أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس أن انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة شكّلت تحولًا تاريخيًا ونوعيًا في مسار القضية الوطنية، وأسهمت في إعادة صياغة الهوية الوطنية الفلسطينية، بعد أن نهض الشعب الفلسطيني من آثار نكبة عام 1948، مقدمًا نموذجًا نضاليًا تحرريًا استثنائيًا أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة السياسية الدولية، وكرّس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وامتلاك قراره الوطني المستقل.
جاء ذلك في بيان أصدره الرئيس عباس، اليوم الأربعاء، بمناسبة الذكرى الحادية والستين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، حيث شدد على أن تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على الأرض الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب عودة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، هو حقيقة حتمية جسدها صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه، ولن تتمكن أي قوة من منع تحققها.
وأوضح الرئيس أن هذه الذكرى الوطنية المجيدة تختزن معاني تاريخية سامية، جسدتها معاناة الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسيمة، إلى جانب تضحيات القادة المؤسسين وشجاعتهم، وفي مقدمتهم القائد الرمز ياسر عرفات “أبو عمار”، وإخوانه من القادة المؤسسين، إضافة إلى آلاف الشهداء والأسرى والجرحى الذين قدموا أرواحهم ودماءهم منذ الانطلاقة في سبيل الحرية والاستقلال.
وأشار عباس إلى أن ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية تبعث رسالة أمل وإصرار، تستمد منها الجماهير الفلسطينية العزيمة لمواصلة النضال الوطني حتى إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، وانتزاع الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وإنهاء آخر احتلال في العالم.
وقال الرئيس إن هذه المناسبة تحلّ في وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، حرب إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا غير مسبوقين في التاريخ الحديث، تنفذهما دولة الاحتلال الإسرائيلي في تحدٍ صارخ للقوانين والشرعية الدولية، ودون أي اكتراث باتفاقات وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني لن يخضع لأهداف هذه الحرب، ولن يغادر أرض وطنه، وسيتصدى بثباته وتجذّره لمخططات الضم والتهجير.
ودعا الرئيس عباس أبناء الشعب الفلسطيني إلى التكاتف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ القضية الوطنية، والحفاظ على المنجزات التي تحققت عبر الكفاح الطويل وتضحيات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، مؤكدًا ضرورة إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية العليا، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبرنامجها السياسي والتزاماتها الدولية.
وأكد أن مسار التاريخ أثبت أن أي مشاريع تستهدف وحدانية الشرعية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير محكوم عليها بالفشل، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني سيُحبط بوعيه كل المحاولات التي تمس وحدته السياسية والجغرافية، مجددًا التأكيد على أنه لا دولة فلسطينية في غزة ولا دولة فلسطينية بدون غزة.
وفيما يخص إصلاح مؤسسات الدولة، أوضح الرئيس أن القيادة الفلسطينية ماضية في تطبيق خطط الإصلاح السياسي والإداري لمؤسساتها الوطنية، باعتبارها الرافعة الأساسية للدولة الفلسطينية المستقلة، وبما يضمن تطوير الهياكل والأطر التنظيمية وتعزيز استدامة عملها، بما يخدم صمود الشعب الفلسطيني ويحافظ على مكتسباته الوطنية.
وفي ختام بيانه، وجه الرئيس تحية فخر واعتزاز إلى أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وبشكل خاص إلى أهل قطاع غزة، مؤكدًا أن غزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية، وأن جراحها ستُضمد، وسيُعاد إعمارها لتبقى رافعة أساسية للمشروع الوطني الفلسطيني. كما هنأ الرئيس الشعب الفلسطيني بحلول السنة الميلادية الجديدة، متمنيًا أن تكون سنة خير وسلام واستقرار، ومؤكدًا أن الفلسطينيين على موعد قريب مع الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.