الغاز كلمة السر.. ماذا تريد تركيا من إسرائيل؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

تشهد العلاقات الاقتصادية السياسية بين الاحتلال الإسرائيلي وتركيا تطورات إيجابية متسارعة على خلفية سعي الطرفين لتحقيق مصالحهما. ويرى محللون فلسطينيون، أن تركيا تهدف من علاقاتها مع إسرائيل بدرجة أولى لدعم اقتصادها المتأثر بانخفاض قيمة الليرة، وحاجتها لصادرات الغاز الإسرائيلي في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.

ويقول المحللون في تصريحات خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، إن إسرائيل تهدف من خلال توثيق علاقاتها مع أنقرة لتحييد أحد داعمي القضية الفلسطينية الرئيسين في المنطقة، مؤكدين أن الهدف الرئيس للاحتلال من التقارب ليس اقتصادي بل سياسي.

ويؤكد المحلل الاقتصادي أسامة نوفل، أن تركيا تنظر إلى مصالحها الاقتصادية بدرجة أولى بغض النظر عن البعد السياسي لاسيما بعد المشاكل الاقتصادية التي عانت منها مؤخراً لاسيما فقدان الليرة التركية لأكثر من نصف قيمتها العام الماضي، ووصول التضخم إلى 21%، وخوف المستثمرين الاجانب من المشاكل التي تطفو على السطح.

ويضيف نوفل أن الحرب الروسية الأوكرانية حاضرة على سلم أولويات القيادة التركية التي تهدف لتامين حاجاتها من الغاز من خلال إسرائيل في ظل التوتر السائد في أوروبا بشأن امدادات الطاقة.

ويشير نوفل إلى أن التحركات التركية نحو العلاقات مع إسرائيل تأتي مع زيادة تخوف القيادة السياسية في تركيا من انعكاس الأوضاع الاقتصادية على السياسية، وتهديد وجودها.

وينوه إلى أن إسرائيل تستطيع تلبية كامل حاجات تركيا من الغاز وتصدير كميات أخرى لأوروبا، منوهاً إلى رغبة تركياً بأن تكون ممراً للغاز الإسرائيلي لأوروبا.

وأعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية في 27 آذار (مارس) الماضي، عن عزم الاحتلال نقل الغاز إلى أوروبا ومساعدتها في أزمة الطاقة التي تواجهها بسبب العقوبات المفروضة على روسيا.

وطلبت إسرائيل من تركيا خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الأخيرة في آذار (مارس الماضي) “الدفع قدماً بمشروع أنبوب غاز من آبار الغاز في البحر المتوسط عبر تركيا لإيصال الغاز إلى أوروبا”، وفق وسائل إعلام عبرية.

ويؤكد نوفل، أن العلاقات التركية الإسرائيلية ستشهد مزيد من التطور كذلك في الشق التجاري لوجود مصلحة مشتركة في ظل اضطراب الشحنات العالمية منذ وصول جائحة كورونا، وأخيراً حرب أوكرانيا.

من جهته، يرى المحلل الاقتصادي هيثم دراغمة، أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل مبنية على أساسي سياسي استراتيجي، وأكبر دليل على ذلك تمكن الطرفين من تسوية الخلافات والتوترات التي حدثت عقب اعتداء جيش الاحتلال على أسطول الحرية في عام 2010.

وتوترت علاقات تركيا وإسرائيل بعد مقتل 10 مدنيين خلال مداهمة قافلة “أسطول الحرية” لكسر الحصار عن قطاع غزة، وتصاعد التوتر بعد سحب سفيري البلدين في عام 2018 بعد مقتل محتجّين فلسطينيين على حدود القطاع.

ويقول دراغمة في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، إن تركيا ترى في إسرائيل منفذاً مهماً للخروج من عزلتها بعد تراجع علاقاتها مع دول الشرق الأوسط وأوروبا خلال السنوات الأخيرة، وقرب انتخاب 2023 المصيرية.

ويضيف دراغمة أن إسرائيل تبقى شريكاً تجارياً هاماً لتركيا مع استيرادها ما يصل إلى 12%، مقابل صادرات إسرائيلية لأنقرة تصل لقرابة 7%.
وبلغت قيمة التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا العام الماضي، قرابة 1.8 مليار دولار أمريكي، وفق إحصاءات رسمية.

وتشمل الصادرات التركية الحديد والصلب والمنسوجات والمركبات البرية والبحرية والجوية، والسيراميك والزجاج والإسمنت. أما 85% من الصادرات الإسرائيلية زراعية، وقرابة 49% كيماوية.

ويشير دراغمة إلى أن العلاقة الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل مبنية على أساس سياسي، مؤكداً أنها لا يمكن أن تصل للقطيعة في ظل وجود منفعة متبادلة، لاسيما في ملف الغاز.

وسحبت الولايات المتحدة في وقت سابق دعمها لخط أنابيب “إيست ميد” شرق البحر المتوسط، الذي يهدف لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا، في خطوة وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتصار.

وقال أردوغان “إذا كان للغاز الإسرائيلي أن يصل إلى أوروبا، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا عبر تركيا… يمكننا الجلوس والتحدث عن الشروط”.

و”إيست ميد” مشروع مشترك بين إسرائيل واليونان، من المفترض الانتهاء منه في العام 2025 بهدف توفير 10% من حاجات القارة الأوروبية من الغاز.

ويؤكد دراغمة أن “هدف إسرائيل الأساسي من علاقاتها مع تركيا، كسر الهوة مع الفلسطينيين وتجفيف الداعمين لها، وأكبر دليل على الأمر هو أن موازنة تل أبيب تبلغ 400 مليار شيكل، فما حجم العلاقة الاقتصادية مع أنقرة مقارنة بهذا المبلغ؟ وما تأثيرها؟”.

يذكر، أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ زار تركيا للمرة الأولى منذ 18 عاماً الشهر الماضي، ووصف أردوغان الزيارة بنقطة التحول، المهمة لتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهم.