أدانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين التصريحات والمنشورات الصادرة عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، معتبرة أنها تتضمن ادعاءات مضللة ومحاولات مكشوفة لتزييف الواقع وتلميع سجل حكومته الحافل بالانتهاكات الجسيمة والمنهجية بحق الشعب الفلسطيني، ولا سيما المسيحيين الفلسطينيين ومقدساتهم.
وقالت اللجنة، في بيان صدر اليوم الجمعة، إن ما تروج له حكومة الاحتلال بشأن «حرية العبادة» و«ازدهار الحياة المسيحية» لا يعدو كونه خطابًا دعائيًا زائفًا، يتناقض بشكل صارخ مع الوقائع الميدانية الموثقة، وشهادات الكنائس ورجال الدين، وتقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
وأكدت اللجنة أن المسيحيين الفلسطينيين يعانون يوميًا، كما باقي أبناء الشعب الفلسطيني، من سياسات قمعية ممنهجة تشمل تقييد حرية العبادة والتنقل عبر نظام تصاريح تعسفي يمنعهم من الوصول إلى القدس وكنائسها، خاصة في مواسم الأعياد، إضافة إلى قمع الشعائر الدينية ومنع المواكب بالقوة، كما حدث في الناصرة، والاعتداء على المحتفلين في البلدة القديمة من القدس، في مشاهد موثقة تعكس سياسة ترهيب منظمة وليست حوادث فردية.
وأشارت إلى أن مدينة القدس المحتلة تشهد تصاعدًا خطيرًا في الاعتداءات التي ينفذها المستعمرون بحق رجال الدين المسيحيين، بما في ذلك البصق المتكرر، والتهديد، والاعتداء الجسدي، وتدنيس الرموز الدينية، وذلك تحت حماية قوات الاحتلال وفي ظل إفلات شبه كامل من العقاب.
كما لفتت اللجنة إلى استمرار الاعتقالات والاستدعاءات التعسفية بحق رجال الدين والنشطاء المسيحيين، في محاولة لإسكات الأصوات الكنسية الوطنية، بالتوازي مع الاعتداءات المتكررة على المقابر المسيحية، خصوصًا في القدس، في انتهاك صارخ لحرمة الموتى والقيم الإنسانية.
وأكدت أن سلطات الاحتلال تواصل انتهاك الحقوق المدنية الأساسية للمسيحيين الفلسطينيين، من خلال حرمانهم من لمّ الشمل والإقامة بموجب ما يسمى «قانون المواطنة»، إلى جانب التمييز القانوني والمؤسساتي ضد المسيحيين العرب داخل إسرائيل، فضلًا عن حملات التحريض والاستهداف الإعلامي الممنهج ضد الكنائس ورجال الدين.
وتطرقت اللجنة إلى جريمة هدم كنيسة القديسة بربارة ورفض سلطات الاحتلال إعادة بنائها حتى اليوم، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي في خلة سمعان ومنطقة المخرور في بيت جالا، وما تتعرض له مناطق بيت ساحور وبيت لحم وبيت جالا من سياسات خنق جغرافي واقتصادي ممنهجة.
كما أشارت إلى استمرار الاعتداءات الخطيرة في بلدة الطيبة، بما في ذلك إحراق ممتلكات المواطنين المسيحيين أكثر من مرة، إلى جانب استهداف الكنائس في قطاع غزة، والذي أدى إلى سقوط ضحايا من المسيحيين اللاجئين داخل الكنائس خلال حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على القطاع.
وأكدت اللجنة أن فرض الضرائب الجائرة على الكنائس وممتلكاتها يشكل خرقًا فاضحًا للوضع القائم والاتفاقيات الدولية، ويترافق مع تمييز ممنهج في مجالي التعليم والخدمات، لا سيما بحق المدارس المسيحية في المدن العربية الفلسطينية.
وشددت على أن التراجع المؤلم في أعداد المسيحيين الفلسطينيين، خاصة في مدينة بيت لحم، ليس نتيجة ظروف إقليمية عامة كما يُروَّج، بل هو نتاج مباشر لسياسات الاحتلال من استيلاء على الأراضي، وهدم للمنازل، وخنق اقتصادي، وحرمان من الحقوق الأساسية، ما يدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية.
وأعربت اللجنة عن رفضها القاطع لاستغلال الأعياد والمناسبات الدينية، وعلى رأسها عيد الميلاد المجيد، كمنصات دعائية لتبرير الاحتلال وجرائمه، مؤكدة أنه لا وجود لحرية دينية حقيقية في ظل الاحتلال، وأن الميلاد في فلسطين سيبقى رسالة حق وعدالة وسلام مرتبطة بنضال الشعب الفلسطيني.
ودعت اللجنة الكنائس والمؤسسات الكنسية حول العالم، والقادة الدينيين، والمؤسسات الحقوقية، إلى عدم الانجرار وراء الروايات المضللة، والاستماع إلى صوت الكنائس المحلية في فلسطين، وتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية في حماية الوجود المسيحي الفلسطيني وصون المقدسات.
واختتمت اللجنة بيانها بالتأكيد على أن محاولات إسرائيل تقديم نفسها كـ«حامية للأقليات الدينية» باتت سياسة مفضوحة، مشددة على أن الحقيقة لا يمكن طمسها بالتصريحات، وأن العدالة لا تتحقق إلا بإنهاء الاحتلال ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات.