عودة الدعم الأمريكي لفلسطين.. سياسة لتسكين الجبهات وحشد الحلفاء

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:
أقر الكونغرس الأمريكي مساعدة مالية بقيمة 259 مليون دولار إلى فلسطين في خطوة هي الأولى من نوعها منذ قرابة 5 أعوام، عقب وقف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كافة أشكال التمويل (الدعم المالي) للسلطة الفلسطينية في العام 2018.
وأجمع محللون فلسطينيون، أن عودة الدعم الأمريكي بعد قرابة 5 سنوات يأتي ضمن الحفاظ على الدور الوظيفي للسلطة، وتسكين الجبهات في الشرق الأوسط وتصاعد التوتر في أوروبا عقب حرب روسيا على أوكرانيا، ومواصلة الخطة الإسرائيلية للسلام الاقتصادي.
الحفاظ على الحلفاء وتسكين الجبهات
وقال المحلل السياسي إبراهيم أبراش، إن الولايات المتحدة تسعى من خلال إقرار حزم مساعداتها المالية والأمنية لدول العالم للحفاظ على أكبر قدر من حلفائها وتسكين الجبهات الساخنة في ظل اشتعال الجبهة الروسية الأوكرانية.
وأضاف أبراش في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن هذه السياسية تأتي في ظل توقع الولايات المتحدة بطول أمد الصراع في أوكرانيا، ورغبتها بتسكين الملفات السياسية حول العالم لعدم الانشغال بجبهات أخرى، التي يعتبر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من أبرزها.
وصادق الكونغرنس الأمريكي على موازنة العام 2022 بقيمة 1500 مليار دولار، تضمنت حزمة مساعدات مالية للعالم، أبرزها لأوكرانيا بقيمة 13.6 مليار دولار، و(إسرائيل) بقيمة 3.8 مليار دولار، و1.650 مليار دولار للأردن.
وأشار أبراش، إلى أن الولايات المتحدة والأوروبيون معنيون بوفاء السلطة الفلسطينية بالتزاماتها خصوصاً الأمنية منها، ومنع انهيارها في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها.
وتتضمن حزمة المساعدات المالية المقرة من الكونغرس 40 مليون دولار لقوى الأمن وأجهزة إنفاذ القانون في الأراضي الفلسطينية.
لا انعكاسات على العملية السياسية
ولفت أبراش، إلى أن الدعم المالي المعلن لن يكون له انعكاسات إيجابية على العملية السياسية بين (إسرائيل) والسلطة، بالإضافة لعد توفر العوامل للانطلاق نحو أفق سياسي في ظل التصدعات التي يشهدها البيت الداخلي الفلسطيني بسبب الانقسام، وعدم وحدة الموقف العربي، وانشغال العالم بالحرب في أوكرانيا.
استمرار لخطة السلام الاقتصادي
بدوره، قال المحلل السياسي طلال عوكل، إن عودة الدعم المالي الأمريكي بهذه الصورة الكبيرة يندرج ضمن خطة السلام الاقتصادي التي يروج لها الاحتلال الإسرائيلي، ولا تأتي ضمن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع السلطة الفلسطينية، لاسيما على الصعيد السياسي وعملية السلام.
وأضاف عوكل في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن عودة الدعم الأمريكي هو “تساوق” مع خطة السلام الاقتصادي، والإجراءات الأخرى التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لضمان فترة أطول من الهدوء في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال الإعلان عن حزم تسهيلات اقتصادية جديدة من وقت لأخر.
لا تقدم سياسي لمدة ثلاث سنوات
وأوضح عوكل، أن عودة الدعم المالي ليس له علاقة بالأفق السياسي الذي لن يشهد تقدماً خلال الثلاث أعوام القادمة وفق التوقعات، خصوصاً في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نفتالي بينيت، التي ترفض قطعاً الدخول بأي عملية سياسية مع الفلسطينيين.
وأكد عوكل، أن هذه الخطوة تأتي في سياق رغبة الولايات المتحدة بإبقاء السلطة الفلسطينية تؤدي وظائفها كما هي، كون المستفيد الرئيس من ذلك حليفها الأول في الشرق الأوسط (إسرائيل).
وشدد عوكل، على أن الولايات المتحدة لا تتحدث بالمطلق عن الملفات السياسية، لاسيما المتعلقة بحل الدولتين، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، وفتح مكتب منظمة التحرير في واشطن.
دعم مهم لتغطية عجز السلطة
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي طارق الحاج، أن الدعم الأمريكي يأتي بتوقيت هام في ظل إيقان واشطن أن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على الاستمرار بسياسية تقليل النفقات وتقليص نسبة صرف رواتب الموظفين لشهور طويلة.
وقال الحاج في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، إن الدعم الأمريكي مهم لتغطية العجز الكبير في موازنة السلطة وإعادتها للوفاء بدفع رواتب كامل لموظفيها البالغ عددهم 210 آلاف موظف تقريباً.
وأشار الحاج، إلى أن الدعم يتزامن أيضاً مع تحويل الأوروبيين الجزء الأكبر من مساهماتهم ومساعداتهم المالية نحو أوكرانيا في ظل اشتداد الحرب وإمكانية استمرارها فترة ليست قصيرة.
يذكر، أن مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات المالية استيفان سلامة، قال إن المساعدات المالية الجديدة لفلسطين ستصل خلال العام القادم 2023، وستخصص لدعم القطاع الخاص والمجتمع المدني ومؤسسات الأمم المتحدة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن تعهد خلال حملته الانتخابية بإبقاء سفارة بلاده في إسرائيل بالقدس حال فوزه، بالإضافة إلى إعادة التمويل لخزينة السلطة الفلسطينية، وفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية لإجراء حوار مع الفلسطينيين وبذل جهود لإبقاء حل الدولتين قابلا للتطبيق.