلسطينيين المتمثل في عقد اجتماع الجمعية العامة للنقابة بالضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة، يومي ٩ و ١٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢، وانتجاب مجلس اداري، وأمانة عامة جديدين.

ووصف صبّاح، خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، القرار بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح، وسيشكل فرصة لتجديد شرعية النقابة المتأكلة، خاصة وأن الانتخابات ستأتي بعد أكثر من ١٠ سنوات على الانتخابات الأخيرة في ٢٠١٢”.

ودعا صبّاح جميع الأطر والكتل والمؤسسات الصحافية إلى فتح حوار داخلي جدي ومسؤول، ومن ثم فتح حوار مع النقابة، للتوافق على آليات وإجراءات وخطوات تضمن نجاح العملية الانتخابية بديموقراطية وشفافية ونزاهة، على قاعدة الشراكة في الوطن والنقابات والاتحادات”.

من جانبه، قال رئيس التجمع الإعلامي توفيق السيد سليم إن “الصحافيين تلقوا خبر الإعلان عن موعد انتخابات النقابة بمزيدٍ من الارتياح، حيث حُرموا على مدار سنوات طويلة من ممارسة حقهم في الانتخابات بسبب السيطرة على النقابة، في ظل ظروف استثنائية متمثلة في غياب عديد من الأُطر الصحافية عنها”.

وأعرب سليم، خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، عن أمنياته بأن “يُشكل تنظيم الانتخابات مرحلةً جديدةً في عمل النقابة، خاصةً بعد سنوات طويلة من التعقيدات وحرمان الصحافيين  من الانتساب والعضوية للمشاركة في فعاليات وأنشطة النقابة بالشكل المطلوب”.

وشدد سليم على “أهمية تصويب أوضاع النقابة، خاصةً فيما يتعلق بملف العضويات، الذي على أساسه يتم عقد الانتخابات، وإعادة النظر فيمن هم صحافيون مِن غيرهم، إذ أن كثيرًا من أعضاء النقابة عاملون في أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، ولا علاقة لهم بالمجال الصحافي أو الإعلامي، إلى جانب أطراف أخرى”.

وأوضح سليم أن “التجمع الإعلامي الفلسطيني سجّل عِدة مرات اعتراضه على تنسيب غير الصحافيين في سجلات النقابة، نظرًا لتداعياته السلبية على الجسم الصحافي ككل”، مشددًا على “أهمية تنظيم وترتيب ملف العضويات في نقابة الصحافيين، لضمان مشاركة جميع الصحافيين في الانتخابات”.

وترى الصحافية الفلسطينية المستقلة مها أبو الكاس أن “انتخابات الصحافيين جاءت متأخرة، لكن أفضل من ألا تأتي، ما يتطلب عقدها بصورةٍ دورية، خاصةً في ظل الانقسام والخلافات الداخلية”، معربة عن أملها في “تنظيم انتخاب وترشح شخصيات مرنة، وصاحبة قرار تستطيع الدفاع عن الصحافيين، عبر كُتل قوية قادرة على حماية الصحافيين مما يتعرضون له”.

ودعت أبو الكاس، التي تعمل مراسلة لقناة “فرانس 24″، خلال حديثها لمصدر الإخبارية، إلى “عدم اقتصار امتيازات نقابة الصحافيين على خصومات الطعام والملابس فقط، بل تكون امتيازات حقيقية متمثلة في الحصول على معدات وأدوات السلامة المهنية بطريقة مُسيرة، وحصول حاملي العضوية على تسهيلات خلال السفر والتنقل، خاصةً عبر معبر رفح البري، أو حاجز بيت حانون (ايرز)”.

وأشارت إلى أن “الصحافيين يتعرضون خلال السفر إلى معاملة سيئة، فقط لأنهم صحافيون، حيث يتم حجزهم ساعاتٍ طويلة والتحقيق معهم، كأن الصحافة أصبحت جريمة، وانتخابات النقابة فرصة حقيقية لتفادي هذا الأمر، من خلال انتخاب جسم قوي وفعّال يُولي اهتمامًا بالغًا لمصلحة الصحافيين ويعمل على تعزيز دورهم في المجتمع”.

وشددت على أنه “حتى لو فرقتنا الأهواء الحزبية والسياسية، ستكون نقابة الصحافيين الفلسطينيين بيتنا الجامع”، لافتةً إلى أن “عقد الانتخابات سيسهم في اختيار الأكفأ لخدمة الصحافيين، وسيكون صوت الصحافي الفارق في إحداث أي تغيير على جميع المستويات، وإن كان من تقصير أو محاباة صادِرَين على إدارة النقابة المُنتخبة يُمكن تغييرها واختيار الأفضل في أي انتخاب مقبلة”.

وكان نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر قال إن “انتخابات الأمانة العامة للنقابة ستُعقد خلال المؤتمر العام المقرر في التاسع والعاشر من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، حيث ستتم وفق التمثيل النسبي” أي القوائم.

وأشار أبو بكر إلى أن “التسجيل في عضوية النقابة مُتاح حتى قبل بدء الانتخابات بـ40 يومًا”، لافتًا إلى أن “لجنة الانتخابات المركزية والاتحاد الدولي للصحافيين سيُشرفان على سير انتخابات النقابة”.

ونوه أبو بكر إلى أنه “تم إعداد خطة استراتيجية للفترة المقبلة 2023-2026، وإنجاز مشروع النظام الإداري والمالي للنقابة، لتقديمها للمؤتمر لإقرارها في شكلٍ رسمي”.

أقرأ أيضًا: الشاعر لمصدر: خلال ساعتين سنُعلن موعد إجراء انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين