غانتس نيابة الاحتلال تكشف اسماء واماكن جثامين الشهداء المحتجزة- المحامين العرب جثامين الشهداء- ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم- حماس جثامين الشهداء

احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين – جريمة حرب بحاجة إلى تدويل

أقلام – مصدر الإخبارية
احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين – جريمة حرب بحاجة إلى تدويل، بقلم الكاتب عبد الحميد صيام، وفيما يلي نص المقال كاملًا:

قضية أسرى فلسطين تشكل عاملا مشتركا وموحدا لأطياف الشعب الفلسطيني كافة، فصائل ومنظمات ومجتمعا مدنيا ومثقفين وناشطين في الوطن التاريخي وبلاد اللجوء والشتات. كما أن هناك تعاطفا عربيا ودوليا مع قضية الأسرى والمعتقلين، لأنها محكومة باتفاقيات دولية ناظمة لطريقة التعامل معهم مجسدة في اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة لعام 1949.

قد يختلف الشعب الفلسطيني على كثير من الأشياء إلا مسألة الأسرى والمعتقلين لعدة أسباب أهمها، أنها طالت كل فئات الشعب الفلسطيني، حيث بلغ من اعتقل أو أسر نحو مليون إنسان منذ عام 1967، أي بمعدل واحد من كل أربعة فلسطينيين. كما أن الأحكام التي تصدرها السلطات الفاشية في تل أبيب لا حدود لقساوتها، وقد تبلغ في بعضها 25 مؤبدا.

وقد شملت الاعتقالات الأطفال والنساء وكبار السن، من دون أدنى مراعاة للظروف الإنسانية. أضف إلى ذلك ما يلحق بالأسرى والمعتقلين من عمليات تعذيب وتدمير نفسي وإهمال طبي متعمد، لقهر المعتقلين وتحطيم أرواحهم وتحويلهم إلى جثث تحت حجة «الوفاة الطبيعية»، فتضطر الحركة الأسيرة أحيانا لأن تخوض معركة الأمعاء الخاوية لتحقيق حد أدنى من الاحتياجات الضرورية، كزيارات الأقارب أو الاتصال الهاتفي أو توفير بعض الأقلام والدفاتر والكتب. وقد علق الأسير خليل عواودة إضرابه عن الطعام الذي استمر 111 يوما أثناء كتابة هذا المقال. وأستطيع القول بشيء من الثقة أن الفلسطينيين هم أصحاب السبق عالميا في معركة الأمعاء الخاوية بالإضراب عن الطعام حتى الموت، أو ما قبل الموت بدقائق. وقد دخل سامر العيساوي كتاب غينيس للأرقام القياسية بإضرابة عن الطعام لمدة 280 يوما متواصلا، حتى أصبح أقرب إلى الهيكل العظمي منه إلى الإنسان، لكنه انتصر على السجان.

احتجاز الجثامين

لكن القضية التي أود أن أثيرها هنا هي قضية مقبرة الأرقام واحتجاز الجثامين وسرقة أعضاء الشهداء والتي كانت أحد المحاور الرئيسية في المؤتمر السابع للتحالف الأوروبي لمناصرة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، الذي عقد مؤتمره السابع في مالمو بالسويد يومي 18 و19 من شهر يونيو الحالي. وقد قدم في المؤتمر عدد من المتدخلين معلومات مهمة حول موضوع الجثامين وسرقة الأعضاء، خاصة الفيلم الوثائقي المهم «ما بعد الرصاصة» الذي أعده خصيصا لهذا المؤتمر المنتج والصحافي أحمد فراسيني من بلجيكا، بالإضافة إلى مداخلة عبر تقنية الفيديو من المحامي والخبير القانوني أنيس القاسم من عمّان، الذي عالج الموضوع من الناحية القانونية.

قضية تدويل جريمة احتجاز الجثامين كانت إحدى التوصيات التي خرج بها المؤتمر، وشكّل لجنة قانونية مختصة لهذا الموضوع حتى لا تصبح قضية الجثامين قضية نائمة، مثلها مثل جدار الفصل العنصري حيث تخلو تقارير تور وينيسلاند، منسق عملية السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمم المتحدة لدى السلطة الفلسطينية، من ذكر هذين الموضوعين في إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي.

الكيان الصهيوني لا يكترث للقانون الدولي، لكن من غير المسموح له أن يرتكب مثل هذه الجرائم ويتم السكوت عنه.

تحتجز إسرائيل الآن بين 82 إلى 105 جثث في ثلاجات، وبين 254 إلى 266 في مقابر الأرقام، التي لا تعطي أي تعريف بالشهيد وتضع يافطة على القبر تحمل رقما فقط. وقد بدأت هذه الممارسة منذ عام 1980، ولم يكن أحد يدرك أن إخفاء الجثث سيأخذ منحى السياسة الجديدة لدى سلطات الاحتلال، حتى أثيرت قضية جثمان الشهيد أنيس دولة، شهيد الأسر عام 1980 الذي لم تعترف سلطة الاحتلال بوجود جثمانه لديها وصنفته تحت عنوان «مفقود»، رغم اعتراف «المحكمة العليا الإسرائيلية» بتشريح الجثمان عام 1982 أي بعد سنتين من الاختفاء. ولا يمكن فهم سر اختفاء جثمانه، سوى خشية الاحتلال من فضح جريمته بحق الشهداء، وهي الاتجار بالبشر وسرقة أعضائهم. ومن بين الجثث المحتجزة جثث عشرة أطفال وسبعة أسرى توفوا في المعتقلات.

والقناعة التي أثبتتها الوثائق والتقارير الاستقصائية، هي أن هناك عملية منظمة تشرف عليها قيادات الجيش لسرقة أعضاء الشهداء، خاصة قرنية العين والجلد والكلى وصمامات القلب. وقد وثق الصحافي السويدي دونالد بوستروم في تقرير نشره عام 2001 موضوع سرقة الأعضاء، ثم ثبّتت هذه الحقيقة الطبيبة الإسرائيلية مائيرا فايسي، في كتابها «على جثثهم الميتة» الصادر عام 2008 لزرعها في أجساد المرضي والمصابين من أفراد الجيش والمدنيين الإسرائيليين، بالإضافة إلى استعمالها في كليات الطب في الجامعات العبرية، لإجراء الأبحاث عليها.

وأوردت فايس بعض الحقائق حول التمييز في تعامل معهد التشريح العدلي الرسميّ في أبو كبير مع جثث الإسرائيليين ومنع استئصال أعضاء منها، وفي المقابل يسمح باستئصال أعضاء من جثث الفلسطينيين وتخزينها في بنك الأعضاء والاستفادة منها بشكل خاص للمرضى الإسرائيليين. وقد بلغت طفرة السرقة، حسب فايس، خلال الانتفاضة الأولى لكثرة عدد الشهداء. وقد أجرت شبكة الأخبار الأمريكية (CNN) تحقيقيا عام 2008 عن شبكات تهريب الأعضاء إلى الأسواق الأمريكية، وتم اعتقال نحو عشرين متورطا معظمهم في ولاية نيوجرسي من بينهم رؤساء بلديات ومسؤولون وسياسيون.

وتعتبر ممارسة حجز الجثامين انتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويمكن تصنيفها على أنها جريمة حرب لأن القانون الدولي ينص على احترام قتلى الحروب. فما بالك عندما يكون القتيل مدنيا توفي في السجن تحت التعذيب أو الإهمال الطبي، وهو ما أكده تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 2016 الذي اعتبر حجز الجثامين ضربا من ضروب المعاملة القاسية اللاإنسانية والحاطة بالكرامة الإنسانية. وحسب اتفاقية جنيف فهي جريمة إخفاء قسري وتصنف كذلك بأنها جريمة أخذ رهينة.

فالجثمان في زمن الحرب يجب دفنه في مكان معروف وتحت اسم حقيقي بانتظار نقله إلى ذويه، ومعاملة الجثامين بهذه الطريقة معاملة قاسية تحط من كرامة الإنسان، إضافة إلى أنها جريمة عقاب جماعي لذوي الشهيد، من دون أن يكون لهم أي دخل بموضوع الاستشهاد. وحسب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية البند السابع تصنف جريمة الحط من قيمة الجثمان جريمة حرب تحيل فاعلها للمحاكمة.

عندما يقرر الاحتلال تسليم جثمان لذوية فإنه يضع عليهم شروطا قاسية قد تزيد عن عشرة، أهمها دفن الجثمان، والذي يكون مجمدا تماما، خلال ساعتين على الأكثر وعادة تفرض ساعة الدفن وتكون بعد منتصف الليل. وتشترط عدم عرض الجثة للتشريح وعدم دعوة أحد من خارج العائلة للمشاركة في الجنازة وألا يزيد عدد المشاركين عن عشرة أشخاص ويمنع رفع الشعارات أو التظاهر أو حمل اليافطات. كل تلك الممارسات تشير إلا أن السلطات تعمل على إخفاء معلومات تتعلق بحالة الجثة.

ما العمل؟

لقد اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية 27 أغسطس من كل عام اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، بعد أن أقر عام 2008. لكن تسليط الأضواء على هذه الممارسة الفاشية لا يكفيها يوم واحد في السنة، بل يجب العمل على ملاحقتها على مدار العام. وهي مسؤولية شعبية ورسمية ويجب ألا يتكئ أحد على الآخر. منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يجب أن تعمل على توثيق هذه الجرائم وتصوير الجثامين المفرج عنها، وإعداد ملف عن كل جثمان محتجز. وعلى السلطات الرسمية أن تتقدم بملف كامل حول الموضوع لمحكمة الجنايات الدولية وتصنف هذه الممارسة كجريمة حرب، كما عليها أن تتقدم لمحكمة العدل الدولية لاستصدار رأي قانوني في هذه الجريمة.

وأقترح أن يتقدم الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة بمشروع قرار للجمعية العامة لاستصدار قرار قوي حول إدانة هذه الممارسة البشعة والطلب الفوري بإطلاق سراح الجثامين المحتجزة بعد ضمان دعم عربي وإسلامي ومن مجموعة الـ77 والدول المحبة للسلام والملتزمة بالقانون الدولي. كما يجب لفت نظر لجنة التحقيق الدولية، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان برئاسة السيدة العظيمة نافي بيله من جنوب افريقيا، ليشمل تقريرها الدوري موضوع حجز الجثامين. وأعتقد أن لفت انتباه منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، لهذه الجريمة البشعة أمر مهم وضروري ولا يحتمل التأجيل.

نعرف أن الكيان الصهيوني لا يكترث للقانون الدولي، لكن من غير المسموح له أن يرتكب مثل هذه الجرائم ويتم السكوت عنه. فإثارة الضجة وتسليط الأضواء وفضح الممارسات على مستوى العالم ستكون مقدمة لوقف أو تقليص هذه الظاهرة الأبشع في تاريخ الفظائع البشرية.

نُشرت بواسطة

sam

‏‏‏سامر الزعانين صحفي من غزة ، مهتم بالاعلام الرقمي، ومختص في تحسين محركات البحث والتسويق الرقمي

Exit mobile version