غزة: بيانكو وأزمة أخلاق مفتعلة

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب معتز خليل: أكتب هذا المقال بصفتي أبا، وليس بصفتي الصحافية، حيث تتواصل ردود الفعل على الساحة الفلسطينية في قطاع غزة منذ الثلاثاء، عقب نشر حساب على انستغرام فيديو قصير سربته للحساب شابة من غزة يظهر فيه شبان وفتيات أصدقاء يلهون في شاليه في منتجع بيانكو شمال مدينة غزة.

وبات هذا الفيديو الأكثر رواجًا على وسائل التواصل الاجتماعي في غزة.

ويُظهر الفيديو شباناً وشابات يحتفلون، ويغنون، ويقضون الوقت معًا في شاليه مغلق في منتجع “بيانكو” السياحي المرموق.

نشرت إحدى الفتيات الفيديو على حسابها على انستغرام، وسمحت فقط لعدد محدود جدا من أصدقائها المقربين بمشاهدته.

إلا أن أحد، أو إحدى صديقاتها سرّب الفيديو إلى منصة تهتم بالانتشار من خلال نشر مثل هذه المشاهد.

يشير التليفزيون البريطاني في تقرير له إلى أنه بالنسبة للغرب يبدو الأمر عاديا، ولا يوجد شيء خارج عن المألوف، أما بالنسبة إلى المواطن العادي في غزة فهذه مهزلة.

وتساءل العديد من سكان غزة، الذين يعتبر معظمهم، أيضا، أن الأمر عادي جدا، عن دقة هذه الأزمة.

وسخر أنصار حركة “فتح” من التوجه الإسلامي المتشدد لحركة “حماس” الراغبة في الحكم وفقا للشريعة الإسلامية الصارمة التي تنتقد مثل هذه النوعية من الفيديوهات.

وأعلنت “حماس” عن إغلاق منتجع بيانكو مدة 48 ساعة، وقالت الحركة إن الاغلاق لعدم التزام الشروط والإجراءات المتبعة في تنفيذ اقامة الفعاليات والأنشطة، التي تخالف أعراف وتقاليد الشعب الفلسطيني.

غير أنني أقول من هنا أن ما جرى في هذا المنتجع أمر طبيعي وعادي لعدد من الشباب يقضون فصل الصيف القائظ في منتجع، وبالطبع فإن كثيرين في غزة يروا أنه من العيب ان تتصرف الشابات أو الشباب على هذا النحو في مجتمع غزة المحافظ، غير أن هناك بعضًا من الأسئلة الدقيقة التي يجب الإجابة عليها هنا:

1- ماذا عن كثير من السلوك المماثل والمشابه لما قام به الشباب في المنتجع غير أن من يقومون به لا يعرضون صورا أو فيديوهات خاصة بهم، ويقوموا بما يحلو لهم في السر؟

2- لماذا ندخل الإسلام والأخلاق في أي تعاطٍ مع أي أزمة لحكومة أو حركة “حماس”، فالسعودية ذاتها باتت تسمح بتنظيم حفلات عامة في الهواء الطلق وسط رصد وتصوير ومتابعة الشعب؟

3- أعتقد أن تصوير غزة وكأن من يحكمها جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمر لن يفيد حركة “حماس”، بل سينعكس سلبا على صورتها في العالم.

أعود وأكرر، إن من يكتب هذه الكلمات هو أب، وأعتقد شخصيا أن الحرية للأبناء أفضل كثيرا من تسليط الرقابة الصارمة عليهم، الرقابة التي تدفع كثيرا من أولادنا، للأسف الشديد، إلى القيام بسلوكيات سيئة، سرا بعيدا عن العلانية.

هنا في مدينة لندن، في الغربة، تعرّفت على كثير من الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة، يتمتع غالبية هؤلاء بالحرية المسؤولة، رجال ونساء، بل على العكس، حتى من يقوم منهم بالاستمتاع بأمور الحياة، فإنه يراعي في النهاية الثقافة الاسلامية، أو الشرقية، ويستمتع بقدر كبير من المسؤولية الحاسمة، التي تجعل الإنسان يفتخر بهذه النماذج المحترمة.

عاشت فلسطين حرة للجميع بمختلف أفكارهم الأيديولوجية والفكرية على حد سواء.

اقرأ/ي أيضًا: إدارة منتجع بيانكو تكشف لـ”مصدر” تفاصيل الفيديو المسرّب وتفجير السور (فيديو)