كلوب وأنشيلوتي.. على حافة التاريخ

كتب حسن عطية

مقالات – مصدر الإخبارية 

عندما نتحدث عن المباريات النهائية في عالم كرة القدم، دائماً ما يكون هناك تفاصيل جماعية مرتبطة بالفريق بصورة عامة، وتفاصيل صغيرة مرتبطة بالأفراد على نحو خاص.

في مباراة ريال مدريد وليفربول في نهائي دوري أبطال أوروبا، الذي سيُلعَب في باريس في ملعب “ستاد دي فرانس”، سيتنافس كل من المدربَين يورغن كلوب، من جانب ليفربول، وكارلو أنشيلوتي، من جانب ريال مدريد، لتحقيق مجد خاص، إذ يبحث كلوب عن لقبه الثاني في دوري الأبطال، أمّا كارلو أنشيلوتي فيُمني النفس بتتويج رابع، يضعه على عرش المدرب الأكثر تتويجاً بلقب “التشامبيونز ليغ”، مبتعداً عن زين الدين زيدان (3 ألقاب) وبوب بيزلي (3 ألقاب).

يورغن كلوب.. من التشكيك إلى الحلم..

عندما وصل المدرب الألماني يورغن كلوب إلى ليفربول في عام 2015، رفع شعاراً واحداً، هو: “علينا أن نتحول من مشككين إلى مؤمنين”. في ذلك العام، لم يتخيل محبو ليفربول ومشجّعوه أن كلوب سيحول هذه المقولة إلى حقيقة، بل سيذهب فيها أبعد من ذلك، ليجعلهم يحلمون، في كل عام، بحصد كل الألقاب.

نجح كلوب في تطوير الفريق، عاماً بعد عام. وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2018 وخسره أمام ريال مدريد، على الرغم من أنه لم يكن من بين أبرز المرشحين. وفي العام الذي تلاه، حصد ليفربول لقب الأبطال، وبعدها كسر صيامه عن لقب الدوري الإنكليزي وحققه.

حوّل كلوب ليفربول إلى ماكينة لا تشبع من الانتصارات والبحث عن المجد، وهذا ما انعكس على الموسم الحالي، إذ يقدّم الفريق، في كل تشكيلاته، أداءً ثابتاً يعكس أفكار المدرب الألماني وفلسفته، والتي تعتمد على الضغط العالي، والبحث عن السيطرة على الكرة أطولَ مدة زمنية.

وصل كلوب إلى نهاية الموسم وهو ينافس على 4 ألقاب ممكنة. حقّق لقبين في الكأس، وخسر الدوري الإنكليزي الممتاز بفارق نقطة لمصلحة مانشستر سيتي، وتبقّى له لقب دوري أبطال أوروبا.

لم يحقق كلوب البطولة إلّا مرة واحدة في عام 2019، لكنه خسر النهائي مرتين مع بوروسيا دورتموند ومع ليفربول. اعتاد المدرب الألماني على المركز الثاني كما يقول، على الرغم من أداء فرقه القوي.

ربما لن تعكس أرقام البطولات، التي حقّقها كلوب في مسيرته مع الفِرَق التي درّبها، حقيقة هذا الرجل وفكره الكروي، لأنه دائماً ما يواجه خصوماً يملكون الرغبة نفسها.

وعلى الصعيد التدريب الفردي للاعبين، أثبت يورغن كلوب قدرته على تطوير اللاعبين الشبّان، وقيادتهم ليصبحوا نجوماً من أبرز اللاعبين. وهنا يمكن الحديث عن ترنت ألكسندر أرنولد وأندي روبرتسون، بالإضافة إلى تعاقده مع مجموعة من اللاعبين بمبالغ معقولة، وليست “فلكية”، وجعلهم بين أفضل اللاعبين في العالم، مثل محمد صلاح وساديو ماني وفابينيو وغيرهم.

واجه كلوب ريال مدريد كمدرب في 9 مناسبات، انتصر في 3 منها، وخسر 2، وتعادل 4 مرات، ثلاث مواجهات منها كانت مع ليفربول، بحيث خسر واحدة في نهائي 2018، وخسر في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال في الموسم الماضي، وتعادل سلباً في “أنفيلد”.

لذلك، لا شك في أن كلوب يملك رغبة في حصد لقب على حساب ريال مدريد بصورة محدّدة.

كارلو أنشيلوتي.. رجل الإنجازات الهادئ

عند انطلاق الموسم الحالي، لم يكن ريال مدريد بين المرشحين لبلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا، وخصوصاً أنه لم يظهر في أفضل شكل مع انطلاق الموسم.

لكن أنشيلوتي، الذي يعمل بصمت وبكل “برودة أعصاب”، قاد الريال إلى التتويج بلقب الدوري الإسباني، وحسم اللقب مبكّراً قبل نهاية الموسم بـ4 جولات، مستغلاً ضعف الخصوم في إسبانيا هذا الموسم، ومتخطياً خسارته برباعية نظيفة أمام برشلونة في ملعب “سانتياغو برنابيو”.

صورة كارلو، وهو يدخّن “السيجار” في مسيرة الاحتفال باللقب، تلخّص الكثير، ربما هي إشارة إلى الاستقرار النفسي الذي زرعه في غرف ملابس ريال مدريد، بالإضافة إلى الهدوء والشخصية التي منحت للفريق. نتحدث عن الشخصية التي جعلت اللاعبين يؤمنون بكل شيء من أجل العبور إلى النهائي، منذ دور الـ16 وريال مدريد يتخطى الأدوار بطريقة سينمائية “هتشكوكية” وبصعوبة مفرطة، وهذا ما حدث أمام باريس سان جيرمان (مرشح للقب)، تشيلسي (حامل اللقب) وأخيراً أمام واحد من أقوى الفرق في العالم: مانشستر سيتي.

يبحث أنشيلوتي عن تحقيق لقبه الرابع في دوري أبطال أوروبا، والثاني مع ريال مدريد، بعد أن كان بطل اللقب العاشر في عام 2014، في الليلة “المجنونة” أمام أتلتيكو مدريد في نهائي العاصمة البرتغالية لشبونة.

يعرف أنشيلوتي خصمه في النهائي جيداً، إذ واجه ليفربول 16 مرة، فاز في ثماني مرات وتعادل في 3 وخسر 5. في ريال مدريد واجه ليفربول مرتين في موسم 2014 و2015، وانتصر عليه ذهاباً وإياباً في دور المجموعات.

ولا يخفى على كارلو كيفية الصمود أمام كتيبة ليفربول – كلوب، لأنه واجهها عندما كان مدرباً في إيفرتون وفي نابولي. وهذا ما يمنحه القدرة على قراءة ليفربول بصورة صائبة وصحيحة.

في ذاكرة أنشيلوتي ذكريات جميلة وسيئة مع خصمه في نهائي باريس. ففي عام 2005، خسر أنشيلوتي مع ميلان في نهائي إسطنبول الشهير، لكنه عاد لينتقم في نهائي أثينا في عام 2007، ويحقق لقباً جديداً مع ميلان.

كلوب وأنشيلوتي.. وجهاً لوجه

تتباين معايير التقييم في عالم كرة القدم. من حيث المسيرة وعدد الألقاب يتفوق كارلو أنشيلوتي على يورغن كلوب. وحتى في المواجهات المباشرة، الغلبة للإيطالي.

وما لا شك فيه أن أنشيلوتي كان لاعباً أفضل من كلوب، وهو أحد أعظم المدربين في تاريخ اللعبة أيضاً.

في المواجهات المباشرة بينهما، لعب كلوب أمام كارلو في 10 مباريات، انتصر أنشيلوتي في 4 منها، وربح كلوب في 3، وانتهت 3 لقاءات بالتعادل.

اقرأ/ي أيضاً: يورجن كلوب أفضل مدرب في “البريميرليج”