فلسطينيون

فلسطينيون في مواجهة تحديات خارجية

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم/ معتز خليل

في حوار سابق له مع الإعلامية المصرية الشهيرة لميس الحديدي قال خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج أنه يثق بأن العالم العربي لن يغلق أبوابه في وجه حماس ، مراهنا على الشارع العربي منتقدا بعض من الأنظمة التي تهاجم حماس بلا أي مبرر.

ولا زال حديث السيد خالد مشعل يدوي في أذني عندما قال ” لا تعاقبوا الشعب الفلسطيني على انتخابات حركة حماس”، وهي الكلمة التي قالها عقب الانتصار الذي حققته الحركة بانتخابات عام 2006.

وقت طويل منذ هذا الوقت حتى الآن ، ولا تزال الكثير من التحديات ماثلة أمام حركة حماس ، غير أن الحركة تواجه الآن تحديا دقيقا للغاية ، يتمثل في تغيرات دولية تبادر بها تركيا الآن وعدد من الدول العربية أو الشرق أوسطية في ذروة وثبات وتغيرات جيوسياسية تؤثر على الواقع الاستراتيجي والسياسي لكثير من الدول.

وفي هذا الإطار بات واضحا أن تركيا تحديدا وبعض من الدول العربية لا ترغب في استضافة قيادات حركة حماس على أراضيها ، وهو ما يأتي في إطار مراجعة شاملة لتواجد عناصر جماعة الإخوان المسلمين من شتى أنحاء المنطقة على الأراضي التركية.
وأخيرا أعلنت قناة مكملين الإخوانية المصرية الانسحاب من تركيا والتوجه للبث في بعض من دول العالم ، وسبق هذا أيضا عدم السماح لأي عنصر من عناصر الجماعات الإسلامية بممارسة نشاطه السياسي في تركيا.

دوائر صحفية بريطانية تابعتها مع تواجدي في لندن ناقشت هذه القضية وأشارت صحيفة العرب اللندنية إلى بروز ماليزيا مؤخرا كقاعدة عمليات خارجية محتملة لحركة حماس وهو ما يثير مخاوف أمنية لدى ماليزيا وجيرانها حيث يتوقع أن يصطدم قبول الحكومة باستضافة الحركة برفض قيادات أمنية وعسكرية.

الصحيفة أشارت إلى أن عدد من المراقبين أرجعوا تلك المخاوف إلى إمكانية أن يحوّل الوجود المعزز لحماس ماليزيا إلى ساحة معركة شرق أوسطية.
وفي ندوة سياسية عائلية ضمت عدد من الأخوة والأصدقاء الفلسطينيين قال لي مصدر إعلامي مسؤول إلى أن هذه الخطوة الحالية من ماليزيا تأتي في ظل تواتر الأنباء بشأن بدء تركيا وقطر تحديدا ، موضحا أن كلا من الدولتين تحاولان التملص من دعمهما للحركة وخاصة أنقرة التي تسعى لتوطيد علاقاتها مع إسرائيل ومصر ودول الخليج، وتحدثت تقارير عن طردها لناشطين في الحركة الأسبوع الماضي.

اللافت أن نفس ما ذهب إليه هذا المسؤول ذهبت إليه الصحيفة أيضا ، بل ونبهت إليه أيضا بعض من المصادر السياسي المعارضة لحماس ، خاصة وأن الجميع يشير إلى أن نشطاء حماس المرحلين من تركيا مدرجون في قائمة إسرائيلية قدمت إلى تركيا لأفراد متورطين في الأنشطة المسلحة للجماعة في انتهاك لشروط إقامتهم في تركيا. وبحسب ما ورد، كان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والقائد العسكري السابق صالح العاروري من بين المطرودين.

لفت أنتباهي أيضا حديث مصدر ماليزي مطلع لمجلة “فورين بوليسي” ، والذي قال بدوره أيضا إن قوات الأمن في البلاد قد تعترض على منح حماس مساحة أكبر في ماليزيا، والمرجح أن تدعم قوات الأمن في بعض دول جنوب شرق آسيا نظيرتها الماليزية.

عموما فمن المعروف إن منظمة الثقافة بماليزيا تلعب دورا مهما في دعم العلاقات مع حماس ، بل ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها “سفارة” حماس في منافسة مع السفارة الفلسطينية الرسمية التي تسيطر عليها حركة فتح في كوالالمبور.

وتأسست بعد أن رفضت فتح إخلاء السفارة إثر انتخابات 2006.

واستخدمت حماس مركزها الثقافي في كوالالمبور للحفاظ على اتصالات غير رسمية مع مختلف دول جنوب شرق آسيا التي لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تتحدث إلى الجماعة إما بسبب علاقاتها مع إسرائيل، أو معارضتها للإسلام السياسي، أو حظر دول غربية للحركة وتصنيفها إرهابية.

يبق أن نعرف إن إندونيسيا وماليزيا، الدولتان الرئيسيتان ذاتا الأغلبية المسلمة في جنوب شرق آسيا، لا يرتبطان بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن ماليزيا أكثر حدة في معارضتها للدولة العبرية ودعم الفلسطينيين، وتصدر في بعض الأحيان تصريحات تعتبر معادية للسامية عن بعض مسؤوليها، لاسيما عن رئيس وزرائها السابق مهاتير محمد.

عموما فأنا أعتقد أن خيار ماليزيا ربما لا يعد خيارا مضمونا بالنسبة لحركة حماس ، غير أن الحركة بالتأكيد ستلجئ إلى تدشين تحالفا سياسيا مع واحدة من الدول الإسلامية قريبا لبقاء نشطائها على أراضيها.

على أي حال أعتقد شخصيا أن العالم وفي ذروة هذه التغيرات بات يرحب بحركة حماس سياسيا، بعيدا عن دعم نشاطها العسكري، وفي هذا الصدد اعتقادي الشخصي أن ما نشرته صحيفة تايمز البريطانية في عددها الأسبوعي الأخير بشأن نقل إسرائيل وقيادات أمنية غربية تحذيرات لبعض من دول القارة العجوز بشأن تصاعد نشاط حركة حماس على أراضيها يمثل جرس إنذار قوي ، وهو الجرس الذي يعني رسالة واضحة وصريحة مفادها إن العالم يرحب بحركة حماس سياسيا ، بعيدا عن أي نشاط عسكري لها، وهو ما يجب على الجميع سواء في حركة المقاومة أو خارجها الانتباه إليه.

Exit mobile version