كأن الإرهاب هو السنوار!

مقالات – مصدر الإخبارية
كأن الإرهاب هو السنوار بقلم الكاتب جدعون ليفي “هارتس”، هكذا يبدو حوار التحريض، فوسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية مليئة بالدعوات لقتل زعيم حركة سياسية، حتى لو كانت دينية ومتطرفة وعنيفة، بنزعة الانتقام والتعطش للدماء. هكذا تبدو أيضًا جوقة صارخة وموحدة، من ميرتس (اوري زكاي) وحتى الكهانيين، من امنون ابراموفيتش وحتى كسبيت، جميعهم يريدون الآن رأس يحيى السنوار، دولة واحدة، صوت واحد، هم يتنافسون فيما بينهم على الصفة التي سيعطونها له وهي “حقير أو حثالة”، واو، الوطنيون، لو كان فقط يمكن فان رجم السنوار بالحجارة في ميدان المدينة كان سيجذب عشرات الآلاف للمشاركة في هذا الاحتفال، للأسف، الشعب سيكتفي بموته بأي وسيلة اخرى. هذا هو الرد الوحيد الذي حكومة إسرائيل، بتوجيه من وسائل الاعلام التي تؤجج المشاعر، قادرة على طرحه بعد العمليات.
العملية الأخيرة كانت صادمة بشكل خاص، فقد تم تنفيذها بالبلطات، ولكن هل حقا القتل بالبلطة وحشي أكثر من أي قتل آخر؟ بالتحديد البلطة تشير الى ضعف من يحلم بالقتل بواسطة طائرة في الليل، لكن لا توجد له طائرة ولا حتى مدفع، بالطبع، القتل بالبلطة هو قتل بربري، لكن بماذا يقل هذا القتل عن قتل فتاة ابنة 19 سنة على يد جندي وهي تسافر في سيارة عمومية؟ هل يقل بالنية المتعمدة؟ ألم تكن نية الجندي قتلها عندما أطلق النار الحية على السيارة العمومية المليئة بالنساء في جنين؟ ماذا كانت نيته؟
هذه الأسئلة تُطرح بعد كل عملية، بالضبط مثل رد اسرائيل التلقائي الذي يكرر نفسه بصورة لا يمكن إلا أن تبعث على اليأس. يجب عدم نسيان أي شيء أو تعلم أي شيء، كم مرة سيتم طرح التصفية كحل مرة اخرى، رغم أن جميع التصفيات السابقة لم تنفع، وفي معظمها تسببت بالضرر. وحتى يمكن أن نضع جانبا مسألة قانونية واخلاقية دولة تقوم بالإعدام بدون محاكمة والاكتفاء بمسألة الفائدة التي لم يتم اثباتها في أي يوم. بطريقة معينة يمكن للمرء أيضا تجاهل الصورة البائسة لوسائل الاعلام التي هبت بصوت واحد تقريبا الى حملة ضغوط وطلبات من اجل المزيد من التصفيات والغزو والاحتلال.
لا يمكن النسيان بأنه في اسرائيل أيضًا التصفيات هي سياسية. ليس فقط أهدافها هي شخصيات سياسية، التي هي في دولة قانون لا تستحق القتل، بل التصفيات نفسها سياسية. هي تستهدف ارضاء طموحات واحتياجات سياسية، وأن تظهر للجمهور “بأننا نقوم بشيء ما”، حل فوري. مشكوك فيه إذا كان هناك مجال آخر فيه وسائل الاعلام الإسرائيلية تكون موحدة ومؤثرة جدا وتعكس شهوة الجمهور كحث على تنفيذ اعمال انتقام عنيفة. “هل يجب تصفية السنوار؟”، هذا العنوان لمع في النشرات الاخبارية في يوم الجمعة الماضي وكأن الامر يتعلق ببرنامج من برامج الواقع. قتل كما تطلب – من كثرة التصفيات لم نعد نشعر بالأجواء غير الشرعية التي يجري فيها الحديث عن الرد على الارهاب.
السنوار ليس هو أسوأ الأعداء. فمن سيأتي بعده سيكون أسوأ منه. والسنوار أيضًا لن يكون هو اليحيى الاول لحماس الذي تقوم اسرائيل بتصفيته عبثا. فاغتيال سلفه، يحيى عياش، لم يفد اسرائيل بأي شيء، بل تسبب بعمليات انتحارية قتل فيها ستين اسرائيلي.
تقليص مشكلة الارهاب واقتصارها على شخصية الزعيم هو تهرب جبان من مواجهة المشكلات الحقيقية. كأن الارهاب لا ينبع من الحصار والاحتلال ووحشية رجال الشرطة في الحرم وعنف المستوطنين وقتل الابرياء في الضفة الغربية. وكأن الارهاب هو السنوار، فقط السنوار. إذا كان الارهاب هو السنوار فلنقم بقتله، والهدوء سيعود؛ اذا كان الارهاب هو صفقة شاليط التي فيها تم تحرير السنوار بعد 23 سنة في السجن، عندها يوجد له حل بسيط وسهل وهو عدم اطلاق السراح وعدم التصفية، كي “نردع” والهدوء سيعود. كم مرة حاولت اسرائيل ولكن هذا لم يساعد في أي يوم. وهذا لن يساعد الآن أيضًا.
يجب عدم الصمت بالطبع على الارهاب. بالعكس، يجب التحدث عن الارهاب مع السنوار الحي، يجب التحدث معه، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن رفع الحصار. والتحدث معه عن الحقوق التي سلبت من شعبه وعن الكرامة التي تم سحقها. ولكن نحن لم نحاول في أي يوم تجربة ذلك وبحق.