بحر غزة.. ملاذ رزق للخريجين والعاطلين عن العمل

خاص- مصدر الإخبارية

يقف الشاب إبراهيم يوسف (26 عاماً) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ساعات طويلة خلال النهار والليل أمام عربة يبيع عليها “أكواز الذرة المشوية” على شاطئ بحر المنطقة الشمالية.

يقول الشاب في حديث لشبكة مصدر الإخبارية، إنه ينتهز فرصة موسم الصيف كل عام للعمل في هذا المجال والبيع على شاطئ البحر، لتحقيق قليل من الدخل يكفيه لمصاريفه اليومية خلال الشهور الثلاثة وبعضاً من أيام العام الأخرى.

ويضيف الشاب العشريني، وهو خريج دبلوم صحافة وإعلام من كلية مجتمع الأقصى بغزة، إن فرص العمل في غزة معدومة وليس أمام الخريجين إلا الشغل في مجالات لا علاقة لهم بتخصصهم حتى يتمكنوا من توفير قوت يومهم ومواجهة مصاعب الحياة.

ويوضح يوسف أن “موسم الصيف” الذي يمتد لنحو 4 أشهر هو فرصة لعشرات الخريجين والشباب وأرباب الأسر لتحقيق دخل محدود يكاد لا يصل إلى 50 شيكلاً يومياً، مشيراً إلى أن ازدياد نسبة البطالة تزيد من عدد العاملين بهذا الموسم وهو ما يجعل نسب الربح وكميات البيع قليلة بمعظم الأيام.

هرباً من البطالة الواقع

ويقول الشاب يوسف “بلغت من العمر 26 عاماً وحتى الآن لا أملك أي أفق للزواج أو تكوين أسرة لأنه ببساطة لا يوجد دخل ولا منزل مستقل”، ويتابع بحسرة “هذا حال مأساوي وصلنا له بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي أتمنى أن ينتهي كل شي ويتوفر واقع أفضل للشباب”.

ويعيش أهالي قطاع غزة أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006 والانقسام الداخلي المتواصل منذ سنة 2007، واللذان ألقيا بظلالهما على مناحي الحياة كافة وزاد من معاناة المواطنين الإنسانية.

وفي بيان سابق، قال بيان للمرصد “الأورو متوسطي” لحقوق الإنسان إن أكثر من نصف سكان غزة فقراء، داعيا لإنهاء حصار إسرائيل المفروض على القطاع منذ 16 عاما، مشيراً إلى أن هناك نحو مليون ونصف فرد من سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة باتوا فقراء بفعل الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ 2006.

ودعا المرصد، المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لإنهاء حصارها غير القانوني، لافتاً إلى أن “سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان في غزة ما تزال ثابتة، بشكلٍ يُظهر بوضوح تعمّد إسرائيل إلحاق خسائر مادية ومعنوية كبيرة وجماعية بسكان غزة”.

بحر غزة.. مصدر رزق لعائلة

أيهم المدهون، رجل آخر، يبدأ يومه منذ الساعة السادسة صباحاً على كورنيش منطقة شمال قطاع غزة، حيث افتتح هناك منذ سنوات “بسطة متواضعة” لبيع المشروبات الساخنة للمصطافين وزائري البحر.

يقول في حديث لشبكة مصدر الإخبارية إنه أب لـ5 أبناء، منهم ولدان و3 بنات ويسكن في منطقة الكرامة القريبة من شاطئ البحر، مضيفاً أنه يحصل يومياً مبلغاً لا يزيد عن 40 شيكلاً، بالكاد تكفي لإعالة أسرته.

ويوضح المدهون أنه كان بالسابق يعمل في مجال البناء والإنشاءات، ويحصل على دخل شهري يصل إلى 2000 شيكلاً، مبيناً أن الإغلاق الإسرائيلي والمشاكل المتكرر التي مرّ بها القطاع عطّلت العمل، وبات مضطراً للبحث عن مصدر رزق آخر.

وأشار إلى أنه البحر هو المتنفس الوحيد لسكان قطاع غزة، وبالنسبة له هو مصدر الرزق الوحيد، قائلاً: إن الشغل على البحر صار مع الوقت بالنسبة له كل شيء وزاد من عشقه لذلك الشاطئ، الذي يرتاده يومياً آلاف السكان لاسيما بفصل الصيف.

وفي سياق قريب، قال الرجل الأربعيني، إن بعض الإجراءات التنظيمية التي أجرتها بلدية جباليا على البحر، أثرت قليلاً على العمل، لكنهم مع الوقت اضطروا لتجاوز آثارها من أجل الحفاظ على مصدر رزقهم كباعة في تلك المنطقة.

ويعد البحر بالنسبة لأهالي قطاع غزة المتنفس الوحيد في ظل غياب المناطق الترفيهية، وانقطاع التيار الكهربائي الذي يزيد في بعض الأيام عن 12 ساعة متواصلة.

كما يساهم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعشيه السكان من زيادة إقبالهم على البحر، بسبب وجود وقت فراغ ورخص تكلفة الوصول ومجانية الاستمتاع بالشاطئ.