محللون لمصدر: تصريح أبو عبيدة رسالة غامضة لتحريك مياه راكدة في ملف الأسرى

خاص – مصدر الإخبارية 

أثار تصريح الناطق العسكري باسم كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة “حماس” أبو عبيدة، حول تدهور صحة أحد الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة في غزة، جدلاً واسعاً في الأوساط الرسمية والشعبية الإسرائيلية.

وأعلن أبو عبيدة، مساء الإثنين، عن تدهور طرأ على صحة أحد الأسرى مضيفاً أنه سيتم نشر ما يؤكد ذلك خلال الساعات المقبلة.

وعقب التغريدة مباشرة، أصدر مكتب رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، بياناً جاء فيه أن “بلاده ستواصل جهودها لاستعادة أسراها لدى حركة حماس في قطاع غزة”.

وفي البيان، اتهم بينت الحركة باحتجاز “مدنيين مضطربين نفسياً وجثتي جندييّن خلافاً لجميع المواثيق والقوانين الدولية”، وحملها المسؤولية عن حالة  الأسيرين”.

وأضاف أن تل أبيب “ستواصل بذل جهودها بكل مسؤولية وإصرار، من خلال الوساطة المصرية، من أجل استعادة الأسرى والمفقودين”.

رسالة غامضة لتحريك مياه راكدة

ووقوفاً عند أبعاد ودلالات رسالة “أبو عبيدة”، قال المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل إن “الصراع مع الاحتلال يجوز فيه استخدام جميع الأدوات والوسائل، بما في ذلك الحرب النفسية، وجميعها تنتمي إلى أشكال النضال المشروع”.

وأضاف عوكل في حديث مع شبكة مصدر الإخبارية، أن “عدم الكشف عن هوية الأسير، أو إلى أي مدى تدهورت حالته الصحية، يعدُ بمثابة رسالة غامضة لتحريك مياه راكدة في المجتمع الإسرائيلي”.

ورأى عوكل: أن “هذه الرسالة تُعد بمثابة تحميل حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تعطيل إتمام أي صفقة لتبادل الأسرى، وتحميلها مسؤولية حياة هذا الأسير، سواء فارق الحياة أو بقيت صحته معتلةً”.

وفي جانب آخر، أوضح عوكل أن “هذه الرسالة تعدُ شكلاً من أشكال تحريك الوضع الاجتماعي في المجتمع الإسرائيلي، للضغط في شكل جماعي على حكومة الاحتلال، للاحتجاج ورفع مستوى نقدها، للحكومة لعدم قدرتها على الوصول إلى أي معلومة تتعلق بصحة الأسرى لدى المقاومة في غزة وأوضاعهم”.

ووصف عوكل الرسالة بأنها “في غاية الذكاء، والدليل على ذلك الطلب الرسمي الإسرائيلي بعدم التعليق عليها في بادئ الأمر، ثم العودة للتأكيد على أن الحكومة ستبقى تتابع هذا الملف”.

واعتبر عوكل أن “تعليق حكومة الاحتلال على رسالة أبو عبيدة لا يعفيها من النقد، أو المساعدة في تهدئة الرأي العام، أو أهالي الأسرى”.

وتوقع عوكل أن لا تؤدي هذه الرسالة إلى فتح ملف المفاوضات من أجل إتمام صفقة تبادل جديدة، لكن بُمكن أن تؤدي إلى إعادة تفاعل المستوى الإسرائيلي الرسمي مع الجانب المصري الوسيط الأول في المفاوضات غير المباشرة، في سبيل الوصول إلى بعض المعلومات حول هوية الأسير وصحته”.

تصريح أبو عبيدة بشأن الأسرى بمثابة إعلان في وقت حسّاس

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري إن “كتائب القسام اختارت توقيت الإعلان بعناية شديدة، وتوقيت حرج وحساس لحكومة الاحتلال، التي تعيش في حالة من عدم الاستقرار السياسي، لعدم احتمالها مزيداً من الضغوط يُمكن أن تجعلها في واقع أكثر تعقيداً، وتضعها أمام تحديات غير مسبوقة”.

وأضاف أبو زهري في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “مثل هذا الاعلان يمكن أن يأتي في سياق تحريك ملف الأسرى، وإعادته إلى واجهة الاهتمام، وتفعيل دور كل الأطراف المعنية والراعية لهذا الملف”.

ورأى أبو زهري أن “كتائب القسام تتمتع بصدقية عالية، وتتصرف بدقة متناهية في التعامل مع الملفات كافة وفي مقدمها ملف الأسرى”.

ولفت إلى أن الإعلان “يتضمن إشارة مباشرة وقوية بأن الكتائب ستثبت ذلك من خلال مادة خاصة وحصرية، سيتم الكشف عنها خلال وقت قريب”.

وتوقع أبو زهري أن “التغريدة ستهز أركان قادة الاحتلال، وستضعهم في موقف حرج للغاية، وستشكل فرصة لأحزاب المعارضة لمهاجمة الحكومة والجيش وتحميلهم المسؤولية الكاملة حول الفشل الذريع في إدارة هذا الملف”.

وأضاف أن “الإعلان شكّل عاملاً ضاغطاً وقوياً لا يمكن التغاضي عنه أو تجاهله؛ لأنه يتعلق بالجنود الأسرى وأكثر الملفات ازعاجاً لقيادة الاحتلال التي أصبحت مكشوفة وعاجزة عن تقديم أي شيءٍ في هذا الملف، على رغم محاولاتها المستمرة وفي كل الاتجاهات لتحرير الجنود من قبضة القسام، والتي باءت بالفشل”.

ورجّح أبو زهري أن “تشهد الأيام المقبلة تحركاً جدّياً وملحوظاً في ملف الأسرى، وتكثيف جهود الوسطاء، خصوصاً بعد كشف الكتائب تفاصيل متعلقة بالجندي”.

وفي 20 تموز (يوليو) 2014 أعلنت كتائب القسام عن أنها أسرت جندياً إسرائيلياً يدعى “شاؤول أرون” خلال تصديها اجتياحاً برياً إسرائيلياً شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة إبان العدوان، فيما أعلن جيش الاحتلال مقتله.

وفي الأول من آب (أغسطس) 2014، أعلن جيش الاحتلال أنه فقد الاتصال بضابط يدعى “هدار جولدن” شرق مدينة رفح جنوب القطاع، وأعلنت القسام حينها أنها فقدت الاتصال بإحدى مجموعاتها في نفقٍ قرب الحدود، مرجحة استشهاد أفرادها ومقتل جولدن.

وفي تموز (يوليو) 2015 سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشر نبأ اختفاء الإسرائيلي “أبراهام منغستو” من أصول أثيوبية، بعدما دخل قطاع غزة مترجلاً في أيلول (سبتمبر) 2014، عبر السياج الحدودي شمال القطاع، فيما لم تعلّق حركة “حماس” على الموضوع.

وعرضت كتائب القسام لاحقاً صوراً لأربعة جنود إسرائيليين هم، شاؤول آرون، وهادار جولدن، وأبراهام منغستو، وهشام بدوي السيد، كما عرضت، قبل سنوات عدة، أوراق نيردٍ تحمل صور الأربعة، فيما تحمل الخامسة علامة سؤال بدى أنها إشارة إلى وجود أسير خامس في قبضتها.

ورفضت الكشف عن أية تفاصيل بخصوصهم دون مقابل، متعلق بآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

اقرأ/ي أيضاً: أبو عبيدة يشيد بتصريحات إيران حول القضية الفلسطينية في يوم القدس العالمي