محكمة الاحتلال ترفض إعادة فتح التحقيق باستشهاد أطفال عائلة بكر في حرب 2014

غزة- مصدر الإخبارية

قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن “هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة في محكمة الاحتلال العليا رفضت التماسًا قدمته عائلة بكر، وهم آباء أربعة أطفال استشهدوا في هجوم صاروخي لسلاح الجو الإسرائيلي أثناء لعبهم على شاطئ البحر في قطاع غزة 16 تموز (يوليو) 2014.

وأشار المركز إلى أنّ ثلاث منظمات حقوقية قدمت التماساً في عام 2020، وهي عدالة – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في “إسرائيل”، مركز الميزان لحقوق الإنسان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) من قبل مدير عام عدالة، المحامي الدكتور حسن جبارين. والمحامية منى حداد.

وتابع أن الملتمسون طالبوا محكمة الاحتلال بإلغاء قرار النائب العام الذي رفض استئنافاً تقدمت به المؤسسات الثلاث ضد إغلاق التحقيق في القضية، وأن يأمر بفتح تحقيق جنائي يؤدي إلى محاكمة المسؤولين عن القتل.

وقال الملتمسون إن “مواد التحقيق تظهر أن سلاح الجو الإسرائيلي فتح عمداً نيراناً مميتة على الأطفال في انتهاك خطير لقوانين الحرب والقانون الجنائي الدولي، حيث استهدفوا الأطفال مباشرة دون تحديد هويتهم ودون اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

وأكد مركز الميزان، أن الملتمسون قدموا أدلة تظهر عيوبًا كبيرة في التحقيق الذي أجرته سلطات التحقيق الإسرائيلية والعديد من التناقضات في الشهادات والتحقيقات. ومع ذلك، قضت المحكمة بأنها لا ترى أي سبب للتدخل في قرار المدعي العام، ولم تتناول أي من حجج المدعين فيما يتعلق بالعيوب الجوهرية التي شابت التحقيق.

ولفت إلى أن الحكم يتكون من 11 صفحة، وكتبته رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت وتم قبوله بالإجماع من قبل القاضيين أليكس شتاين ويتسحاك عميت، وينص قرار المحكمة على أن قرار النائب العام العسكري بإغلاق القضية جاء بعد “إجراء تحقيق شامل ودقيق في الحادث”، مع الأخذ في الاعتبار المعلومات الاستخباراتية التي يُزعم أن الجيش احتفظ بها قبل الهجوم وأثناءه.

وقال إن “المحكمة استندت إلى قرار المدعي العام بأن الهجمات الصاروخية تمت وفقا لمبادئ التمييز والتناسب ووفقًا للإجراءات العسكرية، وأن المحكمة أكدت مرارًا وتكرارًا على الطابع الفريد للعملية القتالية، التي تتميز بكثافة عالية، مما يتطلب من القوات العسكرية اتخاذ قرارات سريعة في الميدان والمجازفة في ظل ظروف عدم اليقين”.

وأوضح أن المحكمة رفضت ادعاءات الملتمسين بشأن تضارب المصالح المتأصل في الدور المزدوج للمدعي العام العسكري، حيث يقدم النائب العام العسكري المشورة القانونية للجيش قبل وأثناء العمليات العسكرية، وفي نهاية القتال، يقرر أيضًا ما إذا كان يجب فتح تحقيق جنائي وكيفية إجرائه.

وذكر المركز أن محكمة الاحتلال اعتمدت في قرارها على تقرير لجنة تيركل (2013) حول توافق “آليات إسرائيل لفحص الشكاوى والادعاءات المتعلقة بانتهاكات قوانين النزاع المسلح” والتحقيق في انتهاكها لالتزامات “إسرائيل” بموجب القانون الدولي وعلى وجه التحديد، أشارت إلى موقف لجنة تيركل بأن النظام مستقل ويتوافق مع القانون الدولي.

وأردف المركز أن الملتمسون أكدوا أنه وبموجب الحكم، تمنح المحكمة العليا ترخيصًا كاملاً للجيش الإسرائيلي لقتل المدنيين مع الإفلات من العقاب على أوسع نطاق، وبدلاً من فحص قرارات الجيش أثناء القتال، صرحت المحكمة بشكل عام بشأن النطاق الواسع للسلطة التقديرية للمدعي العام والمدعي العسكري.

وذكّر بأن الجيش الإسرائيلي، أثناء إجراء تحقيقه، لم يجمع إفادات من الصحفيين أو من شهود عيان فلسطينيين كانوا في الموقع وقت القتل.

من ناحيتها، عبرت لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن النزاع في غزة في عام 2014 في تقريرها الصادر في حزيران (يونيو) 2015، عن قلقها الشديد لإغلاق التحقيق في القضية، مشيرة إلى أن “مؤشرات قوية على أن تصرفات الجيش الإسرائيلي لم تكن متوافقة مع القانون الدولي الإنساني وأن التحقيق لا يبدو أنه تم بشكل شامل”.

بدروه، عقب عدالة والميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، “إن حكم المحكمة الإسرائيلية العليا في قضية أطفال بكر دليل آخر على أن “إسرائيل” غير قادرة وغير راغبة في التحقيق مع الجنود والقادة ومقاضاتهم على جرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين”.

وأضافا أن الحقيقة تسلط الضوء على الحاجة الملحة لإجراء تحقيقات مستقلة وفعالة، لمحاسبة جميع الجناة، وتوضح الحالة طبيعة الاعتداءات العشوائية والقاتلة التي شنها الجيش الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين خلال حرب غزة 2014، والتي استشهد خلالها أكثر من 550 طفلاً، وتوجه النظام القانوني الإسرائيلي المدافع عن العدوان الإسرائيلي والسلطة التقديرية للجيش، مما يوفر حصانة تامة من العقاب”.

ومن ناحيته، ذكر مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس، أنّ مثال آخر على الظلم الفاضح في قصة غزة – مثال آخر على حياة الأطفال الفلسطينيين التي يجري التعامل معها وكأنها بلا قيمة أولاً، الاستهداف غير القانوني للأطفال المدنيين الذين يلعبون كرة القدم على الشاطئ، ثم التبييض المتعمد من قبل “إسرائيل” لجريمة الحرب الظاهرة من خلال نظامها القانوني المفتعل”.

وتابع يونس، أنه لا شك في ذنب الجناة في الجيش والمحاكم والحكومة المتورطين في التستر الصارخ. سنستمر في تحدي سياسة الاعفاء من المسائلة والحماية المتعمدة للجناة دوليًا والسعي لتحقيق العدالة من أجل أطفال بكر وعائلاتهم.

من جانبه، علق مدير عام المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني، قائلاً: “يوفر النظام القانوني الإسرائيلي، كما هو موضح في القضية، غطاءً قانونيًا كاملاً لجرائم الحرب المنظمة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأن الضحايا الفلسطينيين الذين نمثلهم وأسرهم يستحقون العدالة والكرامة، وسوف نكافح من أجل تحقيق العدالة من خلال الولاية القضائية العالمية والمحكمة الجنائية الدولية.

وأشار الصوراني إلى أنّ في الآونة الأخيرة، اتخذت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، إجراءات فورية ضد هجمات القوات الروسية على المدنيين الأوكرانيين، معربة عن إدانتها وفرض عقوبات عليها، ولكن عندما تقتل القوات الإسرائيلية الفلسطينيين، تستمر تلك الدول في دعم “إسرائيل”.

وشدد على أنه لدينا التزام لضمان عدم نسيان أطفال بكر وجميع الأطفال والنساء وكبار السن والمدنيين، المستهدفين والقتلى من قبل القوات الإسرائيلية.