من الشخصية الأكثر حظاً لخلافة الرئيس محمود عباس؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

يعيش الشارع الفلسطيني ترقباً وسط تكهنات كثيرة حول خليفة الرئيس محمود عباس، وفرص توليه في ظل حديث متواتر عن مرض الرئيس، وقد ينشأ فراغ قانوني في حال وفاته، ما يعيق اختيار رئيس جديد، واحتمال نشوب صراعات داخلية بين قيادات حركة “فتح”.

ووفق القانون الأساسي الفلسطيني يُنتخب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية انتخاباً عاماً ومباشراً من الشعب وفقاً لأحكام قانون الانتخابات.

ويُعتبر مركز رئيس السلطة وفق القانون الأساسي شاغراً في الحالات الآتية: “الوفاة، أو الاستقالة المقدمة إلى المجلس التشريعي الفلسطيني إذا قبلت بأغلبية ثلثي أعضائه، أو فقدان الأهلية القانونية بناءً على قرار من المحكمة الدستورية العليا وموافقة ثلثي أعضاء التشريعي”.

ويتولى رئيس المجلس التشريعي في الحالات السابقة مهمات رئاسة السلطة الوطنية موقتاً مـدة لا تزيد عن ستين يوماً تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقاً لقانون الانتخابات.

لكن في الوضع الفلسطيني الحالي لن يكون بمقدور رئيس المجلس التشريعي تولي منصب الرئيس، بعدما قضت المحكمة الدستورية بحل المجلس (بغض النظر عن تشكيك قانونيين وجهات حقوقية وقانونية في شرعية المحكمة وقرارها بحل المجلس) في كانون الأول (ديسمبر) 2018، على أن تُنظم الانتخابات الرئاسية بعد ستة أشهر.

خيارات محدودة

ويقول مسئولون ومحللون سياسيون إن الخيارات الفلسطينية لاختيار قائد جديد للشعب الفلسطيني محدودة في ظل قرار حل التشريعي، وعدم وجود نائب للرئيس عباس (محمود العالول نائبه في رئاسة حركة فتح)، ووجود مجلس وطني غير منتخب.

ويؤكد هؤلاء في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية، أن النص الوحيد في القانون الأساسي الفلسطيني ينص على تولي رئيس المجلس التشريعي قيادة السلطة في حال غياب الرئيس أو وفاته.

حسين الشيخ

ورجح المحلل هاني العقاد أن “يتولى عضو اللجنتين المركزية والتنفيذية حسين الشيخ قيادة السلطة موقتاً لمدة ستين يوماً حال وفاة الرئيس عباس لحين إجراء انتخابات جديدة”.

وأوضح العقاد لمصدر الإخبارية أن “هناك شخصيات وازنة غير الشيخ تتطلع لتولي منصب الرئاسة، من بينها عضوي اللجنة المركزية في فتح جبريل الرجوب وتوفيق الطيراوي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج وغيرهم، لكن الدلائل تشير إلى أن الأوفر حظاً حسين الشيخ في ظل توجه الرئيس محمود عباس لجعله خليفةً له”.

سبب تعيين الشيخ

وأشار العقاد إلى أن “مسألة ترتيب أوضاع السلطة الفلسطينية تحسباً لوفاة عباس صدرت بعد قرار تعيين الشيخ أميناً للسر في اللجنة التنفيذية، خوفاً من حدوث فراغ دستوري وبلبلة في قيادة السلطة وحركة فتح، والدخول في صراعات داخلية بين قادتها”.

ولفت إلى أن “الخيارات كانت صعبة أمام الرئيس عباس لاختيار خليفته، ما جعل الشيخ أوفر حظاً، لا سيما وأنه كان قريباً منه جداً في جولاته الخارجية وقرارته الداخلية، ناهيك عن تمتعه بعلاقات عربية ودولية وإسرائيلية وأمريكية قوية جداً”.

وأكد العقاد أن “ما يقوي خيارات الشيخ ليكون رئيساً إيقان القيادة الفلسطينية بإحتمال حدوث خلافات بين المجلسين التشريعي والوطني، خصوصاً وأن الأول حُل من المحكمة الدستورية العليا، والثاني غير منتخب وعُين تعييناً”.

فرص الشيخ أمام البرغوثي

ورجح العقاد بأن “تكون فرص الشيخ ضعيفة حال انتهاء فترة رئاسته الموقتة حال حدوثها، وتنظيم انتخابات رئاسية ينافسه فيها عضو اللجنة المركزية الأسير مروان البرغوثي”.

وشدد العقاد على أن “البرغوثي محل اجماع وطني وجماهيري كبير وفرص منافسة الشيخ له والفوز عليه تكاد تكون صفراً”.

كما رجح العقاد أنه “خلال المرحلة القادمة في قيادة السلطة أن يكون (القيادي الفلسطيني) محمد دحلان خارجها، في ظل سعيه لإيصال أحد المقربين منه لتهيئة الأجواء له والدخول في انتخابات رئاسية”.

ويعتقد مراقبون ومحللون أن دحلان سينأى بنفسه في مرحلة ما بعد عباس مباشرة عن الدخول في أي صراعات مع قيادات فتحاوية تطمح لخلافته، وسينتظر تنظيم انتخابات حرة ومباشرة، وربما يتحالف مع الأسير البرغوثي، الذي قد يتم اطلاقه في أي صفقة لتبادل الأسرى في المستقبل.

فوضى وصراعات

بدوره، قال المحلل السياسي طلال عوكل إنه” من الصعب التكهن بخليفة الرئيس عباس في ظل عدم اتخاذ قرارات شرعية وقانونية لاختيار خليفته، أو وجود نائب للرئيس ليحل محلاً له، وغياب المؤسسات الكافلة لانتظام تداول المنصب”.

وأضاف عوكل في تصريح لمصدر الإخبارية أنه “في ظل هذه المعطيات، فإن “الساحة الفلسطينية مقبلة على حالة من الفوضى والصراعات الداخلية بين العديد من المسئولين والقيادات”.

وأشار عوكل إلى أن “تعيين الشيخ أميناً للسر في اللجنة لتنفيذية لا يضمن له أن يكون خليفة عباس (تلقائيا)، في ضوء عدم وجود قرار واضح من قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بإيجاد بديل فعلي”.

وأكد عوكل أن “عملية اختيار الرئيس في أوائل انطلاق الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير تختلف عن الوقت الحاضر، في ظل وجود سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، وآليات قانونية لتعيين قائد الشعب الفلسطيني، تتعلق بوضع المجلس التشريعي، وتنظيم انتخابات رئاسية جديدة”.

وشدد عوكل على أن “تعطيل المؤسسات الوطنية أبرز ما يثير الجدل حول المنصب، وفي حال تنظيم الانتخابات لن تكون المنافسة بين شخصين حول المنصب، في ظل سعي فصائل أخرى لدخول الانتخابات غير فتح، مثل حركة حماس وشخصيات مستقلة ورجال أعمال”.

أهمية عدم انتظار الوفاة

ودعا عوكل إلى “ضرورة عدم انتظار لحظة الفراغ ووفاة الرئيس عباس، والتحضير لاختيار رئيس جديد وفق ما ينص عليه صراحة القانون الفلسطيني بتنظيم الانتخابات العامة”.

وحذر من أن “تعيين رئيس من دون اللجوء لانتخابات يفتح الباب للدخول في فوضى وصراعات داخلية تكون خارج حسابات الجميع”.

رئيس التشريعي صاحب الحق الوحيد

في السياق، قال رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي في غزة محمد فرج الغول إن القانون الأساسي الفلسطيني المعدل عام 2003 ينص في المادة 113 على أنه لا يجوز حل المجلس التشريعي، ما يتنافى مع قرار المحكمة الدستورية العليا”.

وأضاف الغول أنه “على اعتبار أن قرار المحكمة سرى فعلاً، فإنه ينص على تنظيم الانتخابات العامة بعد ستة أشهر، وهو ما لم يحدث، على رغم مرور قرابة أربعة أعوام على صدوره”.

وأشار إلى أن “المجلس التشريعي يبقى قائماً وفق القانون الأساسي الفلسطيني في المادة 47 مكرر، لحين أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخبين اليمين الدستورية، لذلك، قانوناً، رئيس المجلس صاحب الحق الوحيد بتولي منصب رئاسة السلطة موقتاً لمدة ستين يومياً لحين تنظيم الانتخابات”.

وأكد الغول أن “أي شخص يتولى المنصب غير رئيس المجلس التشريعي غير دستوري، ولا يستند للقانون”، مشدداً على أنه “في الأصل وفق القانون الأساسي أن ينتخب الرئيس انتخاباً وليس تعييناً”.

يُذكر أن الرئيس الفلسطيني ينتخب انتخاباً عاماً ومباشراً من الشعب وفقاً لأحكام قانون الانتخابات، وتكون مدة ولايته أربع سنوات، ويحق له ترشيح نفسه لفترة ثانية، على ألا يشغل منصب الرئاسة أكثر من دورتين متتاليتين.

وكان الرئيس عباس اُنتخب في كانون الثاني (يناير) 2005، ومنذ ذلك الحين يرفض تنظيم انتخابات رئاسية جديدة، وألغى العام الماضي انتخابات للمجلس التشريعي، كان من المقرر تنظيمها في أيار (مايو) 2021.